الأنترنت في (قفص الاتهام)



تحقيق/فارس أبوبارعة
farees_barah@hotmail.com

أجساد تتقرفص على كراسٍ طيلة 24 ساعة، وأنامل خرساء تداعب لوحة المفاتيح وتتحدث مع الآخرين بلغة الحب «المزيف» تدير القلوب رغم أنها خرساء وقلوب صامتة تعشق رغم المسافات والحواجز التي تقف سداً منيعاً يفصل بينهما، لكنها ورغم ذلك تسافر عبر «دردشات الانترنت» وتطير محلقة في سماء الوهم والسراب تدعي الحب رغم أنها عكس ذلك..علاقات زوجية بالكم الهائل يكون نضجها عبر الانترنت و«الدردشة» سرعان مايحكم عليها بالفشل مخاطر وأضرار تلحق بالمدمنين والمدمنات على الانترنت وبخاصة الفتيات لكنها ورغم التجارب يظل الأدمان في رأس القائمة..!


قفزة ولكن

الانترنت شبكة عالمية تربط بين البشرية من كل أنحاء العالم عبر جهاز صغير الحجم عبره يتم اتصال الناس وتعارفهم من كل مكان رغم اختلاف أجناسهم وأوصافهم وحتى ثقافاتهم، وبذلك استطاع جهاز الانترنت الربط بين كل المجتمعات وجعلهم يعيشون في مجتمع واحد، بحيث أصبح من الضروريات التي لايستطيع الاستغناء عنها أي منا ورغم أن الشبكة العنكبوتية أصبحت ضرورية لحياة الشعوب في كل المجالات إلا أنه لايخلو من السلبيات التي طغت عليه وحولته إلى كمين وفخ جهنمي لبعض مستخدميه وهو الاغلب.
فلكل شيء في هذه الحياة ايجابيات وسلبيات فنجد في مميزات الانترنت أنه أصبح أساسياً في حياتنا، كما أن الانترنت ليس تطوراً للتكنولوجيا فقط، بل هو تطور علمي وفكري واجتماعي وهو المسئول الأول عن القفزة الهائلة في العلم والمعرفة، والعلاقات الاجتماعية ومجالات الاتصال، ولقد ساعد على إنشاء علاقات بين الشباب وبعضهم من خلال مواقع الدردشة التي تجاورت قاعدة الاصدقاء الفردية والمكان والزمان فساعدت على انتشار الثقافات المختلفة وانتشار اللغات، واستطاع الشباب أن يستفيد من الانترنت في جميع المجالات في كل ماهو مفيد وجديد لهم إلا أن للانترنت آثاراً سلبية على الجميع وخصوصاً الفتيات اللواتي من أجلهن يدخل الكثير إلى الشبكة العنكبوتية، وسنشرح لكم ذلك لاحقاً.

الفتيات والإدمان

أن النت أصبح خطراً وأضحاً على انقراض أخلاق وآداب مجتمعاتنا من لدى الكثير ممن يستخدمونه من شبابنا وفتياتنا وهن الأكثر تعرضاً لهذه الاخطار خصوصاً الفتيات المراهقات.
اللواتي يذهبن إلى المقاهي لقضاء كثير من الساعات على جهاز الانترنت بدون مراقبة من قبل الوالدين والأسرة، ولا أنكر أن بعض الأسر لاتقبل أن تذهب البنت إلى المقهى ولكن هناك الكثير من الفتيات يخلقن أعذاراً واهية لأسرهن فتدعي بأنها تذهب إلى السوق أو الجامعة أو إلى إحدى صديقاتها ومن ثم تثق الاسرة في ذلك الكلام الواهي وتسمح بخروج الفتاة التي تذهب إلى المقهى وهناك تجلس ساعات تدردش مع الشباب ولامانع أن ترسل صورتها عبر النت طالما الكاميرا موجودة على الجهاز فإنها ستتحدث وعلى الهواء مباشرة مع هذا الشاب الذي تعرفت عليه «بالصوت والصورة» بكلام غير أخلاقي.
هناك بعض الشباب بعد أن يأخذ صورة الفتاة يستخدم تلك الصور كسلاح فتاك ويهدد بما لديه تلك الفتاة التي أوهمها بأنه يحبها ثم تجد بأنه يطلب منها الكثير من الأشياء وإلا سيقوم بنشر تلك الصور على الشبكة مما يؤدي إلى رضاها باتباع مايمليه عليها خوفاً من «الفضيحة».
أيضاً قد تشاهد الفتاة مقاطع أو أفلاماً إباحية حيث أظهرت بعض الدراسات أن التأثيرات النفسية والصحية بسبب الإدمان على الانترنت ومشاهدة الافلام الاباحية قد تصيب الفتاة أكثر من الشباب باضرار عدة.

