أشفقت على صاحب هذه البقرة..

[بن حبتور]

أشفقت على صاحب هذه البقرة..
فهي من أصحاب المقامات العليّة البقرية لاترضى من البرسيم إلا بالأخضر الندي الذي قُطف للتو..ولو ثبت لها علمياً..أو من مصادر موثوقة أن البرسيم المقدم هو الذي تبقى من برسيمها قبل أسبوع..أو لاحظَت أن لونه قد تغير الى الصُفرة..لأضربت عن الطعام والالتهام..ولاثرت الموت جوعاً على هذه الوجبة القديمة في نظرها كبقرة تطورت حتى صارت تصنف الأطعمة

لاتقبل إلا الأخضر..والأخضر الندي الطري فقط.. وكل ماسواه من طعام فسيبقى مكانه ولن تتناول من لقمة واحدة..

لسان حالها:

أبت لي عزتي وأبى إبائي

صاحب البقرة أوشك على الإفلاس بسبب عزة هذه البقرة وأنفتها..

التقى المهموم..!! بأحد أصحاب الرأي..ربما انه ممن شيبت الأبقار رأسه ولحيته

هذه قصتي..فانظر ماذا ترى؟

أشار عليه بالذهاب إلى أقرب محل ( حدادة )..و.............الخ

ذهب صاحب البقرة إلى الحداد..وعاد من عنده بنظارة خضراء ليضعها على اعين بقرته..

نظارة تختصر مئات الألوان..إلى اللون الأخضر..

الأصفر والأحمر والأزرق..يصبح أخضرا مع هذه النظارة..

ولو قُدر للبقرة أن تتسمر أمامة شاشة التلفاز القديم الأسود والأبيض..لما رأت إلا اخضراراً يحول التلفاز إلى حزمة برسيم يُخشى عليها من الهجوم

ثم ماذا حصل؟

أراد نفعاً فأضر..أصبحت تأكل الحالي والحامض والأخضر واليابس والكبير والصغير...فكل شيء صار أخضراً أمامها..وأمامها هي فقط !

الحذاء السوداء البالية - اجلكم الله -..التهمتها بقرتنا لأنها صارت بهذه النظارة (حذاء خضراء )!

قطعة القماش البنفسجية أصبحت في بطن البقرة..لأن البنفسجي أصبح أخضراً !

أكياس النايلون بمختلف ألوانها الطيفيه..تحولت إلى ألوان خضراء صالحه للأكل..!!

لقت البقرة حتفها..متأثرة بنظارتها ونظرتها الخرقاء..التي حولت الحذاء والكيس والقماش الى برسيمٍ أخضر..

سحبها صاحبها الحزين لفقدها..إلى مكان بعيد لكي لاتنتشر رائحتها العفنة في أرجاء القرية..

للأسف..‍‍‍‍!!

فكم منا من قد ارتدى هذه النظارة..! فأصبح يرى كل شيء كما تريد نظارته..لا كما يريد ربه..!!! عجبي !

* ألم يلبس بعضنا نظارة التشاؤوم السوداء..فأصبح يرى حياته وعلاقاته وماحوله ظلاماً أسودا..وجحيما مُحرقا..!! فلن ينتصر الإسلام..ولن تُهزم امريكا حتى تقوم الساعة - هكذا ينظر- والعتب على النظارة..


ألم يلبس البعض - ولو من دون قصد - نظارة العلمنه - التي تعمم الحكم - ..فأصبح أي حدث فيه إفساد وتخريب..كفيل بأن يُتهم به المشائخ وتتهم الحلقات..والجمعيات وغير ذلك..بأنها وراءه..حتى ولو أعلنوا البراءة منه..فإنهم سيُشتمون في القنوات والصحف والمنتديات..الخ - ولن يُلتفت إلى إنكارهم لهذه الأفعال -
على طريقة من قال :

ولو لبس الحمار ثياب خزٍ ** لقال الناس يالك من حمارِ


ألم نُّلبس..- وسأبنيها للمجهول وانت تعرفون هذا المجهول!!!- نظارة الشهوة والهوى من قبل الفضائيات..وغيرها من قنوات الإفساد..فأصبحنا لانهتم بما سنقدم عليه من معصية لله..ومن خطر على ديننا ودنيانا..مادام أن نظارة الشهوة زينت لنا هذا العمل..كما زينت نظارة البقرة الحذاء لها فأكلتها فلقيت حتفها..!!
يحرم الله النظر إلى النساء..فنلبس نظارة الشهوة وإطاعة الهوى..فننظر إلى النساء في الفضائيات والمجلات وغيرها..

يحرم الله أكل الربا..فنلبس نظارة الشهوة وتقديم الفاني على الباقي..فنأكل الربا..

يحرم الله عقوق الوالدين..فنلبس نظارة الكبر والعزة بالأثم..فنعقهما..ولانبالي

ولنضرب بأوامر الله عرض الحائط..( هذه الحقيقة وإن لم نقصد.. )

ألم...... وألم...... و.......ألم ؟؟؟

نعم...... ونعم...... و......نعم..للأسف


الله يأمر وينهى..ويحذر ويخوف ويرهب ويرغب..ثم ماذا ؟

نظارة شهوة وهوى..نلبسها فننظر الى المخاطر والمهاوي والمعاصي.. نظرة الراغب فيها الطامع بمواقعتها..بعد ان تُحول النظارة...( النار الحمراء..الى جنة خضراء ).. حتى إذا غصنا فيها بأرجلنا وذقنا طعمها بألسنتنا..وإذا بالسم الزعاف..يسري في أجسامنا لنموت كما ماتت بقرتنا..التي سعت الى حتفها بظلفها وهي لاتعلم..!

ألم يأن ان نخلع هذه النظارة..بجميع أشكالها وألوانها..لننظر بمنظارٍ.. يريد الله ان ننظر به؟ ( ويريد الذين يتبعون الشهوات ان تميلوا ميلا عظيما )

أريد ان تكون بقرتنا الراحلة درساً لنا لكي لانهلك كما هلكت..ونحن نظن أننا ممن يحسنون صنعا..

أما هي فقد سُحبت إلى مكان مجهول..بعيد!

حماني الله وإياكم



اللهم امين

[همسات المحبة]

:D:D:D:D:D:D