لماذا يموت الشهداء ؟؟؟
إن الشهداء لا يموتون وداعا أو احتجاجا أو سدى... لكن الشهداء يحملون نبوءة كبرى بين ثنايا موتهم القرمزي...
سر من أسرار هذا الكون لا يفهمه إلا من يذهب حيث لا عودة ليخبر الأحياء ماذا هناك...
انه رفض الواقع عبر نبوءات بقدوم الأسوأ في خيوط المستقبل...

كم من المفكرين والقادة العسكريين وغيرهم ممن حاول تغيير مجرى سير العالم حتى يغير معالم المستقبل ..
كم من الأدباء حاول بناء المدينة الفاضلة ...
كم من مفكر بعد فاوستس عقد حلفا مع الشيطان لتغيير العالم
كل الخيارات كانت مفتوحة للتغير حتى حلف الشيطان ... ولا شيطان إلا من يأكل ضلوع البشر ويبني تمثال حريته على أجسادهم ...
كم سقط على بوابات المدينة رجال علقت رؤوسهم عليها لأنهم احتضنوا الرأي
كم من المدافعين عن شرف المدينة ماتت دون معركة ...
كم من الأبطال ماتوا في سرير الموت ولكنهم كانوا شهداء ...
كم من ومن لكن لا من إلا ممن يحمل البندقية...
لكن النبوءة بقيت . وولدت معها شهادة أخرى لشهيد الرأي ...
والاهم أنه بقي الشهداء وفي كل يوم يولدون ...

من أجمل النبوءات التي ميزت بعض الشهداء ... نبوءة الشهيد غسان كنفاني بعبارته الشهيرة ( ستصبح الخيانة في يوم من الأيام مجرد وجهة نظر )...

روعة تلك النبوءة أنها تنطبق على كل الأجيال السياسية التي تلت كنفاني ... فالشهداء رفضوا التخاذل ...
لكن الجبناء أو المتحولين كجلود الأفاعي قالوا إن السلام خيار استراتيجي ... والبعض قال إن المرحلة تكتيك ..

المرحلة خيانة, لكنها بنفس الوقت لاقت أكثر من تأويل ... فالتأويل أيضا سمة يحملها من لا ينتمي لصفوف الشهداء ...

كم من الرايات رفعت شعار المرحلة إما فلسطين و إما النار جيلا بعد جيل ... وإنها ثورة حتى النصر ... ومن البحر إلى النهر ....

سقطت كل الشعارات في المستنقع ... حين رحل الشهداء من القادة حتى الأفراد ...
ووقف الجميع بصفوف المرحلة من العقيد حتى الوليد يهزجون ويغنون للتسوية ....

هل التسوية خيانة ؟؟
التسوية تكتيك ....
التسوية جسر لعبور المرحلة ....
التسوية أمر واقع ...

ما لن نختلف عليه جميعا أن التأول الحربائي هذا الذي أخذ أكثر من لون فمرة أحمر بلون اليسار الداخل إلى أبواب التسوية ...
إلى بني بلون الشيوعي المتقلب والهابط من اليسار إلى اليمين باسم صفوف الشعب ...
إلى لون ابيض بلون اليمين الذي بدأ بالشعار للسلام خيار استراتيجي ...
حتى الآن يبقى الأخضر على خطوط الرهان ...
نتمنى أن لا يسقط ...
لكن أن وصلنا الهاوية جميعا ...
فالسقوط موت ...
لن يكون استشهاد في هذه اللحظة ...
الهاوية لا تستقبل الشهداء لان الهاوية تسوية للأرض والشهداء مكانهم الميدان ....

لا مكان لمن يساوم
المكان مفتوح لمن يقاوم ...
عودا من حيث لم تأتوا ...
فلعل الزمن قادر على حملكم جميعا نحو مزبلة كبرى ... مزبلة التسوية الكبرى ... مزبلة للتاريخ المزور ...

وتبقى نبوءات الشهداء كنبوءات الأنبياء اصدق من التكتيك السياسي والحلول المرحلية والتأويل ...

الرهان مطلوب لكن على الروح لا على الأرض ...
فان كان لا بد من التضحية فبالنفس لا بالشرف ...

لكن ليتهم يعلمون .......