(( كان في دارِ رجلٍ من الناس حيَّةُ ساكنةُ في جُحر ، قد عرفوا مكانها ، وكانت تلك الحية تبيض كل يوم بيضة من ذهب وزنها مثقال ، فصاحب المنزل مغتبط مسرور بمكان تلك الحية ، يأخذ كل يوم من جُحرها بيضة من ذهب ، وقد تقدم إلى أهله أن يكتموا أمرها ، فكانت كذلك لأشهر ثم إن الحية خرجت من جحرها ، فأتت عنزاً لأهل الدار حلوباً ينتفعون بها ، فنهشتها ، فهلكت العنز ! فخرج لذلك الرجل وأهله ، وقال : الذي نصيب من الحية أكثر من ثمن العنز، والله يخلف ذلك منها .
فلما أن كان عند رأس الحول ، عدت على حمار له كان يركبه ، فنهشته ، فقتلته !
فجزع لذلك الرجل وقال : أرى هذه الحية لا تزال تُدخل علينا آفة ، وسنصبر لهذه الآفات ما لم تَعْدُ البهائم .
ثم مر بهم عامان لا تؤذيهم ، فهم مسرورون بجوارها .
مغتبطون بمكانها ، إذ عَدَتْ على خادم كان للرجل ، لم يكن له غيره . فنهشته وهو نائم ، فمكث مهموماً ، حزيناً ، خائفاً أياماً .
ثم قال : إنما كان سُم هذه الحية في مالي ، وأنا أصيب منها أفضل مما رُزَئتُ به .
ثم لم يلبث إلا أياماً حتى نهشت ابن الرجل فمات .
فقالا لا خير لنا في جوار هذه الحية ، وإن الرأي لفي قتلها ، والاعتزال عنها .
فلما سمعت الحية ذلك تغيبت عنهم أياماً ، لا يرونها ولا يصيبون من بيضها شيئاً !
فلما طال ذلك عليهما تاقت أنفسهما إلى ما كانا يصيبان منها ، وأقبلا على جحُرها يقولان ارجعي إلى ما كنت عليه ولا تضرينا ولا نضرك .
فلما سمعت الحية ذلك من مقالتهما رجعت ، فتجدد لهما سرورهما على غصتهما بولدهما وكانت كذلك عامين ، لا ينكرون منها شيئاً .
ثم دبت الحيـــة إلى امرأة الرجل وهي نائمة معه فنهشتها ، فصاحت المرأة فبقي الرجل فريداً ، وحيداً ، كئيباً ، مستوحشاً ! وأظهر أمر الحية لإخوانه وأهل وده ، فأشاروا عليه بقتلها ، فولى الرجل وقد أزمع على قتلها ، فبينما هو يرصدها إذ اطلع في جحرها فوجد درة صافية وزنها مثقال ! فلزمه الطمع ، وأتاه الشيطان فغره حتى عاد له سرور هو أشد من سرور الأول .
فقال : لقد غير الدهر طبيعة هذه الحية ، ولا أحسب سمها إلا قد تغير كما تغير بيضها .
فجعــل الرجـــل يتعاهد جُحرها بالكنس ورش الماء والريحان ، فبينما هو نائم ، إذ دبت الحية فنهشته ومات
Bookmarks