فرق بين أن تكره الحكومة والحزب الحاكم وأن تحرق البلد
شتان بين أن تكره وتعادي الحكومة والحزب الحاكم، وأن توجه لهما سهام النقد الحاد، وبين ان تكره الوطن والدولة والنظام، وأن يلجأ ويتعمد البعض الى اشعال الفوضى والحرائق، كل الحكومات متغيرة باستمرار وذاهبة.. والاحزاب تظهر وتزول، اما الوطن والدولة والنظام فهو المظلة التي يستظل ويحتمي تحتها الجميع ويحتويهم جميعاً، حكومة ومعارضة، احزاباً وقوى سياسية، رجالاً ونساءً، الدولة ملك لكل اليمنيين وليس للحكومة او المؤتمر الشعبي العام او لاحزاب المعارضة، الاحزاب جميعاً زائلة واليمن باقية.
ان الدولة التي ارتضاها كل ابناء الشعب اليمني لها مقومات ثلاثة:
- وحدة الارض اليمنية وسلامتها واستقلالها.
- وحدة الشعب اليمني تحت مظلة المساواة بين كل اليمنيين فلا فرق بين شمالي وجنوبي ورجل وامرأة، وفقير وغني الجميع لهم نفس الحقوق وعليهم نفس الواجبات والحفاظ على الوحدة ركن من اركان استقرار وازدهار الدولة اليمنية.
- سيادة الدولة على أراضيها وعلى شعبها بمقتضى عقد اجتماعي واساسه الديمقراطية وحقوق الانسان والحريات العامة وحماية جميع طلبات المجتمع في مقابل الحكم.
هذه خطوط حمراء معروفة في كل الدول ولكل الشعوب ولا يجوز الاقتراب منها او تجاوزها، وهي العقد الدائم بين الدولة ومختلف الحكومات والاحزاب التي تذهب وتجيء، ولكن الدولة باقية لانها المظلة التي يحتمي تحتها الشعب اليمني كله.
لماذا إذاً تتداخل الخطوط ولا يعرف البعض الفرق بين حكومات واحزاب يمكن ان توجه اليها سهام النقد، وان تكون محاسبتها واجبة والمطالبة بتغييرها وارد، اما عن طريق صناديق الانتخابات أو بالمسألة الشعبية والبرلمانية، وبين ضرب الاعمدة التي تحمل نظام الدولة، وكأن الحكومة هي الدولة والاحزاب هي الوطن، وبدلاً عن تلك المقدمة النظرية أسوق بعض الامثلة التالية:
لماذا تتعمد بعض القوى في المعارضة ان تتصيد اية مشكلة طارئة لتفتح ملفات الفتنة القديمة والحديثة، ولماذا تعرية كل الجروح التي التأمت منذ سنوات طويلة، ولماذا الاصرار على ايقاظ عشرات المشاكل النائمة كلما حدثت مشكلة صغيرة؟
لماذا اذا ارادت الدولة ان تحمي نفسها في الحاضر والمستقبل من خطر الارهاب والتطرف والتوظيف السياسي للدين الذي يفجر الحروب والصراعات والفتن والقتال بين ابناء البلد الواحد، وتجارب الدولة في الماضي والحاضر مريرة ودامية، وهل يختلف احد على ان منع هذا الخطر هو ضمان الامان والاستقرار، وهل يختلف احد على ان التطرف والارهاب والصراعات الدينية هي التي تفتت الدول وتشعل النار بين ابناء الشعب الواحد؟
هل يمكن ان يختلف اثنان على ان مصلحة البلد هي في الدولة المدنية القوية التي يحكمها الدستور والقانون، ولماذا تعطي بعض القوى ووسائل الاعلام التابعة لها صفة الشرعية لتلك الاعمال التي ترتكب في حق الشعب وتضر المصلحة العامة، وهل كراهيتها للحكومة وسعيها والتخلص منها يجعلها تتحالف مع ذئب كاسر لا يمكن الاطمئنان اليه.
بعض القوى ووسائلها الاعلامية تتعمد ان تجعل كل «مستصغر شرر» حريقاً كبيراً وتتفنن في القاء الزيت والبنزين فوقه، ويتعدى الامر حرية الرأي والصحافة والاعلام الى غريزة الانتقام وتصفية الحسابات وهدم البيت على رؤوس من فيه.
وبعيداً عن هذه النظرية فقد رأينا على أرض الواقع كيف تهلل بعض القوى ووسائل اعلامها عند ظهور جماعات جديدة او كيانات غير شرعية تعادي الدولة والشعب بكامله حتى لو كانت هذه الجماعات والكيانات تنفذ اجندة خارجية تستهدف استقرار وسيادة اليمن، وكأنها فتح مبين سوف ينقذ البلاد والعباد، كل دورس الماضي والحاضر تقول انه اذا استحضرت كياناً غير شرعي لضرب كيان شرعي فسوف يتحول الكيان غير الشرعي الى ذئب شرس يستحيل ترويضه وتطويعه، فهل وصلت كراهية البعض للحكومة والحزب الحاكم الى درجة التحالف مع اعداء الديمقراطية وهم يعلمون جيداً أنهم سوف يتخلصون منهم ومن الحرية والديمقراطية عند أول فرصة.
