يقال بان المؤسس الحقيقي للدولة الإسلامية هو عمر بن الخطاب رضي الله عنه وهذه حقيقة أثبتها التاريخ، فهو أول من وضع الأسس الإدارية العامة لتنظيم شؤون الدولة بجانب تطبيقه الفعلي لتعاليم الشريعة الإسلامية على جميع أعمال الدولة بما يناسب أحوال الناس والبلاد وبما يوافق التغيرات والتطورات التي صاحبة الدولة الإسلامية طوال فترة حكمه لها دون المساس بجوهر العقيدة الإسلامية وروحها...
ولقد ادعى الغرب بان عمر بن الخطاب شخصية خيالية لا وجود لها، وأننا نحن العرب والمسلمين اخترعناها لإثراء تاريخنا، وذلك لأنهم قاموا بعملية قياس غير منصفة لا للفاروق رضي الله عنه ولا للإسلام.. كونهم نظروا إلينا نحن أتباع الإسلام اليوم فلم يجدوا فينا شيء مما رأوه في عمر بل وجدوا تخلفا سياسي واقتصادي وعسكري بل وأخلاقي.. وتوصلوا بذلك إلى أن الإسلام ليس بالعظمة التي يتحدث بها التاريخ وجعلوا من عمر شخصية خيالية لا وجود لها.
بالطبع إن هذه النتيجة التي توصلوا إليها لم تقم على أسس البحث العلمي التي لطالما تشدقوا بها وأدعوها، ولكنها تبقي رغم ذلك نتيجة مقنعة في نظر من لا يعرف عن الإسلام ما يحميه من تصديق هذه الأكاذيب ونحن نتحمل اللوم الأكبر لأننا أطلقنا على أنفسنا مسمى مسلمين واكتفينا من الإسلام بذلك، ولم نكن صورة مطابقة لحقيقة ذلك المسمى العظيم.
والسؤال هنا ليس.. ماذا قدم لنا الإسلام..؟ فإن النظر إلى سيرة عمر بن الخطاب رضي الله عنه وباقي الصحابة تكفي للإجابة على ذلك.
ولكن السؤال هنا.. ماذا فعلنا نحن بما قدمه لنا الإسلام.. ؟
الحق إننا بالنظر إلى ما نعانيه من تخلف فكري وحضاري وعلمي وحتى أخلاقي يؤكد بأننا لم نأخذ مما قدمه لنا الإسلام شيء سوى القشور وتركنا الجوهر والمضمون للغرب ليصنع به حضارة عملاقة يستعبدنا بها ويسخرنا لخدمتها.
ببساطة.. إن الإسلام لا يصنع الحضارة.. ولكنه يصنع الرجال الذين يبنونها وذلك ما فعله رسول الله صلى الله عليه وسلم.. فأين لنا بتلامذة كالصديق والخطاب وذو النورين وعلي كرم الله وجهه وغيرهم من الصحابة.. الذين أدركوا عظمة هذا الدين فحملوه بقوة فصنع منهم عباقرة وأسيادا من خلال منهجه العظيم، مما جعل العالم بأسره يحسدنا عليه في الوقت الذي زهدنا نحن فيه بجهلنا وحمقنا المنقطع النظير فغدونا في أسفل الدرجات واتينا في أخر الأمم.
وصدق علينا عويل ذلك الشاعر على قومه حين قال ....
أيا لـهفاً ويا حزناً جميــعاً *** ويا حرَّ الفـؤاد لمِا لقينَـــــا !
تركنا الدّين والدنيا جميعاً *** وأسلمنا الحلائل والبنينَـــــا
فمــا كنّــا أنـاساً أهل دين *** فنصبر في البلاءِ إذا ابتلينَا
ومـا كنّــا أنـاساً أهل دنيا *** فنمنعها ولو لم نرجو دينــَا
Bookmarks