الحمد لله الذي جعل معالجة العلل في الاستمساك بعروة الاسلام الوثيقة ، وصلاح الاحوال الظاهرة والباطنه في سلامة منهج الشريعة ، من اخذ بها صابرا محتسبا نال الثواب ورسخ منهج السنة والكتاب ومن حاد عنها ابتلي بضيق الافق وتعقيد المواقف وعلة الاضطراب والصلاة والسلام على جامع الشروط العالمية المشروعة ، وحامل لواء المحجة الممنوعة ، سيدنا محمد بن عبدالله رسول الله هادينا الى الحكمة المودوعة والموعظة الحسنة المسموعة وعلى آله واصحابه الاكابر الاوفياء وعلى من تبعهم باحسان الى يوم العرض على الديان
( وبعد ) فان مدارس اهل السنة والجماعة ذات الصلة المباشرة بكتاب الله وسنة رسوله جديرة باحياء موقف ( القواسم المشتركة بين اهل الملة الواحدة )
والعالم الاسلامي بعمومه يحتاج من المسلمين ( وقفه جاده ) بعد طول اغتراب وبعد مفجع عن معاني السنة والكتاب وخاصة في مسألة ( الاجتماع والنظر الى بعضنا البعض عن موقع الاصل الاول نصا وموقفا ) .
فالاصل الاول ينقسم الى ثوابت ثلاثة :
1- كتاب الله وسنة نبيه وهي مرجعية النص ( في القاسم المشترك بين العموم) قال تعالى (( ادفع بالتي هي احسن فاذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * ومايلقاها الا الذين صبروا ومايلقاها الا ذو حظ عظيم )) وقال تعالى ( يايها اللذين آمنوا لايسخر قوم من قوم عسى ان يكونوا خيرا منهم ولا نساء من نساء عسى ان يكن خيرا منهن ولاتلمزوا انفسكم ولا تنابزوا بالالقاب بئس الاسم الفسوق بعد الايمان ومن لم يتب فؤلئك هم الظالمون ))وقال تعالى (( ان اكرمكم عند الله اتقاكم )).
2- مواقف الرسول ومواقف عدول الصحابة وهي مرجعية المواقف كموقف الرسول من ابي ذر لما يعير بلال بأمه فقال لأبي ذر ( انك امرؤ فيك جاهلية ) وقوله لسيدنا عمر عندما نازعه احد الصحابة في آية من كتاب الله ضرب الرسول على صدر عمر وقال (( اخرج شيطانا)) وقوله (( كلكم لآدم وآدم من تراب )) وقوله في حق النساء (( النساء شقائق الرجال )) وقوله (( استوصوا بالنساء خيرا فانهن عوان لكم )).
3- قواسم الاسلام المشتركة وهي مرجعية ما بعد مرحلة الوحي كمواقف الامام علي مع الخوارج وكمواقف الامام الحسن بن علي مع معارضية وموقف الامام علي زين العابدين بن الحسين من المرحلة ورموزهاوهناك الكثير من اعمال التعبد التي جعلها الله تعالى مظهر للقواسم المشتركة للامة كالصلاة الواجبة والجمعة والكسوف والخسوف والعيد وتأتي على قمتها اعمال الحج والعمرة فالقواسم المشتركة ظاهرة فيها بوضوح .
والذين يصرون على تأ صيل الحوادث وبناء المواقف ضد بعضهم البعض من خلال ما طرأ بعد رسول الله من اجتهاد – في النصوص – يحتاجون الى شيءمن التأمل في قاعدة الاصل الاول داخل النص ذاته ، وهي ما عبر عنها بسنة المواقف ، والمواقف هي
( سلوك صاحب السنة إبان تعميد النص وبدء العمل به كسنة ) وهي أيضا ( سلوك اصحابه وخلفائه من بعده في اشد مواقف الفتنه ، واسلوب الاخذ بالمبادرة لتلافي الكوارث المتوقعه .فهناك في ( مرحلة التأصيل ) نماذج من السنة سكت عنها طويلا ولم تناقش بتعمق وتبصر ، وربما كان الوقت غير محتاج للنظر فيها اعتمادا على ماقرره العلماء والاصوليون عن مدلول السنة بقولهم ..كل ماثبت عن رسول الله من فعل او قول او تقرير او دلاله ....الخ ....
او كما ثبت عن الاصوليين عند الاستدلالات كتاب الله وسنة نبيه والاجماع والقياس وما تلاهما عند اهل المذاهب .
وقد امتلاءت كتب الاصول والفروع بهذه الاستدلالات والقياسات وتبارى العلماء الاكابر في مااتسع لهم فيه الفهم الشرعي من هذه الاصول .
واسهمت مراحل الدولة الاسلامية المتقلبة سلما وحربا اجتماعا وافتراقا نصرا وهزيمة ( على خدمة العلوم الاسلامية واصولا وفروعا ) ضمن المذهبية الواسعة ، سواء مذاهب السواد الاعظم من المسلمين او المذاهب الشاذة ذات الصلة بالقواعد الاولى نصا وسندا .
وبما اننا اقل معرفة وادراكا من علماء تلك المراحل الاولى فليس لنا حق في تناول مسألة ( سنة المواقف ) لان اولئك هم اهل المواقف بلا شك ولكنا نستطيع ان نفتح ( ملف المسلمين المعاصرين بعمومهم ) في عصرنا هذا لننظر في كافة المذاهب الاسلامية والجماعات والتيارات والاحزاب والفرق على مختلف مسمياتها ومراتب قربها او بعدها عن منهجية الكتاب والسنة فاننا سنجدها تعيش حيرة ذات ثلاث شعب :
1- حيرة في علاقتها بما استحدث من مسائل المعرفة والعلم النظري وصعوبة تبريرها وملاحقتها لارتباط قرارها بأكلة القصعة .