زوجات معلقات

المرأة المعلقة هي التي أهملها زوجها ولاتوجد بينهما أية علاقة تواصلية ولكن في هذا العصر وجدت كثيراً من النساء المعلقات بسبب إدمان أزواجهن على الانترنت لساعات طويلة صامتين لايتحدثون لنسائهم وإذا أجابوا على كلماتهم وأحاديثهم يكون ذلك بكلمات مقتضبة وموجزة لاتزيد على عبارات نعم، أولا، أو لا أدري، أو ماشابهها من الكلمات التي تقتل تلك المسكينة القابعة ساعات وساعات في انتظار دخول الزوج عليها وإذا به ينصرف كلياً أمام شاشة الانترنت.
وأسوا من ذلك لو حامت الشكوك حول سلوك الزوج خلف الشاشة وبسبب سهرة الممتد لساعات طويلة ربما تمتد إلى ساعات الصباح الأولى وهو مغلق على نفسه في غرفة خاصة يرفض أن يصل أحد إليها، وعلى جهازه حماية من الدخول على النظام بكلمات سرية لاتعلم المسكينة ما الذي يسرق الزوج وما الذي يشده نحو الشاشة؟ ومن الذي يخفيه عنها؟ ماذا تفعل مع هذه المصيبة التي لاتدري إلى أين ستصل بزوجها ولاتدري كيف ستواصل حياتها التعليقية مع هذا الزوج المدمن المنصرف عنها وعن أولاده بالانصراف التام والكامل نحو الشاشة.

تعارف وصداقة

قتل الفراغ أحد أسباب الإدمان على الانترنت من قبل الفتاة كما اتضح لنا ذلك من خلال ماقالته إحدى المدمنات على شاشة الانترنت وهي الأخت «فاطمة العبسي» طالبة بجامعة صنعاء حيث تقول: أحياناً أذهب إلى الانترنت كي أقتل الفراغ الذي يوحشني وأحياناً أخرى أذهب إلى المقهى هروباً من المشاكل الأسرية.
ثم تقول الأخت فاطمة بأنها تذهب إلى الانترنت أحياناً وتترك محاضراتها الجامعية وكل ذلك سببه الإدمان منذ أمد بعيد، أما بخصوص التعارف بين الشباب والفتاة فتقول: لامانع من التعرف على شخص آخر عن طريق الانترنت من أجل الاستفادة منه شريطة أن يكون هذا التعرف قائماً على قاعدة الصداقة الحقيقية والاستفادة من الكم الهائل من المعلومات التي يقدمها الانترنت في جميع المجالات على حد قولها.
إقبال الفتيات أكثر
من جانب آخر يتحدث الأخ سليم محمد صاحب أحد المقاهي بأمانة العاصمة حول الموضوع بقوله: نحن قمنا بفتح المقهى لغرض الكسب والربح ولاتهمنا متابعة الزبون للانترنت ماعدا مشاهدة الافلام الإباحية التي لانسمح لأحد بزيارة هذه المواقع.
أما في جانب الفتيات فيقول: نحن خصصنا للفتيات جناحاً خاصاً ولانعلم ما الذي يفعلن في جناحهن وإذا قمنا بالمراقبة عليهن فيعد ذلك في قائمة التجسس على الآخرين وفيما يخص الاقبال على المقهى يقول: من الساعة التاسعة صباحاً وحتى التاسعة مساء يكون الاقبال من قبل الفتيات أكثر من الشباب أما في الليل فالرجال أكثر من النساء ويجلسون حتى الصباح الباكر ثم ينصرفون.

