السياسة مصالح
وقد تبدي لنا الأيام العجب وإن خفي أمر اليوم فغدآ لابد أن يظهر !!
وليس كل ما يقال في العلن هو الحقيقة او هو الواقع
فالسلطة وحب الكرسي تدفع البعض للتحالف مع الشيطان !
أدعوكم إخوتي لقرآءة هذا المقال للكاتب منير الماوري !!
هل أجهضت إسرائيل مشروع التغيير في اليمن ؟!
منير الماوريalmaweri@hotmail.com تحدثت مؤخراً مع قيادي كبير في المعارضة اليمنية؛ فاجأني بقوله إن "الجماعة عندك في واشنطن يقفون حجر عثرة أمام التغيير المرجو في اليمن"، واستمر يتحدث وكأن الأميركيين ليسوا بشراً مثلنا وإنما لديهم قدرات ربانية لإحداث التغيير أو إحباطه في أي مكان في العالم..
رديت عليه بأن أميركا لو كانت قادرة على التغيير لأوجدته في إيران وكوريا الشمالية وكوبا وفنزويلا أو غيرها من الدول المزعجة لواشنطن، أما ما يتعلق باليمن فليس من مصلحة واشنطن تغيير نظام الرئيس علي عبدالله صالح مادام يقدم لها كل شيء بأرخص الأثمان، ولكن ليس في مقدور واشنطن أن تمنع التغيير إذا ما صمم الشعب اليمني على إحداثه.
* نعرف أن الدوائر السياسية الثلاث المحلية والإقليمية والدولية تربطها حلقات متداخلة وتؤثر كل دائرة على الأخرى، ولكن تبقى الدائرة المحلية هي الأقوى لأنها القادرة على إجبار الدائرتين الدولية والإقليمية على التعامل الإيجابي مع أي تغيير قد يحدث على المستوى المحلي بفعل تصاعد الغليان الشعبي. ولكن في بعض الحالات يتدخل العامل الخارجي لإحباط مشاريع داخلية استراتيجية إنما ليس بمعزل عن التعاون المحلي.
* ولعلي لا أكشف سراً إن قلت إن التصريحات العنترية العلنية التي تدلي بها القيادات اليمنية ضد إسرائيل تخفي في طياتها تعاوناً سرياً خطيراً بين السلطتين القائمتين في كل من صنعاء وتل أبيب. ولكن السر في الموضوع هو ما توصل إليه كاتب هذه المقال من معلومات هامة وخطيرة من مصادر موثوقة عن زيارات متكررة إلى إسرائيل قام بها أحد معاوني الرئيس، يعرف شوارع القدس أكثر من أي فلسطيني أو إسرائيلي، وقائد عسكري كبير يزعم للإسرائيليين أنه من أصول يهودية، ومسؤول يمني كان يعمل سفيراً في فترة ما في دولة مجاورة لإسرائيل، وكانت تأتيه هدايا القات أسبوعيا من داخل إسرائيل إلى مقر سفارته يحملها مبعوثون إسرائيليون قد يكونوا مرسلين من جهاز الموساد.
هؤلاء الثلاثة لا يمكن أن يزوروا إسرائيل للمتعة أو بدون إذن من الرئاسة، بل يقومون بمهمات لا ندري ما هي.
* الزيارات المكوكية والتعاون اليمني في مجال التجسس على رجال المقاومة الفلسطينية في صنعاء وكشف شبكات تهريب الأسلحة، أوجد للنظام اليمني مكانة لا يحظى بها مع إسرائيل أي نظام عربي آخر حتى من بين أولئك الموقعين على اتفاقيات سلام. وكثيراً ما ردت إسرائيل الجميل عن طريق استثمار علاقاتها في واشنطن لصالح اليمن خصوصاً خلال حرب 1994، وما بعدها. وقد يعتقد البعض أن العلاقات الأميركية اليمنية يمكن أن تتيح للسلطة القائمة في صنعاء معرفة معلومات سرية عن معارضيها، وهذا مستحيل حدوثه رغم أن واشنطن أصلا مدينة عصية على الأسرار وكل شيء فيها تقريباً مكشوف. ولكن صنعاء -على الأرجح- تحصل على معلومات في غاية السرية من إسرائيل لأن إسرائيل لديها صلات خاصة مع واشنطن ولديها أنصار وجماعات ضغط يمكن للحكومة اليمنية أن تستعين بهم بتوصية من إسرائيل.
الأسرار الخطيرة التي قد تكون وصلت إلى القيادة اليمنية عن طريق إسرائيل، بغض النظر عن صحتها أو عدم صحتها، ما علمه كاتب هذا المقال من مصدر يمني مقرب من الرئاسة بأن صنعاء وصلتها معلومات مهمة عام 2002 عن مشروع تغيير حقيقي يعد له في اليمن.
لقد كانت هناك مشاريع تغييرية تتبناها قوى وشخصيات معارضة، أبرزهم ثلاثة قياديون هم الراحل جارالله عمر من الحزب الاشتراكي، والراحل يحيى المتوكل من الحزب الحاكم، والشهيد الحي محمد قحطان من تجمع الإصلاح.