الحكومات تصيب وتخطيء والحكومة الحالية لها حسنات وسيئات، ودائماً من يعمل لابد ان يخطيء، والكمال هو لله وحده جل جلاله، ومن وجهة نظري الشخصية يوجد العديد من الوزراء وقيادات العمل الحكومي في المؤسسات والهيئات الذين يدسون رؤوسهم في الرمال خوفاً من النقد والهجوم، وبعضهم مد جسور الود والتفاهم الخلفية مع المعارضة والصحف تجنباً لشرهم وشرها، وبعضهم مع شعار «من عاش مداري مات مستور» وبعضهم جاء خطأ وليس عنده ولا لديه القدرة على المواجهة والتصدي.
الحكومة مثلها مثل بقية شرائح المجتمع فيها كل هذه الاصناف في الاعلام والثقافة والسياسة ومختلف المجالات، هناك من يمالي وينافق، لكن هناك ايضاً من يتصدى ويواجه في الحكومة كذلك وزراء وقيادات مقاتلون لا اريد ان اذكر اسماءهم يقاتلون في البرلمان وفي وسائل الاعلام ويتصدون للشائعات ولا يهربون وهم اكثر تعرضاً للنقد والهجوم، ولكنهم لا ينسحبون ولا يتراجعون.
ولكن في النهاية البلد ليست بلد الحكومة وحدها، وليس معنى ان يقول شخص رأياً معارضاً ان يصبح عدواً، ومن يوالي ويوافق هو الصديق، وليس منطقياً ان تحشد الحكومة أسلحتها لمن يختلفون معها، بل يجب ان تحترم الجميع وتستمع للجميع، وتحترم المعارضين مثل الموافقين.
بعض القوى السياسية تتعامل مع القضايا الكبرى بطريقة «عليا وعلى أعدائي» بمعنى اذا لم ترضخ الحكومة لمطالبها وتنزل عن رأيها تناصبها العداء، وتعلن عليها الحرب والسبب هو أننا حتى الآن لم نتعلم «ثقافة الاختلاف»:
ثقافة الاختلاف معناها ان تتعود المعارضة على ان تواجه الحكومة بوسائل ديمقراط،ية وأن تستخدم كل أوراق الضغط المشروع دون اللجوء الى اقتحام الخطوط الحمراء التي تهدد امن الوطن واستقراره ووحدة شعبه وسلامة أراضيه، فالخطر إذا جاء لا قدر الله لن يفرق بين مؤيد ومعارض، ولا بين مواطن عادي ومواطن نخبوي، الجميع في المواجهة.
ثقافة الاختلاف تتطلب من الحكومة والحزب الحاكم أن يتعاملا مع احزاب المعارضة بطريقة الشركاء وليس الضعفاء.
ثقافة الاختلاف تقتضي توسيع دائرة المشاركة، وما الذي يضر الحكومة إذا استعانت ببعض القيادات الكفوءة من خارج المؤتمر، ومن أحزاب أخرى او مستقلين، ما دام أعلن قبوله وموافقته على تنفيذ البرنامج المتفق عليه، صحيح أنه برنامج المؤتمر الشعبي العام، لكن بعد اقراره هو ملك لكل اليمنيين والحكومة التي اختارها المؤتمر بعد ان تقسم اليمين هي ليست حكومة المؤتمر بل حكومة كل اليمنيين.
ثقافة الاختلاف تقتضي أن نترك مفردات الاحتقان والغضب والدعوة الى الفوضى غير الخلاقة والطوفان القادم، فلو جاء ذلك -لا قدر الله- فسوف يدهس تحت اقدامه الجميع.
رسالة قصيرة موجهة للأخ محافظ محافظة لحج والجهات المختصة:
مصادفة وصلت الى يدي رسالة استغاثة موجهة لوزارة الادارة المحلية من أبناء غابة الزريقة الدائرة 63 وأبرز ما ورد فيها:
ان نقيل الهجمة الذي لا يتجاوز 3 كيلومترات تحت التنفيذ من عام 1990م، ولم ينفذ حتى التاريخ، مشروع مياه انجز في عام 1999م بغرض خدمة 500 أسرة سيطرت عليه أيادٍ عابثة ولم يتم الاستفادة منه، كشافة طبية وجهاز تلفزيون طبي مازال من عام 1998م في الصناديق واشياء اخرى تضمنتها الرسالة.
وأنا بدوري أتساءل احياناً تكون المشكلة هي عدم توافر الاعتمادات المالية، ولكن في مثل هذه المشاريع والخدمات التي نفذت منذ سنوات، وكلفت الدولة الكثير، ولم يستفد منها المواطن حتى الان، من المسؤول عن ذلك؟
المجالس المحلية وحتى لو أفترضنا أنها مقصرة أو فاسدة فاين دور ممثل الدائرة في مجلس النواب لماذا لا يقوم بدوره الرقابي، اين مشاريع مياه الريف وأين مصلحة الطرق ووزارة الصحة وايضاً وزارة الادارة المحلية والتي من المفروض أن مهمتها الاساسية هي ادارة العملية التنموية المحلية، فهل يجوز ان تقوم الدولة بواجبها تجاه المواطنين، وتذهب تلك الجهود والاموال هباءً منثورا نتيجة غياب المتابعة.
مع تحياتي ،،،،
.
Bookmarks