بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد الله حمدا كثيرا وسبحان الله بكرة وأصيلا والصلاة والسلام على سيد المرسلين سيدنا وحبيبنا محمد صلى الله عليه وسلم
قال تعالى[ ولله الأسماء الحسنى فادعوه بها وذروا الذين يلحدون في أسمائه سيجزون ما كانوا يعملون]
وثبت في الصحيحين عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال(( إن لله تسعة وتسعون أسما مائه إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة)) وأحصاها أي حفظها وفهم معانيها ومدلولها ودعاء الله بها
وقبل التطرق لأسماء الله وصفاته سنبين بعض الأمور التي يجب معرفتها
1- أسما الله تعالى توقيفية لامجال للعقل فيها وعلى هذا فيجب الوقوف فيها على ما جاء به الكتاب والسنة قال تعالى[ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك عنه مسؤلا]
2- الإيمان بالاسم والإيمان بما دل عليه الاسم الإيمان بما يتعلق به من الأثار
3- إن ما يوصف به الرب ينقسم لعدة أقسام
أولها : ما يرجع إلى نفس الذات كقولك ذات وموجود
الثاني: ما يرجع إلى صفات معنوية كالعليم والقدير والسميع
الثالث ما يرجع إلى أفعاله نحون الخالق والرزاق
والرابع :ما يرجع إلى التنزيه المحض ولابد من تضمنه ثبوتا إذ لاكما في العدم المحض كالقدوس والسلام
الخامس : وهو ما يدل على جملة من الأوصاف لا تختص بصفة معينة نحو المجيد العظيم الصمد فأن المجيد ما أتصف بصفات متعددة من صفات الكمال
السادس : صفة تحصل من اقتران أحد الاسمين والوصفين بالأخر وذلك قدر زائد على مفرديهما نحو الغني الحميد , العفو القدير , الحميد المجيد
4- أسما الله كلها حسنى وكلها تدل على الكمال المطلق والحمد المطلق وكلها مشتقه من أوصافها فالوصف فيها لا ينافي العلمية والعلمية لا تنافي الوصف ولها ثلاث دلائل
الأولى : دلالة المطابقة إذا فسرنا الاسم بجميع مدلوله كالرحمن دلالته على الرحمة والذات دلالة مطابقة
الثاني: دلالة تضمن إذا فسرناه ببعض مدلوله أيضا الرحمن حيث أن دلالته داخلة في الضمن ودلالته على الأسماء التي لا توجد الرحمة إلا بثبوتها كالحياة والعلم والإرادة والقدرة
الثالث: دلالة التزام إذا استدللنا به على غيره من الأسماء التي يتوقف هذا الاسم عليها وهذه الدلالة تحتاج إلى قوة فكر وتأمل ويتفاوت فيها أهل العلم فالطريق إلى معرفتها : أنك إذا فهمت اللفظ وما يدل عليه المعنى وفهمته فهما جيدا ففكر فيما يتوقف عليه ولا يتم بدونه
5- حقيقة الإلحاد فيها وهو الميل عن الاستقامة إما بإثبات المشاركة فيها لأحد من الخلق كإلحاد المشركين الذين اشتقوا لآلهتهم من صفات الله ما لا يصح إلا لله اللات من الإله والعزى من العزيز
الإلحاد في أسمائه وهو العدول بها وبحقائقها ومعانيها عن الحق الثابت لها
ومن الإلحاد وصفه تعالى ببعض النقائص كما قالت اليهود أنه استراح بعد أن خلق الخلق أو تسميته بما لا يلق به سبحانه وتعالى كتسمية النصارى له أبا .
ومن الإلحاد تشبيه صفاته بصفات الخلق.