2- حيرة في مايبرز من تجاوز الاحداث والاغرار لضوابط العلم المذهبي والنيل منه .
3- حيرة في انتقال المذهبية الشعبية الى مستوى ( الهندسة السياسية المتمرحلة ) واصل هذه المشكلة في
( مرحلتنا المعاصرة ) تعود الى ( سحب بسط القرار الاسلامي الواحد الذي كان يحمي المدرسة المذهبية بعمومها ، وبروز القرار العالمي المعاكس الذي حول ( مسألة الاختلاف الفقهي – الى قادح عقائدي وسلوك بدعي ) نتج عنه لون جديد من العلاقات السلبية بين اهل الاسلام .
ولسنا بصدد ادانة احد بعينه في مرحلتنا هذه ، فما نحن فيه كاف ووجب تجاوز مسألة الادانات وتبادل الاهانات الى ماهو اجدى وانفع انما نحن بصدد ( نفخ الروح في صور الامة المتمزقة ، واحياء مبدأ القواسم الاسلامية المشتركة لجمع هم الاشتات مهما اختلفوا على ادنى مطالب ( الاسلام) في سنة المواقف فالاجيال المعاصرة –لاتدرس الاسلام ( على اساس القواسم المشتركة ولا تلتزم المذهبية على اسا س توازن المذهب مع نده مثلة باعتبار الاصول الواحدة كتاب الله وسنة نبية وانما تدرسه كفقه مقارن لتجاوز مراحل الاختيار في المستويات العليا ، وتقرؤه كفروع معقدة في المستوى الشعبي الادنى لأقامة العلم الفرض الواجب مع تعصب مقيت واجتهادات بدعية( في الاحكام والعقائد ) لدى بعض
( اتباع المذهبية المسيسه ) في واقعنا المعاصر ، كما اشرنا اليه في ( الشعب الثلاث) الآنفة ومن هنا تحولت المذهبية المعاصرة الى كتل فكرية ذات ابعاد خطيرة في الحاضر والمستقبل .
ان ارتقاء عقلاء الامة الى احياء سنن المواقف في هذة المرحلة العصيبة امرها هام جدا وضروري جدا .. ومن اهم سنن المواقف بمبدا ( القواسم الاسلامية المشتركة ) .
تعريف (مبدأ القواسم الاسلامية المشتركة) :
يأتي هذا التعريف ( للقواسم) من خلال المعاصرة للاحداث والتحولات الانسانية بين عصر البعثة والرسالة الى عصر الغثائية والوهن – العصر الذي اجتمعت فيه ( قوى الشر ) على ( احباط الامة الاسلامية في كل مقوماتها
التاريخية والشرعية ) وضربت فيه إسفين العداء بين ( الفئات والجماعات والمذاهب ) على اساس السياسة المعروفة ( فرق تسد) والفرقة – هي ضد الاجتماع والاجتماع على الصورة المرجوة شرعا امر يشبه المستحيل ان لم يكن هو بعينه ( في ظل الظروف الحاضرة ) ولكن الاسلام دين السماحة والمرونة واليسر والسهولة ، وكما قيل الحق سبحانه وتعالى من هذه الامة في آخر زمانها عشر ماجاء به السلف الصالح في الاعمال لتحقق النجاة فان ( ابتعاث مبدأ الاجتماع النسبي على قواسم الاسلام المشتركة ) داخل اطار الشعوب وخارج دائرة التسييس عامل هام في طريق النجاة واجتماع الكلمة وهذا امر يوكل الى ( عقلاء الامة) وعقلاؤها فقط .
وبالنسبة لما دون ذلك يجب ان تشاع بينهم ( قواسم الاسلام المشتركة ) من خلال اتساع المشاهد العلمية والاجتماعية . وتجاوز التوتر والانفعال المفضي الى النزاع المذهبي والخلاف الاعتقادي ، بقيام العلماء والدعاة ومدرسي الحلقات الفقهية والحديثية بما من شانه ان ( يفتح باب الاعذار لكل ذي مذهب ان يعمل بمذهبه وكل صاحب قول مسند ان يعمل على مادرسه وتعلمه .. ولكن دون نقض لاعمال الغير او تدخلا مباشر في ابطال اعمالهم اللهم ان كان ( السؤال او الاعتراض ) من باب الاستفادة او معرفة اصل الدليل عند الحاجة والضرورة
وبهذا النمط في التعامل يبدأ ( المسلمون على اختلاف مذاهبهم واقوالهم) يتجهون الى ماهو اوجب عليهم المناقشة فيه والعمل به بديلا عن الاقتتال والمنازعة في فروع المسائل وحواشي الاقوال ، ولنتذكر ان تسعة من عوام المسلمين قتلوا في احدى قرى اليمن يوم عيد الفطر نتيجة اختلافهم حول مسألة التكبير (على اي قول يكبرون من اقوال المذاهب )فكان ذلك كفيل بنزاع دام افضى الى كبيرة من الكبائر بين فريقين متعصبين .
وهذة علة عصرنا .... ومشكلة حاضرنا في ديننا ...
ولاحول ولا قوة الا بالله العلي العظيم ....
والله المستعان .......
Bookmarks