عادل الجحيفي ـ جدة (السعودية)
كل انسان لديه من (دلو) الاحلام ما قد يقوده إما الى تحقيقها وجعلها مادية وواقعية، وإما الى ابقائها حلما يرسل اشارات الامل على اسطح السحاب. وفي الحالتين تبقى الارواح في قمة السعادة لأنها ما زالت ترى بصيص النور ينبعث من اضيق الابواب، وقد يشع عليه نور الحظ في يوم من الايام.
الاحلام تلعب دوما دورا رئيسيا في علاج آلام الناس من الداخل، حيث تكون الاجساد في معظم الاحيان حبلى بالعذاب النفسي المزمن. ولكن متى تصبح هذه الاحلام كوابيس تحبط وتقتل اصحابها؟
هناك شخص يمسك بيده دائما مذكرة يكتب فيها وقائع حياته في جزئها الاخير وذلك كي تبقى رسما لجانب انساني، وفي كل مرة ينظر فيها الى بقية الناس من خلال الشباك الصغير الذي يطل منه على الشارع، يعرف انه سوف يمضي في هذه الغرفة بقية حياته، ومن خلال الشباك يعرف كيف تقود الناس مركباتها لكي تقضي حوائجها، وحينها يتذكر كيف قاد نفسه الى قبر يومي يمشي اليه بخطوات متثاقلة وبحالة مؤلمة، يدقق في اوجه وملامح احلامه ليجدها تبتسم والدموع تترقرق من عينيها، تشير بيدها الى قرب الرحيل.
حينها يدرك ان احلامه يستحيل تحقيقها كما احلام غيره من الناس، وحينها يبدأ بكتابة هذه الوقائع مسلما روحه لحبر القلم والتقرب لرب العباد.
هذا الشخص، لم يكن الا انسانا اصيب بفيروس الايدز، ينظر خلال الـ24 ساعة في اليوم طيلة 7 ايام في الاسبوع من شباك غرفته في المستشفى، متمنيا لنفسه الموت كل لحظة بدلا من المعاناة التي يواجهها، معتبرا احلامه احلاما طائرة بأجنحة مكسورة تنزف الدماء من جروحها ولم يبق إلا القليل لسقوطها. لقد استطاع الايدز ان يحطم اهم اركان طموحه وعزيمته وهما: النفس والجسد.
المقاله تم نشرها في جريدة الشرق الأوسط الدوليه وتجدونها في هذا الرابط :
http://www.asharqalawsat.com/details...661&issue=9802
Bookmarks