(الزائر)
كان مساء ...جوه ماطر
حين تسرب من ثقب أذني
قرع ٌ وكأنه..نقر طائر
من ناحيةِ الباب ِأتاني
يعلو..ويبعثر أذهاني
فأنا غارقة في مكاني
أتغرغر بسؤال حائر
بسؤال يبتلع لساني
من يا ربي..تراه أتاني؟!
فأنا لا أتوقع زائر..
أكيد أنه شخص عابر
وفتحت لألمحه أمامي
مرسوم كطيوف مقابر
ووقفت على تل حطامي
أحدق فيه بشوق غامر
صامتة ً..والصمت كلامي
أتسأل في شك ٍ كافر
أهذا وجه حبيبي أمامي؟!
ثم أجيب بنفي ساخر
كلا...
إن حبيبي مسافر
***
أحقا ً...
هذا حبيبي جواري؟
أم أن هذه الأعيب ساحر؟
أحقا ً...
فإني ظننت انتظاري
طريق ٌيمتد..بلا آخر
أحقا ً...
هذا وجه حبيبي ؟
عاد كسرب إوز مهاجر
عاد وحط بعش جبيني
لينقر جمجمتي كالذخائر
أحقا ً...
عاد إليّ صغيري ؟
ليرسم في جلد ظهري دوائر
ليقطف نهدي حين يجوع
ويلعقه ..كبوظة ٍ أو سكاكر
***
مضت سنتان وخمسون يوما
منذ أبتاع حبيبي التذاكر
منذ أخذته الرياح..ليبقى
مكانه في غرف البيت شاغر
هنا كان يغفوا حبيبي قليلا ً
وهنا..كان يرص الدفاتر
هنا كان يبدوا حبيبي جميلا ً
بأقصى الأريكة يهذي كشاعر
هنا كان عطر حبيبي ليلا ً
يطوف كما الطفل حول السرائر
هنا كان يبحر في ماء عيني
وكأنه السندباد المغامر
يغطس فيها عميقا ً..عميقا ً
ثم يعود بشتى الجواهر
يعود بكنوز كسرى إليّ
بصناديق ..عقود وأساور
هنا كان يأخذني للمقاهي
يسابقني في التهام الشطائر
ويعصر في شفتيه شفاهي
ليملى أقداحه بالعصائر
هنا كان ينقش بالكحل نهدي
ويدهنه بطلاء الأظافر
ويدخل عبر مسامات جلدي
ليذبح أوردتي كالخناجر
هنا كان مثل شموس النهار ِ
يحرسني من وراء الستائر
هنا كان صوته كالكناري
يفت ضلوعي إذا ما يحاور
كأغنية ...يبادلني حواري
بأسلوبه الحضاري المعاصر
يقص عليا حكايا الصغار ِ
ويكسر كآبتي بالنوادر
هنا تركني أحن إليه
وأندب حظا ً في الحب عاثر
هنا خلفني ابكي عليه
اشق الثياب.. اشد الضفائر
طوال النهار أفكر فيه
وانظم عند المساء خواطر
أفتش في غرفتي عن يديه
..تلملم شعري ّ المتناثر
أتلفت علّي أرى شفتيه
تغلفني بدخان السجائر
وأسأل طيور الحي إذا ما..
رأته يزور مكان مجاور
على عتبة الباب طال انتظارٌ
وجفت عيونٌ وراء الستائر
أحدق في وجوه المشاة..
لعلي أراه في وجه عابر
ثم أعود إلى تخت حزني
كخيل ٍ يعود من الحرب خاسر
عامان..
انتظرت رجوع حبيبي
أعيش بأنقاض قلب مكابر
واليوم ..عاد ليطرق بابي
كساعي البريد يزف البشائر
فيا ألف أهلاً بوجه حبيبي
يا ألف أهلاً بأروع زائر
أنا لحبيبي نذرت جنوني
يغيب فيبقى غرامه حاضر
أنا لحبيبي فرشت جفوني
سريراً من ذهب وحرائر
فيا ليته يبقى في عيوني
ويا ليته أبداً لا يغادر
شعر/ عمر محمد إسماعيل (زير المحبة)
Bookmarks