: أسمائه صلى الله عليه وسلم :
وكلها نعوت ليست أعلاماً محضة لمجرد التعريف، بل أسماء مشتقة من صفات قائمة به تُوجِبُ له المدحَ والكمال.
عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه ، قال : سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول : [ إن لي أسماءً : أنا محمد ، وأنا أحمد ، وأن الماحي الذي يمحو الله بي الكفر ، وأن الحاشر الذي يحشر الناس على قدمي ، وأن العاقب ] ( متفق عليه ) ، وجاء أيضاً : [ أنا أحمد ، ومحمد ، والمقفي ، والحاشر ، ونبي الرحمة ، ونبي الملحمة ] .
وعن أبي موسى الأشعري قال : كان رسول الله يسمي لنا نفسه أسماءً فقال : [ أنا محمد ، وأحمد ، والحاشر ، والمقفي ، ونبي التوبة ، والملحمة ]( مسلم ) .
وفي صحيح البخاري عن عبد اللّه بن عمرو قال: [قرأت في التوراة صفة النبي صلى الله عليه وسلم: مُحَمَّد رسولُ اللّه، عبدي وَرَسُولي، سمَّيتُه المُتَوَكِّل، ليس بِفَظٍّ، ولا غَليظٍ، ولا سَخَّابٍ في الأسواق، ولا يجزي بالسَّيئةِ السَّيئة، بل يعفو ويصفح، ولن أَقْبِضَهُ حَتَّى أُقيمَ بِهِ المِلَّة الْعَوْجَاءَ، بأن يقولوا: لا إله إلا اللّه].
فهذه الأسماء الثابتة له صلى الله عليه وسلم لها معاني هي:
محمد: هو اسم مفعول، من حَمِدَ، فهو محمد، أي كثيرَ الخصال التي يُحمد عليها ولهذا كان يقول صلى الله عليه وسلم: "ألا تعجبون كيف يصـرف الله عني شتم قريش، ولعنهم؟ يشتمون مذممًا، ويلعنون مذممًا، وأنا محمد"..
أحمد:
هو الذي يُحمد أفضل ممّا يُحْمَدُ غيره.
الماحي:
هو الذي محا اللّه به الكفر، ولم يُمحَ الكفر بأحد من الخلق ما مُحي بالنبي صلى الله عليه وسلم، فإنه بُعِثَ وأهل الأرض كلهم كفار، إلا بقايا من أهل الكتاب، وهم ما بين عُبَّاد أوثان، ويهود مغضوب عليهم، ونصارى ضالين، وصابئة دَهرية، لا يعرفون رباً ولا معاداً، وبين عُبَّاد الكواكب، وعُبّاد النار، وفلاسفة لا يعرفون شرائع الأنبياء، ولا يُقرون بها، فمحا اللّه سبحانه برسوله ذلك حتى ظهر دينُ اللّه على كل دين، وبلغ دينُه ما بلغ الليل والنهار، وسارت دعوته مسيرَ الشمس في الأقطار. {هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ }التوبة33
الحاشر:
فهو من الحشر وهو الضم والجمع، فهو الذي يُحشر الناسُ على قدمه، فكأنه بعث لحشر الناس، فبعثته صلى الله عليه وسلم هي علامة الحشر ليوم المعاد يقول صلى الله عليه وسلم: [بعثت أنا والساعة كهاتين، وأشار إلى السبابة والتي تليها] فبعثته صلى الله عليه وسلم إعلام بقدوم الساعة.
والعاقب:
الذي جاء عَقِبَ الأنبياء، فليس بعده نبي، فإن العاقب هو الآخر، فهو بمنزلة الخاتم، ولهذا سمي العاقب على الإِطلاق، أي: عقب الأنبياء جاء بعقبهم.
والمقفِّي:
وهو الذي قفَّى على آثار من تقدمه،قال تعالى: (وَلَقَدْ آتَيْنَا مُوسَى الْكِتَابَ وَقَفَّيْنَا مِن بَعْدِهِ بِالرُّسُلِ) ونبينا صلى الله عليه وسلم قفى اللَّهُ به على آثار من سبقه من الرسل فكان تبع لمن قبله من الرسل.
وأما نبي التوبة:
فهو الذي فتح اللّه به بابَ التوبة على أهل الأرض، فتاب اللّه عليهم توبة لم يحصل مثلها لأهل الأرض قبله. وكان صلى الله عليه وسلم أكثر الناس استغفاراً وتوبة، حتى كانوا يَعُدُّون لَهُ في المَجْلِس الوَاحِدِ مِائَةَ مَرَّةٍ: (رَبِّ اغْفِرْ لِي وَتُبْ عَلَيَّ إنَّكَ أَنْتَ التَّوَّابُ الغَفُور).
وكذلك توبةُ أمته أكملُ مِن توبة سائر الأمم، وأسرع قبولاً، وأسهل تناولاً، وكانت توبة من قبلهم مِن أصعب الأشياء، حتى كان من توبة بني إسرائيلَ مِن عبادة العجل قتلُ أنفسهم، وأمّا هذه الأمّة، فلكرامتها على اللّه تعالى جعل توبتها الندمَ والإِقلاع.
وأمّا نبي الملحمة:
فهو الذي بعث بجهاد أعداء اللّه، فلم يجاهد نبي وأمته قطُّ ما جاهد رسول اللّه صلى الله عليه وسلم وأمّته، والملاحم الكبار التي وقعت وتقع بين أمته وبين الكفار لم يُعهد مثلُها قبله.
وأما نبيُّ الرحمة:
فهو الذي أرسله اللّه رحمة للعالمين، فرحم به أهلَ الأرض كلَّهم مؤمنَهم وكافرَهم،أمّا المؤمنون، فنالوا النصيبَ الأوفر مِن الرحمة، وأمّا الكفار، فأهل الكتاب منهم عاشوا في ظله، وتحت حبله وعهده، وأما من قتله منهم هو وأمتُه، فإنهم عجلوا به إلى النَّار، وأراحوه من الحياة الطويلة التي لا يزداد بها إلا شدَّةَ العذاب في الآخرة.
وأما المتوكل:
لأنه توكَّل على الله في إقامة الدين توكلاً لم يَشْركْه فيه غيره.
***********************************
سـلالـة إسماعـيـل والـعـرق نـازع *** وأشـــــرف بيت من لـؤي بن غــالب
بـشـارة عيســى والذي عنه عبروا *** بـشـــدة بـأس بالـضـحــوك الـمحارب
ومن أخبروا عنه بأن ليس خـلـقه *** بـفــظ وفي الأسـواق لـيـس بصـاخـب
ودعــــــوة إبـراهـيــم عنـد بـنـائــه *** بـمــكـــة بـيـتـا فـيـه نـيـل الـرغـائـب
Bookmarks