توقفت عجلة الزمن, و جلست عقارب الساعة تنظر لبعضها بعضا, في ذهول, فكم كانت تجري وتركض دون توقف, كم كانت سريعة حركة الثواني, تمشي بعدها الدقائق في أناة,بخطى ثابتة قائلة, إن لم تلحقوني, ستنالون العقاب, فدقيقة واحدة مني قد تغير الكثير, بينما تسترخي الساعات وتتمطى ولكن ترتسم على شفاهها ابتسامة الرضا, فهي مثمرة, وتعرف أنها كذلك.
احتفل الوقت بنفسه وبثماره و ظل يركض ويركض ولكنه ابطأ الخطى, كم كانت عقارب الساعة تجري لاهثة راجية أن تتوقف, لحظة, دقيقة, ساعة, كي تستريح, كم كان خاطفا ذلك الوقت, كم كان كاذبا , كم كان صادقا, كم كان عجولا, كم كان جميلا, كم كان راكضا, لكل الاتجاهات المتعاكسة.
ولكن توقف سير عقارب الساعة, كانت ساعة وقودها دم و حلم, برد الدم من فرط حماسه و تغير شكل الحلم, و انتبهت الساعات و الدقائق و الثواني, أن كل شئ قد تغير, فتلقت إشارة, فدقت صوت التوقف, كم أرادت ذلك التوقف وكم كانت تصلي لأجله, ليس لأنها تكره الركض, بل لأنها تريد أن تغير الدم, وتعبر عبر أزمان أخرى و هي واقفة, أرادت أن ترى الوقت يجري في ساعات أخرى أرادت أن توقف عقاربها كي تتفرغ للمشاهدة.
كم كانت غبية, تلك الساعة, لأنها كانت تعتقد أنها بذلك قد نالت شرف الركون في أحد الأرفف. عرفت الساعة خطأها و أرادت أن تمشي من جديد,و أن تركض من جديد و أن تسمح لعقاربها بمعاكسة بعضهم بعضا بسعادة و فرح أرادت بدمها الجديد أن تعيد إصدار صوت الساعة مجددا, تك تك تك تك, عرفت أنه لا يهم أي دم تحمل, بل يهم ألا تتوقف عن الدوران.
Bookmarks