منقول من أحد المواقع :
وللرئيس علي صالح كلمات وأسئلة..
يا فخامة الرئيس .. ندرك أن هذا وقت عصيب دون شك، يلزم الجميع بإعادة النظر في كثير من الأوراق السياسية..
لا يزال الكثير يتذكر عملية إنزال صورك من الميادين والمباني العامة بعد أن أظهرت شاشات التلفاز ما حدث لمجسمات وصور صدام حسين ، وقد أعتبرها الكثير بادرة ذكية جداً منكم ، وإدراكاً حقيقياً منكم لطبيعة المرحلة ومعطياتها. والحقيقة يا فخامة الرئيس أن العراق بكل مآسية – وللأسف – هو درس للجميع: حكاماً ومحكومين ، سلطة ومعارضة.
نحن بالطبع لا نتمنى لكم ولاسرتكم ، وللبلد الغالي ورجالاته إلا كل الخير ، إلا أن الأماني وحدها لا تكفي. هناك الكثير من العمل لتصحيح أخطاء كبيرة ، وهناك إلتزامات ضخمة لتعديل مسارات أنحرفت بالأمة اليمنية عن نهج الحكمة والإيمان. ولهذا فكلماتنا لكم هي كلمات هم مشترك. فاليمن كما تعلمون يقيناً ليس بأفضل حالاً من العراق قبل هذه المأساة المعدمة. ففي العراق طوائف وفي اليمن طوائف ، وفي العراق قبلية وفي اليمن قبلية أكثر تزمتاً ، وفي العراق ثارات ونعرات وفي اليمن مثلها. نظام العراق السابق أسكت كل تلك الأمراض فقط ولم يخنقها ، تقيحت تلك الأمراض في الظلام و تضخمت في صمت.
في اليمن لم نستطع حتى أن نسكتها.
في العراق – وبمجرد أن هوى النظام - أنفجرت تلك الأمراض المتقيحة موتاً ودماراً.
في اليمن الحال يبدو أسوء ، والنذر كثيرة.
يا فخامة الرئيس ..
أنت لا تحتاج من يصفق لك ، فالمصفقون كثر ، ولاتحتاج جوقة أفاقين فهم كثر أيضاً ، أنت تحتاج إلى عين وأذن مخلصتين صادقتين في نقلهما الحقيقة على ما فيها من مرارة.
كان الجميع يعلم أنك الممكن الوحيد في الإنتخابات الرئاسية الماضية ، وقد فزت – بإعتراف منافسيك وعلى الرغم من الخروقات – وصرت تملك (ولأول مرة ) شرعية سياسية حقيقة ، ثم ها أنت اليوم تحملها واقفاً على مفترق طريق صعب. فماذا أنت فاعل؟
أنت تمثل جيل من الزعماء العرب لم يبقى منهم سواك والرئيسين مبارك والقذافي (فإن صدق المنجم الشارني وتوفي مبارك والقذافي في هذا العام – وكذب المنجمون ولو صدقوا ) فستكون أنت آخر ذلك الجيل. إلا أنكم تواجهون تحدياً أكبر من تحديهم ، فالمعطيات اليوم هي تماماً غير المعطيات التي تكونت أفكاركم ومعتقداتكم عليها ، والتحديات أصعب من مفاهيم ضيقة كانت رائجة في فترة من الفترات.
اليمن يا فخامة الرئيس لا يزال يعيش – وبعد ثلاثة وخمسين عاماً من الثورة وما يقارب الثلاثين عاماً من حكمكم – تحت ثلاثية الفقر والجهل والمرض ، فلماذا؟
نحن نأمل أن تستطيع في خلال السنوات السبع القادمة – أمدك الله بالقوة – إصلاح ما أفسدته سياسة التوازانات التي عملت عليها فيما مضى ، ولم تجلب للبلد وثعابينه الجائعة –كما تصف مواطنيك - إلا المزيد من الضياع والفساد.