ويعتقد المصدر أن المتوكل تمكن من استقطاب الراحل مجاهد أبو شوارب إلى مشروعه بعد أن جرى حل الخلاف بين الرجلين بوساطة (...).
الرد على مشاريع التغيير خاصة المتمثل في اللقاء المشترك هو قرار تصفية الرجال الأربعة، رغم أن اثنين منهم كانا محسوبين على السلطة وليس المعارضة، ولم ينجو من الغدر سوى الأستاذ محمد قحطان الذي وصلته في وقت لاحق رسالة تهديد مفزعة، ولكنه استمر في لعب دور كبير في اللقاء المشترك إلى أن رأى حزب الإصلاح إبعاده من فوهة المدفع أي الدائرة السياسية في الحزب ربما حماية لحياته بعد أن تصاعدت التهديدات ضد الرجل. ويبدو أن السلطة وجدت أن لعبة الغدر أصبحت مكشوفة فتراجعت عن استهداف قيادات الإصلاح بالذات خوفاً من أن يكون الرد صاعقاً بصورة قد تؤدي إلى العصف بجميع المتآمرين من أهل السلطة، خصوصا أن الإصلاح لن تنطلي عليه لعبة حوادث السير المدبرة. لكن السلطة ذاتها أرسلت مؤخراً رسالة ذات مغزى إلى القيادي في حزب الإصلاح الأستاذ عبدالوهاب الآنسي، لجس النبض حول طبيعة الرد الإصلاحي. ويتحتم على الأستاذ الآنسي والأستاذ اليدومي والأستاذ محمد قحطان وجميع قيادات الإصلاح والاشتراكي والناصري والشخصيات المستقلة التعامل بحذر مع السلطة الغادرة ومع أنصارها في الخارج والداخل على حد سواء.
* ليس هناك ما يؤكد اشتراك الأستاذ محمد قحطان أو جارالله عمر في أي تواصل مع الأميركيين رغم زيارة الأخير للولايات المتحدة قبل وفاته بفترة، ولكن الأستاذ الراحل يحيى المتوكل كان على تواصل مستمر مع واشنطن، وكان يضطر أحيانا للسفر إلى المغرب من أجل إجراء بعض المكالمات الهاتفية، بشهادة العديد من أصدقائه ممن لا داعي لذكر أسمائهم هنا منعاً للإحراج. وكان رحمه الله يدرك أن الولايات المتحدة دولة عظمى يجب إطلاعها على أي مشروع تغيير نابع من حاجة محلية. ولكن الرجل رغم ذكائه لم يتصور على ما يبدو أن إسرائيل يمكن أن تطلع على بعض الخفايا وتكشف السر لأنصارها في اليمن، وربما لم يدرك أن إسرائيل تربطها بالحاكمين في صنعاء علاقة أعمق من العلاقات اليمنية الأميركية.
* مشروع التغيير لم يفشل ولكنه تعثر، فمازال اللقاء المشترك هو البديل الأفضل للسلطة الآيلة للسقوط في صنعاء، ولكن مشكلة اللقاء المشترك تكمن في الفهم الخاطئ للدور الإقليمي والدولي وتقليله من شأن الدور المحلي. وإذا ما استمر اللقاء المشترك في انتظار الضوء الأخضر الأميركي أو الأوروبي أو السعودي لإحداث تغيير يرضى عنه الشعب اليمني فسوف يطول الانتظار. أما إذا راهن اللقاء المشترك على الشعب اليمني والشارع اليمني فسرعان ما سيأتي إليه الأميركيون والصينيون والطليان والعربان جميعاً طالبين القرب من اللقاء المشترك.
* هنا لا أحرض اللقاء المشترك على اتخاذ مواقف متسرعة ولكن الغرض من هذا المقال هو تحذير قيادات المعارضة من غدر السلطة وتآمرها على حياة المعارضين. وعلى هؤلاء المعارضين أن يوجهوا تحذيراً واضحاً للسلطة من الإمعان في أساليب التصفية والاعتقال والإرهاب، لأن ما يمكن أن تقوم به السلطة من تآمر يمكن أن يقوم به أي حزب صغير في اليمن، ولكن يجب ألاَّ يخرج أي طرف من الأطراف عن أصول اللعب السياسي النظيف. وأظن أن الحزب الاشتراكي اليمني مازال حتى الآن يدفع ثمناً باهظاً لسكوته عن التصفيات الجسدية التي تعرض لها أكثر من 150 قيادياً اشتراكياً عامي 1992 و 1993. أما الآن فيجب على رجالات اليمن إيقاف السلطة عن غيها في قتل رموز الشعب اليمني والمخلصين لهذا الشعب من أبنائه المقيمين في الداخل والخارج. ويتحتم على المعارضة اليمنية أيضا أن تستفيد من التجربة الإيرانية لأن حيوية الشعب الإيراني تجبر أي مراقب من الخارج أن ينحني إجلالا لهذا الشعب الذي يقاوم جلاديه سواء ظهر هؤلاء الجلادون في بدلة شاه أو تحت عمامة فقيه.
Bookmarks