يظن الكثير ان اكبر معارك الانسان تكمن في محاربة اعدائه من حوله والانتصار
عليهم وان المعركة المصيرية له هي تلك التي ينتزع فيها ما يريده من الحياة وما يظن
أن سعادته ستكون في امتلاكه ......قد يكون هذا معتقد اكيد للبعض لكن الحقيقة غير
ذلك تماماً ،ففي فضاء الحياة المترامي الاطراف الكل هائمٌ في فلكه، الكل سابحٌ تحت
تأثير الاخرين من حوله ...فهذا يجذبه وهذا يستعبده وهذايستغله وهذا يغويه و لكن
هذا الوضع المزري لا ينطبق ابدا على اولئك الذين انتصروا في معاركهم الكبرى ...
( معركة الذات )
يوما بعد يوم يفهم المرء أن معركته مع من حوله لا تساوي شيئا أمام معركته مع نفسه وذاته
..نسبة النجاح في المعركة الداخلية ضئيلة جداً وتحتاج الى حشد كل طاقاته وتركيزه وجهوده
..تحتاج الاستمرارية وشفافية وارادة لا تعرف اللين .
لاحظ الان احوال الناس من حولك ..بل حالك انت اولاً ..كم مرة وجدت نفسك سأماً ومملاً
من المكان الذي تعيش او تعمل او تدرس فيه ؟؟ هكذا دون سبب مقنع !!كم مرة اشمئزت
نفسك من التعامل مع شئ او شخص او مكان ؟؟؟هكذا دونما مبرر قوي ووجيه !!! كم مرة
خارت قواك او فقدت اعصابك امام موقف بسيط او رداً على فعل تافه لا يستحق ؟؟؟!!
لا حظ منحنى انجازات حياتك ....ياه انه اشبه بسلسة جبلية تصعد حيناً وتنخفض احياناً كثيرة ....لماذا ؟
بالتأكيد لا تعرف او ان الاسباب التي تسوقها غير اكيدة وغير مقنعة البتة، كنت تكتب جيدا في
عدة مجالات من العلوم...لم تعد كذلك ، كنت تقرض الشعر فجأة تركته ،
لربما كانت القراءة احب اليك من طعامك، والان ماعادت تجد لها مكاناً في جدول اعمالك .
..وقد تعتذر بضيق الوقت وكثرة المشاغل والحقيقة انك ما خصصت لها وقتا محددا كما فعلت لنومك وطعامك ...
الكثيرون - ولعلك واحداً منهم - سيصارحك احدهم انه كان في ما مضى لاعب جيد في هذه اللعبة او تلك
..او ان له هواية احبها وبرع فيها ثم اندثرت في ما مضى ، او انه كان كذا او كذا او كذا ولكن عفا الزمن
على كل ذلك ولم تبقى الا الذكريات والتحسرات .لماذا فقد الكثير بريقه ؟؟
ببساطة لأنهم ليسوا شُهبا ...نعم فالشهب تتألق في السماء المترامية الارجاء ولكن ليس كتألق النجوم
او الشموس الثابتة الجامدة بل لها تميزها الخاص ، فهي تتألق بجمال متحرك ولافت للنظر .
.رائعُ بخطه المضئ الخاطف ..الشهاب ...يعرف الى اين اتجاهه والافضل لكل من امامه
ان يبتعد لانه سالكُ في طريقه بقوة هائلة ...الشهاب يملك الهدف ويملك الدافعية الكاسحة
للوصول الى الهدف فلا تراه متعرجا او مترددا او بطيئاً ..انه يملك دافعية الحرارة والجاذبية
والتوهج والحركة الدائبة ..كل هذا يجعله من اروع ومن اجمل مافي الفضاء وهو لا يتوقف
الا حين يموت بالاصطدام المريع او بالوصل الى نهاية المطاف عند غايته ...
اية غايتةٍ ...تلك هي المعضلة !!! تلك هي المعركة الاولى والاهم في حياتنا ...
اكسب معركتك مع ذاتك وكن شهابا في فضاء الحياة ، ليكن لك خطُ واثرُ طويل من الانجازات البراقة
..ولتكن لك الدافعية المتوهجة التي لا يقف لها شئ ، والاهم من كل هذاأن يكون لك هدفا
واضحا تُريق حياتك انداءً سعيدة على سفوحه .
صدقني لا يمكنك ان تسعد بدون كسب هذه المعركة ..الى اين تريد ان تذهب ؟ وكيف تريد ان تكون
؟ماهي خطواتك ؟ماهي وسائلك ؟ من سيكون معك ؟ماهي معايير الوصول الى ماتريد ؟؟
هيا اجب .....لا تدع نفسك للظروف و الاقدار .... لا تلتفت الى الاعذار والاسقاطات الهدامة .
انك احق من غيرك ان تكون شهاباً متألقاً فانت الذي قررت في بداية مطاف ( نجاحنا)
ان تكون ( انت الجديد) مهما كان الملل اوالجمود الذي يلفك ، وانت من ادركت فيما بعد ان
(فن الحياة )في اقتناص الممكن للوصول الى اللاممكن ...ولقد عزمت ان لا تهزم ولا تهرب
الى زوايا العجز مهما احاطك المستحيل فلابد مما يمكننا عمله ،والان هاهي الخطوة العملية
الاولى في طريقنا الاكيد النجاح باذن الله ...حدد هدفك واتجاهك وتخصص حياتك قد تتعب
في الاجابة على كل تلك الاسئلة ولابد ان تتعب فهذه حياتك واغلى ما تملك
فانما هو عمر واحد فلا ترخصه بالتخبط والعشوائية ، لابأس ببعض الوقت المستنفذ في
التخطيط الشاق لتكسب الكثير ..ولتصبح شهاباً رائعاً سعيداً
ان العملاق الذي في داخلك يريد الانطلاق واحرفه تنقش في اعماقك تأكيد الرغبة ...
.فالعين..(عش ذاتك كما انت فلن تكون غير نفسك )
والميم...(مبادرة جبارة لا تعرف التهيب والتردد)،
اللام.....(لا تيأس فالحياة جائزة المثابرين )
والالف ....( الالف ميل بل الالف انجاز يبدأ بخطوة واثقة وعنيدة ) ولك في السلحفاة الرائعة عبرة ،
والقاف ....(قدّر وثمن قدراتك ومواهبك فلا نجاح بدون ثقة بالنفس واحترام لما اودع الله فيها )
وتذكر دائماً ان الطرق مهما تعقدت وتشابكت لابد ان توصل المسافر المثابر الى مايريد فقط
ان كان هو ذاته يعرف مايريد بالضبط ، وتأكد ان افضل وقت للبدء هو الان فلا تسوف
فالمارين كثير والفوز في السباقات الكبيرة يحسب بجزء من الثانية التي كانت هي فارق سرعة وقوة الانطلاق في خط البداية ..
احذر من مقبرة الأجرام السابحة في فضاءٍ مظلم من التيه والدلهفة .....كن شهاباً الان وانطلق
.......وبين صفحات كتاب (خطط لحياتك) للدكتور صلاح الراشد تجد مبتغاك فابداء ولا تعجز
من تصفحي جريدة نجاح
للكاتبة/ عائشة الصلاحي
القلم الذهبي
Bookmarks