تكاثرت حولنا الغيلان المتوحشة ( من شيوخ مناطق و مسؤلين مدنين وعسكريين متنفذين ) ...
لم يرحموا الأرض... ولم يرحموا من عليها!
اليوم يا سيادة الرئيس يقف اليمن في فوهة مدفع ، تحت ضغط إملاءات داخلية وخارجية ، والحل الوحيد هو مواجهة الفساد وبناء دولة حقيقة على أنقاض هذه الدولة التي تكاد تهوي على رؤس الجميع.
إن هناك الكثير من الأسئلة ، التي لابد أن نسألك عنها بشفافيه مطلقة ، ونريد منك إجابات حقيقة على أرض الواقع عملاً لا قولاً فقد تشبعنا تماماً في الخمسين العاماً الماضية بما يكفي من الأقوال والوعود.
نسألك يا فخامة الرئيس.. وأنت من يسأل:
لماذا بلدنا فقير معدم وأهلنا مشردون في كل أصقاع العالم يبحثون عن لقمة العيش؟
لماذا بلغت دول الجوار من النهضة والتطور – التي بدأت عملها بعد ثورتنا بعقود – ما بلغت وبقينا نحن قاعاً صفصفا؟
أين نفطنا منذ ثلاثة وعشرون عاماً؟ أين ثروات بلادنا؟ أين خيرات أرضنا؟
ألست أنت قائد مسيرتنا ، فأين ضاعت مسيرتنا وأين تاهت خطانا حتى صرنا نستجدي العالم شرقاً وغرباً ونفاخر بتلقي صدقات يتبعها المن والأذى؟
أنت يا فخامة الرئيس – وهذه هي ضريبة قيادة المسيرة – من تتحمل مسؤلية ما وصلنا إليه، فالقيادة سلطة ومسؤلية ، ولايعفيك من هذه الأسئلة أنك سمّاعٌ لأصحاب القصور والسيارات الفارهة الذين نسوا معنى الجوع والحاجة.
لقد فتحنا أعيننا وأنت رئيس لهذا البلد ، وهاقد أنتصفت أعمارنا وأبيضت رؤسنا وأنت لازلت رئيسه ، فقل لنا يا فخامة الرئيس ، لماذا لا يزال حال أبناء اليمن كما تعرف؟
ولماذا صارت ماجدات اليمن وسائل للإستمتاع السياحي ، بينما نحن نملئ الدنيا صياحاً عن رجولاتنا المفرطة وقيمنا التاريخية؟!
يا فخامة الرئيس..
نحن لا ننكر أن هناك منجزات تحققت ، لا ننكر أن هناك مستشفيات ومستوصفات ومدارس و.. و.. ( مما يبكتنا به المسؤلون ليلاً ونهاراً وكأنها منهم أفعال أحسان وأياد بيضاء لا واجبات عمل )
نحن لا ننكر هذا ، بل نحن أسرع من يقول بوجودها ، لكننا نقول أن وتيرتها ونوعيتها لا تتناسب وكل هذه السنوات الطوال، فلماذا؟
لماذا صارت بلدنا مضرب الأمثال في التخلف والأمية والفقر ، ولماذا فقدنا فخارنا وعزتنا – شعباً وأرضاً – وصرنا كالأوبئة بين أخوتنا من العرب الذين يتأففون منا ، وينظرون إلينا شزراً؟
لماذا - يا فخامة الرئيس - صارت يمنيتنا.. وصمة عار و سمة إحتقار ؟
من يحمل هذا الوزر سوى القيادة والحكومات "الرشيدة"؟
يا فخامة الرئيس ،
نريد منك أن تقف وقفة صدق مع نفسك ومعنا ، وقفة مراجعة شفافة مع النفس ، تقول لنا فيها أين الخطأ وكيف سيصحح الخطأ ؟
يا فخامة الرئيس ، ما كان شديد المحلية كان بالتالي شديد العالمية ، هذه قاعدة متعارف عليها ، فنريد منك أن تبنى مجدك الحقيقي ببناء بلدك وتنمية أرضه ورخاء أنسانه. وأن تتجنب بناء مجد زائف في حدود الذات ، وانظر الفرق – وأنت رجل حصيف - بين مجد زايد الأمارات وبين مجد صدام العراق ، الأول بنى مجده ببناء بلده فخلدوه بحق ، والآخر بنى مجده في حدود الذات .. فأين صوره وتماثيله ، وأين صار اليوم؟
نريد منك أن تسمع لمرة واحدة للناصحين الصادقين من أبناء شعبك المهيض ، وأنت الرجل البسيط ، أبن الأرض الطيبة. نريدك أن تتوقف عن فتح أذنيك لبطانة لا تزيد على رصها الأكاذيب، وأنت تعرفهم أكثر من أنفسهم.
