بسم الله الرحمن الرحيم ..
و الصلاة و السلام على أشرف الأنبياء و أتم المرسلين ، أما بعد ***
كما هو متعارف عليه بين الأمم ، أن الجهل أكبر معين لتدمير الشعوب و هدم الحضارات ، و لكن عندما يتجاوز الجاهل مرحلة الجهل بحيث لا يعرف مدى إنحطاط علمه و فراغ عقله و قلة إدراكه و عجزه عن إتخاذ موقف مبني على الرؤية المستقلة بدون رؤية الآخرين ، يكون أشد خطرا و أعظم مصيبة على مجتمعه .
و لعل أبرز تلك الفئة في مجتمعنا هم فئة المكفرين الذين يتحدثون و يطلقون الفتاوى و الآراء بهمجية لم أشهدها في المناهج المنحرفة الأخرى .
فهؤلاء - أيها الإخوة - لا يتوقفون عن تكفير من لا يتطابقون معه في وجهة النظر ، و في أحسن الأحوال لا يتورعون عن تفسيقه و رميه بمختلف الإتهامات و كأن في أيديهم حلقة مفاتيح الجنة و النار .
هذه الفئة - أيها الإخوة - يضفون طابع القداسة على بشر فيلتزمون بكل كلمة ينطق بها ، بل و يتجهون إلى إلزام الأخرين بكل كلمة ينطق بها شيخهم المقدس - وأنا هنا لا أعني أي مذهب أو شيخ بحد ذاته (: - و ألف ويل لك إن لم تقتنع بقول شيخهم ، لأن كلامه بحد ذاته نص يستدل به، أما الأساس الذي بنى عليه الفتوى فهو غير مهم !! ،
و مليون ويل لك إن إقتنعت بإحدى فتاويه التي تدين منهجهم التنفيري التكفيري بدون أن تقتنع بكامل كلامه ، فهذه بحد ذاتها - في وجهة نظرهم - تهمة ثابته .
هؤلاء يرون في من يطالب بتحسين وضع المرأة وفق أساس ديني لا يحيد عنه قيد أنملة ؛ أنه مجرد فاسق تافه عبد لشهواته موال للغرب و عبد لتطلعاتهم ، و لا ريب !! فهم خير ورثة لمن عادى تعليم المرأة ، و أفضل خلفاء لمن يرجف رعبا و خوفا و غباء من كل جديد ، و أفضل قواد للتخلف و الرجعية و الهمجية ، حتى أصبح مجرد كلمة تفتح عندهم تهمة يرمى بها الأخرين !! .
فعقولهم مجرد قمامة - وأسف على قول هذه الكلمة ولكن لم اجد البديل لها - لا تستطيع إحسان الظن بالأخر - كما أمرنا الرسول صلى الله عليه و سلم - و ذاكرتهم تطفح بكثرة المشاكل و تعدد المأسي مما سبب لهم نكسات نفسية جعلتهم لا يفتأون تشكيكا في خلق و قول رجل لم يقاسمهم تلك المشاكل ، وهذا حال بعض منهم أما البعض الأخر فقد تأثر بعاطفته العمياء بتلك القمامة فأصبح منهم بل و في طليعتهم .
وفي ظل تلك العقلية التافهة الغبية لم يعد الناس يألفون بضاعتهم القديمة عديمة الطعم و اللون كما كان قديما ، و بدأ الناس يسأمون من تجبرهم و تسلطهم و غبائهم المركب ، مما جعل الناس يبحثون عن بضاعة أفضل ، و لكن تلك العقليات الغبية تمارس أعتى و أجبر أنواع الإحتكار فترفض تواجد غيرهم ، لأنهم يدركون أن بضاعتهم أقل شأنا و أضعف قدرة على المنافسة ، مما ينذر بردة فعل عكسية ضدهم أخشى أن تصل لما وصلت إليه ردة الفعل لدى الأوربيين تجاه الكنيسة المتسلطة في العصور الوسطى ..
الله من وراء القصد (:
Bookmarks