من روائع البخلاء ...
قيل أن أباً بخيلاً كان على طعام وأبناؤه الثلاثة , وكان طعامهم قطعة لحم صغيرة تمسك بعظمة كبيرة , فقال لهم : من يقل لي كيف سيفعل بهذه – أي قطعة العظم المطعمة باللحم – وهي له , فقال الأول : سآخذها وألتهمها حتى لا أدرع منها شيئاً وأمصمصها وأخلخلها . فقال الأب : لست صاحبها . فقال الثاني : سأتناولها فأفصل لحمها عن عظمها وأمصمصها حتى لا يظهر من عظمها متى أكلت . فقال الأب : ليبست لك . فقال الأخير : سأفصل لحمها عن عظمها , وأظل أمضغ لحمها حتى يتفتت في لحمي ثم أجفف عظمها بعد أن أذيب ما فيه , وأدقه , وأطحنه , ثم أسفه فلا أبقي منها عظماً و لا لحماً . فتهلل الأب وصاح : هذا مني وأنا منه , هي لك .
حكى بعض القوم أن فقيها كان يأكل بعض الزيتون والزيت في طرف بستان وكان يفصله عن الطريق ساقية , فصادف أن مر به رجل , فسلم الرجل عليه فرد السلام , ثم قال له الفقيه : هلم – أي إلى الطعام؟ فما كان من الرجل إلا أن تأهب ليقفز مجتازاً الساقية فصاح به الفقيه : مه , مكانك يا هذا !!! فقال الرجل : أولم تدعني؟؟؟ قال : بلى . قال : فمه إذاً؟؟ قال الفقيه : يارجل سلمت فسلمنا , دعوناك فأجبنا بالشكر فإما يكونن قول بقول وفعل بفعل , لا قول بفعل ... فضحك الرجل حتى سقط على قفاه .
يحكى أن أشعباً دخل على قوم وهو يتناولون طعامهم , فلما رآهم بادرهم وهم له كارهون : ما تأكلون؟ فقالوا : سماً . فما كان منه إلا أن جلس بينهم وهو يقول : والله إن الحياة بعدكم حرام ..
قيل أن بخيلاً كان يعالج سكرة الموت وهو يغرق في بركة , وأحد القوم يمد إليه يديه صائحاً : هات يدك , وصاحبنا يرفض رفضاً باتاً , فصاح ابنه وهو على مقربة منه : يا سيدي قل له : خذ يدي , فلما أن قالها مد البخيل يده ..
وصف شاعر قوماً اشتهروا بالبخل ببيت شعري صار مثلاً تتناقله العرب فقال فيهم :
قوم إذا استنبح الضيفان كلبهم .... قالوا لأمهم بولي على النار .
ولاحظ معي :
استنبح : أي طلب الإذن بالنباح , فحتى الكلب لا ينبح إلى بمقدار عندهم .
الضيفان : وهو تصغير للفظة ضيوف دلالة على قلة العدد .
بولي على النار : فحتى الماء بخلوا به في إطفاء النار .
والعبرة : بخل القوم في استقبال الضيفان حين أن رأوا نارهم موقدة , وطريقتهم الغريبة التي تنم عن بخلهم الشديد في معالجة الأمر.
والسلام عليكم ..
Bookmarks