فلسفة "الأمر الواقع"
عبد الرزاق الجمل ـ صحيفة الحرة
لا علاقة لهذا الأمر بالثوابت الوطنية.. أن يعود الرئيس مواطنا، ويصبح المتمرد عبد الملك الحوثي رئيسا للبلاد، بغض النظر عن الطريقة التي سقط بها الأول أو التي وصل بها الثاني إلى الحكم، فلا طريقة مشروعة للصعود والسقوط في دول العالم الثالث..
سنرحب بالقادمين، وسنلعن الراحلين بكل هدوء، أما السياج الثقافي الذي صنعه الراحلون حولنا لتأمين بقائهم في الحكم أطول مدة ممكنة، فسيتهاوى بشكل تلقائي، لأنه مرتبط بالخوف فقط، وما ارتبط بظرف سينتهي بزواله حتما..
هي هكذا الحياة، أيامها دول، والدول أيام وتنتهي، لتحل محلها أخرى، ويبقى الشعب في محله يصفق للآتي، ويلعن السابق، ويعتقد ما يُملى عليه.. على أن النخبة تشارك عامة الناس في هذه الثقافة بشكل أو بآخر، فلدى الكثير ما يخسرونه إضافة إلى أن الإيمان بالحقيقة سيفرض خيارات صعبة..
حدث واحد يمكن أن يغير الثقافات والقناعات، واتجاه التصفيق أيضا. إنها ضريبة التأقلم مع الديمقراطية الزائفة في دول العالم الثالث، والعمل وفق هذا التأقلم..
لماذا يعجز الحراك السياسي السلمي للمعارضة عن فرض نفسه على الجماهير.؟.. لأنه عجز عن فرض نفسه كأمر واقع أولاً، فقرار واحد بالتخلي عن مبدأ التعددية الحزبية، على سبيل المثال، سيقضى على هذا الحراك وأحزابه الجامدة حتى نهاية التاريخ..
بالمقابل ليس ممكنا أن يقضي أي قرار سياسي أو حتى عسكري على جماعة كجماعة الحوثي أو الحراك في الجنوب، لأنهم استطاعوا أن يفرضوا أنفسهم كأمر واقع، وعلى هذا الأساس تتعامل معهم السلطات، ولا خيار آخر لها..
يلتف حول هؤلاء الكثير من الأنصار، لأنهم يجدون لديهم الأمان، فالسجين الحوثي أو الحراكي، يدرك أنه سيخرج يوما ضمن تسوية معينة، أو ضغط ما، بخلاف فهد القرني الذي لم يخرج لأجل سواد عيون أحزاب اللقاء المشترك أو بياناتها..
ليست هذه بدعوة إلى العنف لكنها دعوة ملحة إلى الواقعية.
Bookmarks