دراسات

أكدت إحدى الدراسات التي أجريت وشملت 15دولة عربية أن عدد مستخدمي الانترنت في الوطن العربي قد وصل إلى 5.12مليون مستخدم في نهاية 2004م وتشير الدراسة إلى أن أكبر عدد من مستخدمي شبكة الانترنت في مصر حيث بلغ عددهم نحو 450 ألف مستخدم وتأتي الامارات في المرتبة الثانية 410آلاف مستخدم تلتها السعودية ولبنان، وهناك دراسة أخرى عالمية بينت أن 5.7 من مستخدمي الانترنت مصابون بما يعرف بإدمان الانترنت، وقد حددت ساعات الإدمان بـ 34 ساعة أو أكثر أسبوعياً وقد وجدت بأن أكبر نسبة هم من الشباب الذين لاتزيد أعمارهم عن 28 عاماً، وأن 2.8% من الفتيات هم مدمنون على الانترنت وتقل هذه النسبة عن الفتيات لتصل إلى 6%.
أما بالنسبة الذين لديهم قابلية للإدمان فقد كشفت بعض الدراسات بأنهم أصحاب حالات الاكتئاب، والمتماثلون للشفاء من حالات إدمان سابقة على الكحول والسجائر والأكل، كذلك الذين يعانون من الوحدة والملل «مثل ربات البيوت» والذين يكون لديهم تخوف من تكوين علاقات اجتماعية أيضاً الذين لديهم قابلية بشكل عام والذين يبحثون عن المتعة.

مشاكل عن طريق الإدمان

هناك العديد من الاضرار النفسية والمشاكل الصحية والاجتماعية والوظيفية التي يسببها الإدمان على الانترنت ومن أهمها مشاكل صحية مثل اضطراب النوم والسمنة وزيادة الوزن وألام المفاصل والظهر وانحناء في العمود الفقري وإرهاق العينين وضعف البصر أيضاً حيث تلقي الإشارات الضوئية من شاشة الكمبيوتر والتي اكتشف بأنها تعمل على زيادة الشحنات الكهربائية في الدماغ.
أما المشاكل النفسية فهي الشعور بالعزلة، فهو يغرق في عالم افتراضي يمكن أن يؤدي به إلى الانفصال عن حياته الواقعية، وقد يؤدي الانقطاع الطويل إلى الاكتئاب والقلق وتقلب المزاج.
بالنسبة للمشاكل الأسرية فتبدأ بالتقصير بواجبات المدمن تجاه أهله وقلة تفاعله مع المجتمع وقضاء أوقات أقل مع أسرته والأكثر يقضيها مع شاشة الانترنت، كذلك يهمل واجباته الأسرية والمنزلية والوظيفية ويقوم بربط علاقات غرامية تتأثر بها العلاقات الزوجية وتنتج عن ذلك خلافات أسرية بسبب غياب المشاركة الوجدانية والفعلية في مجريات أمور الأسرة.
وهناك أيضاً مشاكل أكاديمية تأتي بسبب الإدمان على شاشة الانترنت مثل: انخفاض مستوى درجاتهم وتغيبهم عن حصصهم ومحاضراتهم وجامعاتهم وقد تحدث مشاكل في العمل نتيجة سهره طوال الليل مما يقود إلى انخفاض مستوى أدائه في العمل وقد يؤدي ذلك إلى فقدانه لوظيفته.