{ تربط الجمهورية اليمنبة بسلطنة عمان علاقات متميزة، وعلى مر العصور توطدت بين شعبي البلدين الجارين الشقيقين روح الإخاء والتعاون.
وتلك العلاقة الأخوية الخاصة والتي تمتد جذورها إلى أعماق التاريخ ظلت ولا تزال تغذي وتنمي أواصر المحبة والوفاء والتعاطف الأخوي الصادق بين شعبي البلدين الشقيقين برعاية قيادتيهما الحكيمتين فخامة الرئيس علي عبدالله صالح وجلالة السلطان قابوس بن سعيد حفظهما الله.
وفي ظل زعامة هذين القائدين المخلصين الحكيمين توصلت الجمهورية اليمنية وسلطنة عمان إلى توقيع اتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين الشقيقين في عام 1994م وقد أصبحت تلك الاتفاقية مثلاً يحتذا به وتوالت بعده العديد من الاتفاقات الحدودية بين دول المنطقة.
ووفقاً لاتفاقية ترسيم الحدود بين البلدين تم الاتفاق على ربط البلدين براً من خلال منفذين حدودين هما منفذ المزيونة - شحن المشارف على صحراء الربع الخالي، وكذلك منفذ صرفيت الواقع على الشريط الساحلي الحدودي والمتميز بالطبيعة الخلابة التي جمعت بين البحر والساحل والجبال والخضرة والضباب.
ويرتبط البلدان من خلال هذين المنفذين بطرق إسفلتية معبدة يبلغ طولها من منفذ شحن وحتى مدينة الغيظة (120) كيلو متراً ومن منفذ شحن وحتى مدينة سيئون (500) كيلو متر.
ومع تنامي حركة الاتصالات الهاتفية الدولية بين البلدين الشقيقين، والتي تتم حالياً عبر المحطات الأرضية والقنوات الفضائية، فقد سعى وزيرا الاتصالات في البلدين إلى إنشاء شبكة اتصال جديدة لربط البلدين بأحدث التقنيات وبالسعات الكبيرة المناسبة للتنامي المضطرد لحركة التواصل والتبادل التجاري ولذلك تم الاتفاق بين معاليهما على تنفيذ مشروع مشترك للربط بين البلدين بشبكة الألياف البصرية والتي تمثل أحدث التقنيات في عصرنا الراهن.
وعلى طريق الإعداد والتنفيذ لهذا المشروع الهام قام فريق فني يمني بزيارة سلطنة عمان وعقد مع نظيره الفريق الفني العماني عدداً من اللقاء والمناقشات الفنية وقام الفريق المشترك بزيارة ميدانية لمسار كابل الربط انطلاقاً من مدينة صلالة بسلطنة عمان وحتى مدينة سيحوت اليمنية.
وفي ختام المناقشات والتي سادتها روح التعاون الأخوي الصادق توصل الفريق الفني المشترك إلى محضر اتفاق مشترك تم توقيعه في مدينة الغيظة عاصمة محافظة المهرة، وذلك بتاريخ 17 سبتمبر 2003م وفي ضوء ذلك تم الاتفاق على اختيار تقنية التراسل الحديثة SDH STM - 16 .. وهذا المشروع الهام لا تكمن أهميته في ربط البلدين الجارين فقط، ولكنه يمثل إنجازاً هاماً ستعود فائدته بإذن الله تعالى، ليس فقط على البلدين الجارين ولكن على كافة دول المنطقة.
وتأتي الأهمية الاستراتيجية لهذا المشروع في كونه سيكمل الحلقة المفقودة لشبكة التراسل بالألياف الضوئية والقادرة على تأمين الربط بين كافة دول الجزيرة والخليج بأحدث تقنيات العصر، وهي الألياف البصرية وبالسعات الهائلة القادرة على مجاراة التطورات المتسارعة في عالم الاتصالات وتقنية المعلومات.
وبالنظر إلى ارتباط كافة دول المنطقة بالعديد من شبكات الألياف البصرية البحرية والبرية التي تربطها ببعضها وبالعديد من دول العالم الأخرى فإن ذلك سيوفر خيارات أكثر للربط وضمانات أكبر لاستمرارية الحركة وعدم انقطاعها واستيعاب الحركة الزائدة في بعض المناسبات مثل عيدي الفطر والأضحى والحج .. وبتحقيق استغلال أفضل لشبكات الربط بين دول المنطقة يصبح من البديهي إعادة النظر في التعرفة الدولية الحالية والعمل على تخفيضها، الأمر الذي ستكون له فوائده الإيجابية في زيادة التواصل والترابط الاجتماعي والثقافي والاقتصادي بين شعوب المنطقة.
وعلى الرغم من المسافة الشاسعة الفاصلة بين آخر نقطة توصلت إليها شبكة الألياف البصرية من الجانب اليمني (مدينة سيحوت) وآخر نقطة من الجانب العماني (مدينة تمريت)، حيث يبلغ طولها زهاء (700) كيلو متر، وعلى الرغم من تلك المسافة الشاسعة وصعوبة الحفريات المطلوبة لزراعة كابل الألياف على جانب الطريق التي معظم طبيعتها صخرية، على الرغم من كل ذلك، إلاَّ أن الجهات المسؤولة في البلدين تحرص على بذل كافة الجهود الممكنة لإنجاز هذا المشروع الهام في أقل فترة زمنية ممكنة وفي غضون عام واحد فقط على أقصى تقدير.
*مدير عام التخطيط والمشاريع - المؤسسة العامة للاتصالات
رئيس الفريق الفني المفاوض لمشروع الربط
Bookmarks