قل لنا يا سيادة الرئيس ، بعد نصف قرن من الزمان، بماذا يمكن أن يفاخر اليمن الجمهوري ؟
بالطرق؟ نصف البلد (بما فيه العاصمة ) لاتزال طرقه ترابية ، والمعبدة منها تحتاج إلى صيانة بعد أن تآكلت.
بالكهرباء؟ ..لاتعليق فأنت تعرف.
بالماء؟ .. نحن مهددون بالجفاف خلال السنوات القليلة القادمة..
بالمدارس والتعليم المجاني؟ .. حتى هذه صارت لطخة عار في وجوهنا!
بالمستشفيات؟ مسؤلينا حجاج لمستشفيات الخارج ، ومسشفيات الداخل لمن يدفع أكثر ، وفسادها حدث ولا حرج!
بالإنسان اليمني؟
بماذا؟
بطاقته؟ سل الشباب البائس اليائس الذي أكل القات طاقاتهم واكلت العطالة أمالهم.
عن كرامته و أمنه وأنسانيته؟ سل قتلة الحامدي الذي ذهب فيما لا يساوي قيمة أرنب، وسل عن قاذفي أعراض حرائر اليمن رحمة حجيرة والأغبري و سواهما كثر. وسل عمن غيب سعيد الإبي وعن حمدان الدرسي وما فعله به الفاشق الفاسق..
سلهم يأتوك بالخبر اليقين عن الإنسان اليمني.
بالأرض؟
أي أرض؟ العطشى أم البور ؟ أم تلك التي إلتهمتها مساحات القات؟
بالإستثمار؟ سل الفارين من المستثمرين ورجال الأعمال.
بعدالة القضاء؟ سل المظلومين على أبواب المحاكم عن قضاياهم ، وكيف يبيعها من لا يعرفون لعمائم القضاء إجلالاً.
بدولة القانون؟ فماذا عن قوانين المشايخ و سجونهم؟
بماذا يمكن أن يفاخر اليمن الجمهوري إذاً؟
نريد منك يا فخامة الرئيس ..
أن توقف عجلة هذا التدهور المعيب والمريع في كرامة اليمن شعباً وأرضاً..
أن تعطى..شلة "المخلصين" (لمنافعهم فقط) أجازة مفتوحة ، أن تخبرهم أن (التاكس تعطل نهائياً) ، وأن لا مكان لهم في اليمن الجديد ، وأسألهم : لماذا أوصلونا هذا الوادي البور؟
نريد منك حكومة رجالها خلصاء للخير ممن يعلمون أن المسؤلية أمانه ، وأنها أمام الله خزي وندامة.
نريد منك وقفة قوية ( والجميع معك ، لأن الجميع مرهق متعب )
وقفة حازمة..تصلح بها حال البلاد والعباد ،
وتقيم ميزان قسط ، تعيد بهما الأمل بغد أفضل لهذا الشعب المهيض.
