بسم الله الرحمن الرحيم

لا يرضى ملك من الملوك أن يسمى أحد أفراد رعيته باسمه وهو من بني البشر يأكل كما نأكل ويشرب كما نشرب وينام كما ننام وله جسم ويعطش ويجوع و يغضب ويثور و يمرض ويموت أيْ فرقَ بين الملك وبين أحد الرعايا عنده من حيث التكوين الجسمي . ومع ذلك تأبى عزته و تَأبى كبرياؤه أن يُسمِّي أحد من أفراد رعيته اسمَهُ باسمه ، ولكن الله سبحانه وتعالى سمانا بعد أن عرفناه وطبقنا أمره سمانا مؤمنين والمؤمنون جمع مؤمن وسمى نفسه المؤمن وذلك بقوله تعالى :



(سورة الحشر)

الله عز وجل مؤمن ، ولكن مؤمن بماذا ؟ نحن مؤمنون بالله ، ونحن مؤمنون برسول الله ، مؤمنون باليوم الآخر ، الله عز وجل مؤمن بماذا ؟ قالوا : المؤمن اسم فاعل من فعل أمِنَ يأمن أمناً وأماناً ، فعل أمن له معنيان : المعنى الأول التصديق فعندما يقرأ الإمام سورة الفاتحة وعند انتهائه يقول المصلين جميعاً آمين أي يا رب نحن نصدق ما قال هذا الإمام ونحن معه ، فإما من التصديق وإما من الأمن ، فعل أمن إما من التصديق وهناك آية تؤكد على ذلك قال تعالى :


(سورة يوسف)

هذا من التصديق ، وأما المعنى الآخر فمن الأمن قال تعالى :


(سورة قريش)

الله مؤمن أي كلامه يجعلك تصدقه لأن أفعاله تصدق كلامه ، هذا معنى من معاني المؤمن * فما أكثر ما جاء العلم بنظريات ثم جاءت الحوادث فأبطلتها ، أما إذا قرأت القرآن وهو من عند الله عزوجل لن يأتي حادث يكذب ما قرأت في القرآن، هذه نقطة دقيقة جداً فالقرآن جاء قبل أربعة عشر قرناً والعلم تطورَ تطوراً كبيراً جداً ، ومعطيات القرآن صحيحة وثابتة منذ أن خلقت البشرية وإلى ما قبل خمسين عاماً في كفة ومنذ خمسين عاماً إلى الآن حدث تطور علمي رهيب جداً تجده في الكفة الأخرى ، ومع كلِّ هذا التطور فليس في العلم حقيقة تخالف هذا القرآن

الله مؤمن يهب الأمن للإنسان عن طريق ثبات صفات المواد* الشمس تشرق دائماً من الشرق لا يوجد مفاجآت لا يوجد دعاء شروق ، يارب الشمس لم تظهر اليوم أظهرها لنا! طمأنك ، الشمس دائماً تشرق ودائماً تغيب و الأرض دائماً تدور.

إذا أقبلت على الله عز وجل تأمن القلق وتأمن المرض وتأمن الضيق وتأمن التعب وتأمن الخوف فالله سبحانه وتعالى مصدر أمنٍ وأمانٍ للبشر ، بعض الجهات تُقْلِقك ولكن اسم الله المؤمن ، أي إذا سرت معه واتبعت أمره فأنت في أمن وسلام هذا المعنى الذي يليق بالله عز وجل فيما يتعلق بالمؤمن ، هو يعرف ذاته .

ورد في الحديث : " تخلقوا بأخلاق الله " .
فأنت كمؤمن أول صفة من صفاتك يجب أن يأتي فعلك مصداقاً لقولك وأن تلغي من حياتك الازدواجية : الظاهر والباطن ، العلانية والسريرة ، أن تكون في جلوتك كخلوتك ، هذا المعنى الثاني أن يأمن كل الناس جانبك .
عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمُسْلِمُ : مَنْ سَلِمَ الْمُسْلِمُونَ مِنْ لِسَانِهِ وَيَدِهِ وَالْمُؤْمِنُ مَنْ أَمِنَهُ النَّاسُ عَلَى دِمَائِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ (سنن الترمذي)



____________________
المرجع : موسوعة أسماء الله الحسنى
د. محمد راتب النابلسي