6- إحصاء الأسماء الحسنى والعلم بها أصل للعلم بكل علومه فإن المعلومات سواه إما خلقا له تعالى أو أمرا
7- أسماء الله تعالى كلها حسنى ليس فيها أسم غير ذلك أصلا وقد تقدم أن من أسمائه ما يطلق عليه باعتبار الفعل نحو الخالق والرازق والمحيي وهذا يدل على أن كل أفعاله خير محض لا شر فيها فالشر ليس إليه فكما لا يدخل في صفاته ولا يلحق ذاته لا يدخل في أفعاله فالشر ليس إليه لا يضاف إليه فعلا و لا وصفا وإنما يدخل في مفعولاته وفرق بين الفعل والمفعول فالشر قائم بمفعوله المباين له لا بفعله الذي هو فعله فتأمل هذا فإنه خفي على كثيرين من المتكلمين وزلت فيه أقدام وضلت فيه أفهام وهدى الله أهل الحق لما ختلفوا فيه بإذنه
8- إن من أسماءه تعالى ما يطلق عليه مفردا مقترنا بغيره وهو غالب الأسماء كالقدير والسميع والبصير وهذه يجوز أن يدعا بها منفردا ومقترنا بغيره فتقول يا عزيز يا غفور يا رحيم
منها ما لا يطلق عليه بمفرده بل مقرونا بمقابله كالمانع والضار والمنتقم فلا يجوز أن يفرد هذا عن مقابله فإنه مقرون بالمعطي والنافع والعفو فهو المعطي المانع , الضار النافع المنتقم العفو لأن الكمال في أقتران كل أسم من هذه بما يقابله لأنه يرادبه أنه المنفرد بالربوبية وتدبير الخلق والتصرف في عطاء ومنعا وضرا وعفوا
9- من أسمائه الحسنى ما يكون دالا على عدة صفات ويكون ذلك متناولا لجميعها تناول الاسم الدال على
الصفة الواحدة لها كاسمه العظيم والمجيد والصمد كما قال أبن عباس رضي الله عنه الصمد السيد الذي كمل في سؤدده والشريف الذي قد كمل في شرفه والعظيم الذي قد كمل في عظمته والحليم الذي قد كمل في حلمه والعليم الذي قد كمل في علمه والحكيم الذي قد كمل في حكمته وهو الذي قد كمل في أنواع شرفه وسؤدده وهو سبحانه وتعالى
وهذه صفته لا تنبغي إلا له ليس له كفوا أحد وليس كمثله شيء سبحانه الواحد
10- مرجع الأسماء الحسنى والصفات العلى هي الله الرب الرحمن وهي ما اشتملت عليه فاتحة القرآن والسبع المثاني
11- أسماء الله وصفاته مختصة به واتفاق الأسماء لا يوجب التماثل فلقد وصف الله نفسه بالحي في قوله تعالى [الله لا إله إلا هو الحي القيوم ] وقال سبحانه [يخرج الحي من الميت ويخرج الميت من الحي] وليس هذا الحي مثل هذا الحي حيث أنهما يتفقان إذا جردا عن التخصيص ولكن ليس للمطلق مسمى موجود في الخارج ولكن العقل يفهم من المطلق قدرا مشتركا بين المسميين وعند الاختصاص يقيد ذلك بما يتميز به الخالق عن المخلوق والمخلوق عن الخالق
قال أبن القيم رحمه الله أختلف النظار في أسماء الله وصفاته التي تطلق على الله وعلى العباد كالحي والسميع والبصير الأولى وهم المتكلمين : هي حقيقة في العبد مجازا في الرب وهذا قول غلاة الجهمية وهو أخبث الأقوال وأشدها فسادا
الثاني : أنها حقيقة في الرب سبحانه وتعالى مجاز في العبد وهذا قول أبي العباس الناشئ
الثالث : أنها حقيقة فيهما وهذا قول أهل السنة والجماعة وأختلاف الحقيقتين فيهما لا يخرجها عن كونها حقيقة فيهما وللرب منها ما يليق بجلاله وعظيم سلطانه وللعبد منها ما يليق به
12- ما يدخل في باب الإخبار عنه تعالى أوسع مما يدخل في باب أسمائه وصفاته كالشيء والموجود فإنه يخبر به عنه ولا يدخل في أسمائه الحسنى وصفاته العلى
وكذلك الصفة إذا كانت منقسمة إلى كمال و نقص لم تدخل بمطلقها في أسمائه وصفاته بل يطلق عليه منها كمالها وهذا كالمريد والفاعل والصانع فإن هذه الألفاظ لا تدخل من أسمائه ولهذا فقد غلط من سماه بالصانع عند الإطلاق بل هو الفعال لما يريد فإن الإرادة والفعل والصنع منقسمة ولهذا إنما أطلق على نفسه من ذلك أكمله فعلا وخبرا كما أنه لا يلزم من الإخبار عنه بالفعل المقيد أن نشتق له منه أسم مطلق كالمضل والفاتن والماكر فإن هذه الأسماء لم يطلق عليه سبحانه منها إلا أفعال مخصوصة معينة فلا يجوز أن يسمى بأسمائها المطلقة والله أعلم
كما أن اسماء الله لها اعتباران أعتبار من حيث الذات واعتبار من حيث الصفات فالأعتبار الأول مترادف والاعتبار الثاني متباين
كما أنه ما يطلق عليه من باب الأسماء والصفات توقيفي وما يطلق عليه من باب الأخبار لا يجب أن يكون توقيفي كالقديم والشيء والموجود
كما أن الأسم إذا أطلق عليه جاز أن يشتق منه المصدر والفعل إذا كان العفل متعديا كالسميع يطلق عليه من السمع حيث قال تعالى [قد سمع الله] أما إذا كان لازما لم يخبر عنه به كالحي يطلق عليه الاسم والمصدر دون الفعل فلا يقال حيي
الصفات تنقسم إلى صفات كمال وصفات نقص وصفات لا تقتضي الكمال ولا النقص والله سبحانه وتعالى لا يتصف إلا بصفات الكمال وكل صفاته كمال
13-أحصاء أسماء الله وصفاته ودعائه بها وعدم تقيدها بعدد حيث أن الحديث الذي ورد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال(( إن لله تسعة وتسعون أسما مائه إلا واحدا من أحصاها دخل الجنة)) لا ينافي كون أن لله أسماء أخرى أستأثر بها في علم الغيب عنده أوعلمها لأحد من خلقه دون الآخرين
14- شرح أسماء الله وصفات وهذا بأذن الله سيكون في حلقات بأذن الله
ملخص من كتيب شرح أسماء الله الحسنى لسعيد القحطاني
أخوكم في الله عادل الكثيري
Bookmarks