يا فخامة الرئيس..
البلد هش..هش ،
بلا مؤسسات حقيقة ..
بلا بنيان حقيقي لنماء الإرض والإنسان ،
ونحن نخرج من نقرة لنسقط في حفرة ..
الجميع يعرف ذلك ، وأنت تعرف ( وهي بدون شك مصيبة ) ، فإن كنت لا تعرف فالمصيبة أعظم.
البلد في خطر.. وآيل للسقوط المريع.
التقارير الدولية تحذر ،
والخبراء يحذرون ،
والمواطنون يشعرون بذلك ويعشونه يوماً بعد يوم ،
فقط الوزراء ورئيسهم يؤكدون العكس،
فمن يصدقهم فيما هم لا يصدقون أنفسهم؟
وسلهم يخبروك..
فإلى متى ندس رؤسنا في التراب وكأن كل شئ على ما يرام؟
نريد ديمقراطية حقيقية ، تكون مخرجاً لنا من هذا النفق المظلم.
ديمقراطية تكفل للفرد كرامته وحريته في قول ما يشاء دونما تجريح لمؤسسات أو أشخاص.
فحتى ديمقراطيتنا..تشبه تصنيفة القات ، بمجرد أن تحتدم معاركها ، لا تبقى أطرافها لبعضها البعض موفور عرض أو كرامة. لقد سائنا أن نشاهد المعركة الإنتخابية التي تبادلتم فيها الإتهامات مع منافسيكم ، وجاء الناخب وقضاياه في آخر القائمة ، سائنا أنكم تشنجتم وهددتم بالـ"عرقنه!" والـ"صوملة!" ، وخونتم معارضيكم – وهم وجه السلطة الآخر كما كنتم تقولون دوماً- وجعلتموهم تتاراً ومغولاً ، وقطعتم حبال التعاون وأحرقتم جسور التواصل البناء و التنافس الجيد.
نحن نعرف أن المعارضة أثبتت فشلها ، و نعرف مدى جمودها وتحجرها وبعدها عن روح الشارع ، فهي بذلك ليست بأفضل حالاً من غيرها..
نحن نعرف ذلك ، ونعرف كذلك أن في المعارضة أناساً هم أبعد ما يكونون عن الديمقراطية.
لكن الأشخاص هنا ليسوا هم البوصلة والمحور ،ولكن مصلحة الوطن.
يا فخامة الرئيس ...
نريد منكم أن تكونون بحق قائداً تأريخياً ( بأبوية – للأسف – لا تزال جزء من المكون السياسي في وعي الأمة)..
نريد منكم قيادة حكيمة واعية ..تحركون بها المياة الراكدة وتقودون عملية واسعة للتغيير والتطوير، بعيداً عن المزايدات والمناكفات والمكايدات السياسية.
نريد منكم تشريع سياسي واضح ، يحد من نظريات التوريث الذي نشتم رائحته ونرى نذره في الأفق
ونريد هيكلية سياسية وإدارية حقيقة تعطى فيها الحكومات المحلية صلاحيات مطلقة حقيقة ، يراقب فيها المسؤلين ويسألون ،
ونريد منك تأسيس جمهورية حقيقية تبقى بعدك ، وتذكر بها ،
قوامها دستور حقيقي ثابث لا يغير مع كل هبة نسيم ،
ومعيارها توازن وإتزان دقيقين بين الصلاحيات والمسؤليات.
نريد جمهورية جديدة تكون أبعد ما تكون عن جمهوريات الموز ،
ونظام دوله حقيقي هو أبعد ما يكون عن أنظمة ( لا يسأل عما يفعل وهم يسألون)
نريد أن نعيش مجدنا وتاريخنا واقعاً ..
لا أن نستهلكهما في زخرف من القول غرورا.
نريد غد أفضل..
ليمن جديد أفضل.
بقلم/صادق المولد
Bookmarks