احتراماتي محافظ القراطيس!
محمد حسين الرخمي
منذ تولى يحيى العمري مقاليد الأمور في محافظة ذمار والأصوات الغاضبة تتناثر هنا وهناك سخطاً وتبرماً من أدائه، والتهم بالفشل والارتجال والاهتمام بسفاسف الأمور وصغائرها تتوالي عليه من كل حدب وصوب.
إلا أن ما يميز هذه الانتقادات هذه المرة ويضع عليها العديد من علامات الاستفهام أنها صادرة من نافذين ومسئولين في المحافظة وعدد من قيادات الحزب الحاكم فيها، بخلاف ما عهدناه في السابق، حيث كانت هذه الانتقادات والشكاوى مقتصرة على عموم أبنائها المغلوبين على أمرهم والذين طالما عبروا عن سخطهم الشديد من أداء محافظيها، خصوصا في عهد منصور عبدالجليل ومحمد حاجب، ولولا المحافظ الدرة الذي حل بينهما وشهد عهده ازدهاراً كبيراً لمحافظة ذمار وتنفيذ العديد من المشاريع الحيوية فيها لكانت ذمار قد تحولت إلي قرية صغيرة تسكنها الكلاب والأشباح!
وعوداً على بدء.. فقد أصبحت قصص ومغامرات المحافظ وشرشحته بالمسئولين، خصوصا الفاسدين منهم، والتفنن في عقابهم ومحاسبتهم فاكهة المجالس في مدينة ذمار. وفي المقابل، لم يعد أمام مدراء العموم والمسئولين المتضررين إلا مجالس القات لصب جام غضبهم على العمري ووصفه بأقذع الألفاظ، واستعراض قدراتهم الإدارية العالية وحسهم الوطني المرهف الذي يفتقر إليه المحافظ الذي لا يفقه – كما يقولون - من أمور الإدارة إلا ملاحقة القراطيس والبحث عن ذرات الغبار في المكاتب والمرافق الحكومية.
وغاب عنهم أن نظافة مكان العمل والاهتمام بمظهره العام من بديهات التحضر والرقي وليس الإدارة فقط.
والغريب أن ما يؤخذ على العمري ويُعد في نظر البعض مثلبة كبيرة، هو تركيزه - إلى جانب النظافة - بتشجير مدينة ذمار وزراعتها، وهو أمر بنظرهم لا يليق بمسئول في مستواه ومركزه، ولا تستحق منه كل هذا الاهتمام الذي يوليه على حساب قضايا المحافظة الأخرى.
ورغم ظاهر البراءة في هذا الطرح، إلا أنه ينم عن جهل أصحابه بقضايا واهتمامات المواطنين في هذه المنطقة الزراعية من اليمن التي يمتهن معظم أبنائها الزراعة منذ آلاف السنين وليس من عهد هذا المحافظ فقط.
ومع ذلك نفترض بأن العمري محافظ فاشل ولا يحترم أحداً من العاملين معه ولا يهتم إلا بالقراطيس والقمامة وأشجار الزينة و.. و... غير ذلك مما يروجه عدد من النافذين والمسئولين بالمحافظة والذين كانوا قبل أقل من عام يرونه مكرمة رئاسية. ما الذي يجبركم على البقاء تحت إمرته وتحمل بذاءاته وإهاناته كل هذه المدة! أليس الأجدر بكم أن تحترموا أنفسكم وتقدموا استقالاتكم، ودعوا ذمار تواجه مصيرها المجهول مع هذا المحافظ.. والذي يظهر بأنه لن يستريح حتى ينظف كل قراطيسها وأوساخها!
لست هنا بصدد الدفاع عن العمري، الذي أشك كثيراً بأنه يهتم بالصحف ناهيك عن قراءتها، إضافة إلي انتقادي لعدد من جوانب أداءه في المحافظة والتي باعتقادي أن الاستمرار فيها قد يورث الفشل حتى لو كان حسن النية، غير أن ما يهمني هنا وما أستطيع أن أؤكده أنه استطاع خلال زمن قصير إيقاف الكثير من جوانب العبث والاستهتار في هذه المحافظة، وأن بقاءه صار يهدد الكثير من الفاسدين ومصاصي دماء الشعب وناهبي أمواله.. وهذا يكفيني لأرفع يدي محيياً هذا المحافظ ومتمنياً له النجاح.... حتى لو كان محافظاً للقراطيس فقط.

* نقلا عن صحيفة المصدر
21/03/2009