إن الوجود الأميركي فـي العراق ليس مانعًا من إقامة الدولة:
الذي يجب أن ندركه أنّ أميركا لم تستطع شنّ حرب على العراق برغم وجود قواعد عسكرية لها في معظم بلدان الخليج إلا بعد أن حشدت أكثر من 250000 جندي مع معدّاتهم وطائراتهم وبوارجهم، فإنّها أيضًا لن تستطيع أن تشنّ حربًا على دولة الخلافة إلاّ بعد حشد مثل هذه الحشود وأكثر وهو سيستغرق زمنًا يُعطي مهلةً أكبر لدولة الخلافة للاستعداد للمعركة لا الانتظار كما فعل العراق حتّى تكتمل الحشود ويحدّدوا هم وقت ومكان الضربة الأولى. كما أنّ تلك الدول حول العراق التي فتحت أراضيها وبحارها وأجواءها للقوات الغازية تصول وتجول فيها كيفما تشاء، لن تجرؤ أن تفعل مثلما فعلت عندما يتعلّق الأمر بدولة في مواصفات دولة الخلافة التي ستقوم بإذن اللَّه في أكثر من قطر والتي ستكون دولةً للمسلمين كافّة في كلّ العالم تحمل عقيدتهم وتُعبّر عن أفكارهم ومشاعرهم، والتي سيكون خطابها خطابًا للأمة الإسلامية بوصفها أمةً واحدة من دون الناس، وهذا ما لم يكن يملكه الخطاب البعثي الذي هو شيء آخر غير ما تحمله الأمة من أفكار ومفاهيم وقناعات.
4. إن ما تملكه الأمة من إمكانياتٍ ضخم جداً:
إنّ من يقيس الأمور من مقياسٍ إقليميٍّ محدود، فيضع قوّة وإمكانيّات أميركا والغرب في كفّة، وإمكانيات وقدرات دولةٍ من تلك الدول الكرتونية الموجودة في العالم الإسلامي في كفّةٍ أخرى، لا شكّ أنّه سيخرج بنتيجةٍ حاسمة وهي أنّنا لا طاقة لنا بأميركا وجنودها. لكنّ الأمر يجب أن لا يكون على هذا النحو فأمّتنا أمةٌ واحدة، ومهما حاول الاستعمار أن يُفرّق بين الأمة ليسود عليها، فإنّ الأمة اليوم لا تضع في اعتبارها هذه التقسيمات والحدود المصطنعة وهي تتحرك اليوم كأمة واحدة أو كجسدٍ واحدٍ إذا اشتكى منه عضوٌ تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى، وهي تحركت عندما أعلنت أميركا الحرب على أفغانستان، وتحركت ضدّ أميركا في حربها ضدّ العراق. ولكنّ حكامها أذاقوها لباس الخوف والجوع فقهروها واسترهبوها.. وبالرغم من ذلك فإن الأمة تحركت ولن يوقف حركتها شيء لا الحكام ولا جيوشهم، ولا أميركا ولا أساطيلها. إذًا فإمكانيات مواجهة أميركا لا بدّ وأن تحسب بما تملكه الأمة بمجموعها وهي كثيرة:
1. طاقة بشرية هائلة تصل إلى مليار وثلث.
2. إمكانيات مادية ضخمة، فالأمة الإسلامية هي أكثر الأمم ثراءً بما تحويه أراضيها من ثروات.. وهي ثروات غير مُستغلّة الاستغلال الصحيح، فالمستفيد الأكبر منها بالمقام الأول دول الغرب وعلى رأسهم أميركا ثمّ هؤلاء المرتزقة من الحكام العملاء الخونة. وبعد قيام الدولة إن شاء اللَّه ستُحسن الدولة استغلال كل تلك الثروات المكنوزة في أرض المسلمين.
3. بلاد المسلمين تمتدّ من المحيط الأطلسي غربًا إلى بلاد الصين شرقًا، ومن الأناضول شمالاً إلى المحيط الهندي جنوبًا، وهي مساحات شاسعة تضمّ مناطق استراتيجيّة عظيمة من يملكها ويسيطر عليها فإنّه هو من يحكم العالم، وما هذا التكالب على بلاد المسلمين إلاّ من أجل الهيمنة وبسط النفوذ على هذه المناطق الاستراتيجيّة المهمّة، ولمنع المسلمين من التوحّد في دولةٍ واحدة يسودون بها العالم كما كان سابق عهدهم.
4. العقيدة الإسلامية هي عقيدة هذه الأمة، وهي عقيدةٌ عقليّةٌ ينبثق عنها نظام ينظّم كل كبيرة وصغيرة في حياة هذه الأمة. فالأمة الإسلامية تمتلك عقيدةً سياسية تمزج المادّة بالروح. وهي الملاذ للبشرية والمخرج لما هي فيه من فراغٍ روحيٍّ وانهيارٍ خُـلُـقيّ، وصراع على المنافع المادية التي يرىالغرب بما يحمله من عقيدةٍ رأسماليةٍ أنّ غاية الحياة هي تحصيل أكبر قدرٍ من المتع واللذات المادية. بهذه العقيدة استطاع المسلمون في أقلّ من ثلاثة عقود أن يسودوا بها الدنيا، ويُخضعوا فارس والروم - سادة الدنيا في ذلك الوقت - لحكم الإسلام وشريعته. وبهذه العقيدة أيضًا يستطيع المسلمون أن يسودوا الدنيا مرة أخرى فيُـخضعوا أميركا والغرب لحكم الإسلام. (ويومئذ يفرح المؤمنون ، بنصر الله) [الروم].
Bookmarks