من الأدلة التي تجيز الخروج على الحاكم الظالم :::::: الدليل الخامس:
قال الرسول صلى الله عليه وسلم أفضل الجهاد كلمة حق عند سلطان جائر).
وجه الدلالة:-
إن من المعلوم لجميع الناس مشقة الجهاد في سبيل الله على النفس وذلك لما فيه من خطورة ذهاب النفس ومفارقتها للحياة الدنيا ولذلك كانت هذه الشعيرة من أفضل الأعمال عند الله سبحانه وتعالى بسبب ما يبذل فيها المسلم م...ن ثمن عظيم مقابل إعلاء دين الله والذود عنه. فإذا كان ثمن مجاهدة الكفار لإعلاء كلمة الله عظيماً وجزاءه الجنة , فمما لاشك فيه أن هذا الفعل -وهو نصح الإمام الذي جعل افضل منها- أعظم أجراً و مثوبة من مجاهدة الكفار وذلك بسبب أن هذا الفعل- وهو نصح الإمام وتوجيهه وأمره بالمعروف ونهيه عن المنكر- علانية أمام الناس لبيان عظم هذا الذنب المقترف وعظم المعصي وانه ليس له مهابة من دون الله . خاصة وأن بعض الحكام لا يمكن أن يرعوون عن غشيانهم للمنكرات ويتوقفوا عن فعلهم للمعاصي حتى يتبين ذلك للناس. وهذا في المنكرات الظاهرة كظلم العباد وعدم العدل في تقسيم الثروة واضطهاد المساجين ونحو ذلك من المنكرات العامة , أما منكراتهم الخاصة التي يفعلونها في مجالسهم الخاصة ومنتدياتهم المغلقة, فذلك مما لا يلزم المسلم الإنكار عليهم فيه, لأنه لم يطلع عليه ولانهم لم يجاهروا فيه فلا يجوز له ولا لغيره التجسس على الحكام ولا غيرهم, لأن التجسس محرم عند الله بنص القرآن والسنة , أما المنكرات الظاهرة أمام عموم الشعب فإنه ينبغي إنكارها علناً ولا يجوز الإسرار بها, لأن الأسرار بالنصح قد يجرأ الحكام على الاستمرار بها كما أنه يجرأ عوام الأمة على ممارستها خاصة حينما لا يعلمون أن الناس ينكرون على الحاكم فعله ذلك, فهم يقولون في أنفسهم إن الحاكم يقوم بهذا الفعل والعلماء وطلبة العلم يرون فعل هذه المنكرات ولا ينكرون عليه وهذا يدل على إباحة فعل هذه الأفعال وعدم حرمتها. وقد يعرض الناس في مثل هذا التفكير, خاصة مع وقوعه حقيقة حيث بدأ الناس يستمرؤن ممارسة هذه المنكرات بحجة فعل السلاطين لها ورضاهم عن وجودها ولم يسمع أن أحداً في يوم من الأيام قال إن هذه الأمور منكرة ولو فعلها السلطان, لأن طلبة العلم والعلماء وأهل الحل والعقد ينكرون هذه الأمور على السلطان ذلك سراً.
الدليل السادس:
قال صلى الله عليه وسلم (إذا رأيت أمتي تهاب من أن تقول للظالم: يا ظالم فقد تودع منها)
وجه الدلالة:-
أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى أمته أن تهاب الإنكار على الظالم بل وأضاف صلى الله عليه وسلم أنها إذا وصلت إلى هذه المرحلة فقد تودع منها. ومن المعلوم أنه لا يهاب إلا من صاحب الغلبة والقوة والسلطان ومعنى هذا أنه لا يجوز لأحد أن يتهيب من مناصحة أي شخص كان مهما يبلغ في قوته وجبروته وطغيانه, بل يجب مناصحته ومصارحته بأنه ظالم , لأنه إذا استمر بظلمه وعدم إيقافه عند حده في ذلك فإنه سيؤدي إلى أن يتودع من الأمة لتقصيرها في هذه الشعيرة العظيمة في إنكار المنكرات العامة .
