كوميديا ساخرة عنوانها ( الجامعة العربية )
عندما يجتمع الزعماء في أي مكان في العالم تحت مسمى رسمي فأننا من الطبيعي جدا أن نتوقع رؤية مباحثات جادة حول قضايا تمس مصير شعوب ومستقبل أمم ، خاصة إن كانت لقاءات تتم تحت اسم الاخوة والوحدة .
ولكن ما شاهدناه في لقاء جامعة الدول العربية ما كان إلا مهزلة جديدة لسلسلة من المهازل التي لم تستطع قضايا هذه الأمة أن تنهيها وتغير من مسارها الساخر ، فهاهي المنطقة على وشك الدخول في حرب ستدمر سيادة الجميع وتصيب المنطقة بالضربة التي ستقضي على اقل القليل الذي مازلت تملكه وستؤدي بشعوب المنطقة كلها إلى الوقوع تحت دائرة خانقة من الفقر والبطالة ورغم ذلك مازال زعمائنا الأحرار يتصرفون كإقطاعيين من العصور المظلمة ويحولون اجتماعا عقد لحل قضايا تمس مصير أمة إلى لقاء يتبادلون فيه السخرية والتهم بأسلوب يأنف منه حتى الرعاع . ويهدد أحدهم في قمة أو أخرى بالانسحاب لان الأخر جرحه بكلمة وكأن هذا الاجتماع عقد لذواتهم السامية .
يقبل زعمائنا أن تنتهك حقوقهم وتداس أعراض نسائهم وبناتهم تحت أقدام الصهاينة ويقبلون أن تهرق دماء إخوانهم وشبابهم وأطفالهم تحت وابل من القذائف الأمريكية ، ولكنهم لا يمكن أن يقبلون أبدا أن تمس كرامتهم المصانة كلمة جارحة من أحد غير أمريكا .
إن هذا يذكرنا بوزير الخارجية القطري الذي لم تسمح له أنفته وكرامته ورجولته بالاعتذار للفلسطينيين الأحرار ، في الوقت الذي لم يخجل فيه من دعوة العرب إلى التوسل لأمريكا وتقبيل حذائها .
الحق يا سادة انه ليس من حقنا الاعتراض على ذلك لأننا في الحقيقة لا نختلف عن زعمائنا في شئ .. فان كانوا زعماء بلا ضمير ولا كرامة فنحن مثلهم تماما ، إن كانوا هم قبلوا بالذل والهوان تحت أقدام أمريكا فنحن قبلنا بالذل والهوان تحت أقدامهم .. إنها دائرة من الكذب والغرور الزائف والبلطجية وشريعة الغابة ندور جميعا في فلكها بلا استثناء .
ويبقى دائما في نهاية الأمر العدو هو المستفيد الأول والأخير من حمقنا وصلفنا البائس الذي لا نجيده سوى على بعضنا البعض ، وتبقى الكرامة والأنفة حالها كحال كل المعاني السامية في حياتنا مجرد أمرا لا نتذكره إلا إن كان لا يشكل خطرا يهدد حياتنا ، فقد أصبحت الكرامة التي قاتل من اجلها الأحرار في كل بقاع الأرض مجرد أمرا حقير لا تستحق التضحية من اجلها بأقل القليل في عالمنا العربي والإسلامي .
Bookmarks