[MARQ=RIGHT]الخطاب الديني والخطاب السياسي ... [/MARQ]
ما فتئت الحركات والجماعات الإسلامية تنظّر كثيراً حول المفاهيم التي تراها مناسبة لطبيعة العيش داخل المجتمع , ولطبيعة علاقة الفرد مع الخالق ومع الإنسان , وتضع لذلك أطراً ونظريات تستمدها من الإرث الحضاري الإسلامي , وتنسج حول مشاريعها هالة من القدسية كما أنها تمزجها – أي هذه المشاريع - بكم غير قليل من التشدد , وقد نتج ذلك لعاملين هما :
1- التضييق والشدة التي جوبهت بها هذه الحركات والجماعات , وشعورها الدائم بالاضطهاد والمحاولات المستمرة والدائمة إلى الحجر عليها والتضييق وتخويف الناس منها , وهذا من شأنه أن يجعل هذه الحركات والتنظيمات تضع أطروحاتها ونظرياتها السياسية أو الاجتماعية بمعزل عن أرض الواقع وفي ظلام السرية والتكتم فتكون هذه الطروحات والمشاريع أقرب إلى الخيالية أو أنها تسعى إلى فرض هذه النظريات مما يؤدي إلى التطرف سواءً في الطرح أو التطبيق .
2- أن هذه الحركات والجماعات أبعدت وتبعد قسرياً عن رأس السلطة ولم تعط الفرصة للوصول إلى موضع اتخاذ القرار وهذا بدوره جعلها قليلة تجربة , إذ تفتقر إلى عامل التكيف مع الميدان والتأقلم والعيش وفق المساحة المتاحة , والتعامل مع المجتمع من منظور المسئولية وهذا هو ما سيجعل هذه الجماعات والحركات تبحث عن حلول حقيقية للأدواء التي حتماً ستواجهها بمعدل يومي , ومن هنا يتضح قدر الطموحات إلى جانب فرضيات الواقع فيخفف هذا من سطحية الأفكار أو عدم منطقيتها .
ولعلنا في اليمن حظينا بمتابعة هذا الأمر والذي مر عبر مراحل النمو السياسي التي مر بها أكبر الأحزاب الإسلامية في اليمن وهو التجمع اليمني للإصلاح , فالإصلاح وقع في متاهة الخطاب الديني والخطاب السياسي وأيهما يقبل الآخر , وظل في مسيرته يحاول الجمع بينهما , ويستمر التفكير البنوي داخل هذا الحزب ينمو مع الزمن , فرأينا الإصلاح يشارك في السلطة ويتحمل تبعاتها ويدرس نفسه أمام متطلباتها ويراجع نظرياته التي صاغها خلال مرحلة التكوين أو العمل السري , والمطلع على الدليل الانتخابي للعام 1993م و مقارنته بمثيله في العام 2003م يلحظ نضوجاً كبيراً وقدرة جيدة على التشخيص ووضع اليد , كما أن آليات المعارضة والحضور السياسي ازداد وضوحاً وتجلى بمد الأيدي نحو أعداء الأمس , وهذا التحول السياسي المذهل أثبت بما يدع مجالاً للشك أن الأحزاب والجماعات الإسلامية إذا أعطيت فرصتها , ومكنت من العمل وفق المتاح فإن هذا يكفل بإبعادها عن دائرة التطرف والعنف ... على الرغم مما لحق بها من غبن ...
والسلام عليكم
Bookmarks