طرح السؤال ولم يفز بجواب
ونما السؤال بخاطر المرتاب
بالله يا أم الجنين تعطفي
واشفي الغليل بحكمة وصواب
إني هنا في ظلمتي متعطش
للنور في إشراقه المنساب
وتملكت بالأم شبه غمامة
غمرت فضاء سمائها بسحاب
أتقول قولا صادقا لجنينها
أم تستكن لحيرة وعذاب ؟
قال الجنين لامه : يا أم قد تعب الفؤاد ولم تف بلباب
أهي الحياة سعادة ورفاهة أم خدعة ملفوفة بسراب ؟
وبدا على الأم اكتئاب هزها بتوتر وتشنج الأعصاب
نطقت وصاحت .. يا بني قتلتني ورميتني في مقلتي بحراب
إن الحياة عجيبة ورهيبة
أسرارها مطوية ككتاب
فإذا سعيت لنيلها ودفعت مهرها غاليا
خدعتك مثل سراب تركتك وحدك خائرا متهالكا
مثل الفريد من القطيع بغاب ضل القطيع وظن انه آمن
فغدا طريد ثعالب وذئاب
ولقد تراها كالملاك براءة
تسبي العقول بسحرها الجذاب
فإذا اقتربت تمنعت وتراجعت
ولو ابتعدت لنلت شر عقاب
هي هكذا ، تضع الرفيع من السّما
وتزجه بغياهب السرداب
أما الوضيع فيرتقي بمقامه
إن كان وغدا أو سليل كلاب
هذا مقالي يابني سمعته
ولك الخيار ، ففز بخير طلاب
سكن المكان طواه صمت مطبق
شل العقول وغاب بالألباب
وبدا على الأم ارتخاء حالم
واستسلمت للواحد الوهاب
وتدحرجت من خدها قطرات دمع
دافئ مجهولة الأسباب
أما الجنين فلا حراك ببطنها
فكأنه لم يلق أي جواب
ومضى الزمان يسير سير مكبل
فإذا القليل يمر كالأحقاب
حتى تمزق فجأة صمت الدجى
وعلى صراخ الأم فوق سحاب
وتتابعت صرخاتها ، وتضرعت
وتوسلت للخالق الوهاب
أن يستجيب لغوثها وصراخها
ويحط عنها من ثقيل عذاب
وتصاعدت من بعد صرخة قادم
قبل الحياة ورام خوض صعاب
قدم الوليد وشاع بشر عارم
فكسا الوجوه بفرحة الترحاب
هي هكذا سنن الحياة وشرعها
فرح جزيل أو جليل مصاب .
Bookmarks