شعر /عمر
يا من سكنتِ بأعماقي
واستعمرتِ كل جوارحي
عودي إليّ ..
واستظلي كحمامة مسافرة
تحت جوانحي
عودي إليّ..
فقد احرق الحنين عظامي
وغيرت الأشواق ملامحي
عودي إليّ...يا حبيبتي
فقد أغرقني البكاء
ومزقت وجهي أظافرُ السهرْ
عودي فمنذ غادر دفؤك الغطاء
وأنا لا افعل شيئا سوى
التفتيش عن وجهك
بين أنجم السماء
والتحديق في الصورْ
قُتلتُ حين رحلتِ حاملة قلبي
في حقيبتك الصغيرة
بين أمتعة السفرْ
وتركتني جرح بلا وطن يأوي إليه
وطفل بلا نهد يغفو عليه
يبحث في الظلماء عن أصابعكِ ..
التي تصير فوانيس في يديه
طفل يطارده الشقاء
ويتوعده القدرْ
*****
عودي إليّ...
فما أروع الأيام التي قضيتها معك..
كنت أقف كالعصفور أمام نافذتي
أراقب عطرك المحبوب
يلعب مع أطفال الحي
يطارد الأرانب
ويتسلق الشجرْ
كنت ألاعب طول اليوم...
صوتك البنفسجي بلا ضجرْ
فينتظر حتى تبعدني
أنفاسك عن ممالك الأحزان
ويتسلل إلى تحت قميصي
كقطة صغيرة …
ويسكب على صدري
الماء والألوان
..يسلخ جلدي
ويغرس في لحمي الإبر
ْوألان أتنزه في الحدائق بلا يديك
ابحث عن صوتك
في أعشاش الحمام
وأطارد كالمجنون طيفك في الممر
ْكنت لا أنام إلا ووجهي مدسوس...
في كومة شعرك
ولا اغفوا إلا إذا قرأت لي قصة
عن شهرزاد…وشهريار
وعن سندباد ... ورعاة البقرْ
****
كنت أراقص ظلك الوردي
في باحة منزلنا..
ونقص أجزاء العشب
ونقطف الثمرْ
وألان ارقص يا سيدتي وحيدا
أتعثر بظلي النحيل
واسقط في الحفرْ
كنت لا افرح إلا وأنت معي
ولا اضحك إلا وأنت معي
وألان ابكي أنا ومظلتي
في الطرقات من قسوة المطرْ
اجلس في المقهى منطويا
وبجواري يجلس الضجرْ
أهذي كعراف عجوز
وأتصرف كواحد من الغجر
اعجن دخان السجائر في دمي
واصب القهوة..
في عروقي بلا حذرْ
اسأل البلابل عن أخبارك
ومتى تُرى تعودين من السفرْ؟!
وأطالع في وجه الجرائد راجيا
علَّ الجرائد تطلعني على خبرْ
*****
أين أنت (يا ليلى)..
أين أنت يا حسنائي الصغيرة
أين الأيام التي مرت من عمرنا
كالبراق..بلمح البصرْ
هنا على كتفي المتعب
كنتِ تسكبين دموعكِ
وتسدلين ضفائرك المزخرفة
هنا كنتِ على كتفي المتعب
تأخذين استراحة
وتعلقين الملابس والصور
هنا في مدخل الحي
كنافورة الضوء كنتِ واقفة
تُضيئين الشارع والممرْ
هنا كنتِ مستلقية على صدري
تغنين لفيروز أغنية برائحة المطرْ
هنا على الأريكة الزرقاء
كنتِ تضرمين النار بداخلي
وتُسقطين على وجعي العميق ..
الحانا بلا وترْ
هنا كنتِ تبللين نهدك بالنبيذ
وتعجنين اللوزَ بين أصابعكِ..
فتتطاير الشررْ
هنا كنتِ تحت الدش تغتسلين
وترقصين وتضحكين
وكنت أنا
من خلف ثقبِ البابِ اختلس النظرْ
هنا تعانقنا.. هنا تشاجرنا
هنا استيقظنا ..هنا نمنا
هنا تسامرنا هنا..حتى السحرْ
هنا ترعرع عشقي الصغير بين يديكِ
هنا على شفتي...
مازالت تشتعل بصمات شفتيكِ
هنا في كل زاوية بجسمي
تركت أظافرك اثـرْ
هنا يا صغيرتي
حلمنا بالأطفال والرحلات
هنا تقاسمنا الدمع والضحكات
هنا كالأطفال تراجمنا بالوسائد
هنا يا عمري كتبت لكي القصائد
هنا ..
وأن تكوني هنا
يا حبيبتي
هو ما أُريد بالمختصر
****
عودي ..
فأحوالنا بعدك مؤلمة وقاسية
وجدا سيفجعك الخبر ْ
هجر الحنان سريرنا
وغادر الدفء غرفتنا
باكرا... وما انتظرْ
ماتت ورود البنفسج التي كنتِ
بعرق إبطيك تسقيها
وأصيب مشطك الزجاجي...
بنوبة حنين فانكسرْ
رسائلنا القديمة بأشواقها احترقت
ورمى برواز صورتنا بنفسه
من أعلى الدولابِ...وانتحرْ
*****
يطير العمر مثل الحمامة من يدي
فأتذكر كم بللنا في ماء النهر رجلينا
وكم تعمدت الاختباء بين أهدابك
لتقولي لي ...وأنتِ راغبة !
دعِ الشقاوة يا (عمرْ)
يزورني المساء يا (ليلى)
فاشتاق للحظة فيها تبادلنا القبل...
على صخرة صغيرة في المنحدرْ
*****
يا امرأة وجدّت لتكون معي
يا امرأة كانت أول كلمة كتبتها
وأول قصيدة علقتها فوق الشجر
يا أول وآخر امرأة تنفست وجهها
وأدمنت لون جسمها منذ الصغر
متى تفهمين...
إني احتاج لامرأة تجعلني عظيما
لامرأة تدخلني التاريخ
وتسكنني القمر
لامرأة تكمل بالعشق تكويني
فبالعشق وحده يا جميلتي
يكتمل تكوين البشرْ
لامرأة أعشقها فأصير إنسانا
فوحده الحب يميز الإنسان...
عن تمثال من الحجر
Bookmarks