وهذا عام في جميع من ظلم بأنه يجب في مناصحته مهما بلغ سلطاناً وقوته وانه ليجوز ترك ذلك خوفاً من بطشه وطغيانه ومن ذلك الحاكم إذا أشتد على الناس قوةً وبطشا.
الدليل السابع: (لتأخذن على يد الظالم ولتأطرنه على الحق أطراً، ولتقصرنه على الحق قصراً، أو ليضربن الله على قلوب بعضكم على بعض ثم ليلعنكم كما لعنهم)
وجه الدلالة:-
أمر واضح وجلي من النبي صلى الله عليه وسلم بالأخذ على يد الظالم وأطره ورده وثنية عن التمادي في الباطل وإلزامه بالاقتصار على الحق فإذا لم تفعل الأمة ذلك حزب الله قلوب بعضهم على بعض ثم لعن بقية هذه الأمة كما لعن ألئك الظلمة المتجاوزون لحقوق الله تعالى.
وهذا نص عام في جميع الظلم من هذه الأمة يدخل في ذلك كل من ظلم الأمة أو أحد أفرادها في شي فإنه يجب إيقافه عند حده وإلزامه بالحق وثنية عن الاستمرار في ظلمة سواءً كان حاكماً أو محكوماً وإن كان من المعلوم أن الظالم لا يستعجل ظلمه ويتجاوز إلا إذا كان صاحب قوة وعلية وبطش ومال أو جنده أو حيلته. ويجب إيقاف هذا الظلم بأسرع وأنفع الطرق المؤدية إلى ذلك سواءً كانت بالنصيحة العلنية أو السرية وإن كانت العلنية أكثر فائدة وأسرعاً نفعاً لأن الظالم الذي استجاز الظلم قد لا يرعوى بنصحه سراً بل قد يتعدى على من نصحه سراً ويؤذيه في بدنه أو ماله بخلاف النصيحة العلنية فإنه قد يتهيب هذا الظالم إيذائه لأنه ستعلم هذه الأمة سبب إيذائه, وأنه بسبب نصحه للحاكم وتكون بذلك أحد الدعائم القوية لحمايته من إيقاع الظلم والعذاب عليه من قبل الحاكم. وذلك لأن السلطة مسئولة عن تصرفاتها من قبل الأمة
الدليل الرابع:
قال الرسول صلى الله عليه وسلمسيد الشهداء حمزة بن عبد المطلب ورجل قام إلى إمام جائر فأمره ونهاه فقتله).
وجه الدلالة :-
أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل أفضل الشهداء حمزة بن عبد المطلب رضي الله عنه ورجل وقف أمام سلطان جائر فأمره ونهاه فقتله.
وهذا الحديث لا يفيد أن مناصحة الحكام والسلاطين سنة فقط , بل يبين منزلة من قام بهذا الفعل الواجب, والذي لا يقدر عليه إلا من عظم الله وقدره واستحضر خشيته وهون في نفسه بطش البشر وعذابهم له , فعظم الله عنده أنساه وخفف عنه ما قد يخشاه من بقية البشر واستحضر ذلك فقام مناصحاً للحاكم وآمراً له بالمعروف وناهياً له عن المنكر حتى ضاق مثل هذا الحاكم بنصحه وأمره ونهيه فقتله .
أن تصور مثل هذا الموقف يبين كيف أن من فعل هذا الفعل قد حقق التوحيد الذي جاء في كلمة الإخلاص (لإله إلا الله) حقق التوحيد بأنصع صورة حيث شعر ظاهراً وباطناً بأنه لإله إلا الله, فلا نافع ولا ضار, ولا رازق ولا واهب ولا معطي ولا مانع ولا محيي ولا مميت إلا الله فصغر الخلق في عينه,وكبر وعظم الله فيها ,فهان عذاب الدنيا عنده مقابل تحقيقه لعبودية الله وإخلاص الدين له وحده , ألا يستحق من كانت خشيته لله تعالى ومهابته في قلبه بهذه المنزلة حتى أدت به إلى أن يفقد حياته , ويغادر هذه الحياة الدنيا إخلاصاً لله ألا يستحق أن يكون من أفضل المجاهدين بل هو سيد الشهداء مع حمزة بن عبد المطلب
Bookmarks