الحقيقة والخرافة

[hope]

الحقيقة والخرافة

"يجد العقل المطبوع على التصديق بهجة ما بعدها بهجة في تصديق الأشياء الغريبة , وكلما ازدادت غرابة سهل عليه تصديقها , غير أنه لا يحفل أبدا بتلك الحقائق الواضحة أو الممكنة , لان مثل هذه الحقائق الواضحة أو الممكنة يمكن لكل إنسان أن يصدقها" صمويل بتلر

بين الحقيقة والخرافة يجد الإنسان نفسه محاط بهالة من التشويش تقدم له الخرافة على أطباق ممزوجة بالحقائق – الوهمية – التي أصبحت تترجم كحقائق نتيجة للقصور في الانتقاء السليم للمعلومة منذ الصغر وبذلك امتزجت الخرافة بالحقائق وأصبحت جزء من الحقيقة بل إنها قد تتجاوز ذلك لتحل مكان الحقيقة في مواطن كثيرة.

قد يميل العقل بشدة ويشعر برغبة جامحة للنهل من مستنقع الخرافة حيث يجد المتعة والتشويق, وينفر من الحقائق الواضحة التي تشعره بالملل والكلل ولا يجد فيها ما تصبو إليه نفسه.
هذه العقول تحاول بشكل دائم وملح أن تزاوج بين العلم والخرافة لتبدو الخرافة في آخر المطاف وكأنها علم قائم على تفكير منظم ومبني على مجموعة من الأسس والمبادئ.

ما أسرع أن يتناقل الناس تلك الأحاديث عن المعجزات والقوى الخفية بل زد على ذلك الكم الهائل من الكتب التي أُلفت والمقالات التي كُتبت والمنتديات التي أُسست لكي يحتشد الملايين بعقولهم وأفكارهم لينهلوا من هذا المنهل العذب ( كما يرونه ).
فهاهي الأهرامات بتأثيراتها البيولوجية وقدراتها الفيزيائية الخارقة , تحفظ الأطعمة من الفساد و تشحذ الأمواس, بل زد على ذلك فهي تحتوي على لعنة حصدت أرواح الكثير ممن حاول الاقتراب من أسرارها وخفاياها. وهاهي المخلوقات الفضائية والحضارات المتقدمة تقطع هذه المسافات الكونية الهائلة لتعاشر أهل الأرض , ويتحدى مثلث برمودا العلم والعلماء بالتهامه مئات السفن والطائرات والبارجات وآلاف الناس .. !!

من المؤسف أن توزع قرابة 5 ملايين نسخة في شهور من كتاب (( مثلث برمودا )) للكاتب الأمريكي تشارلز بيرلتز ليصنع من هذا المثلث أسطورة تتربع ميثولوجيا العصر الحديث وتصبح حقيقة يتداولها الصغار قبل الكبار بينما يجهل المتعلم قبل الجاهل أهم ظواهر العصر الحديث كظاهرة الاحتباس الحراري.

يقول الدكتور فؤاد زكريا في كتابه التفكير العلمي (( واليوم , لايملك أي شعب يريد أن يجد له مكانا على خريطة العالم المعاصر إلا أن يحترم أسلوب التفكير العلمي ويأخذ به. فليس التفكير العلمي هو حشد المعلومات العلمية أو معرفة طرائق البحث في ميدان معين من ميادين العلم , وإنما هو طريقة في النظر إلى الأمور تعتمد أساس على العقل والبرهان المقنع – بالتجربة أو الدليل – وهي طريقة يمكن أن تتوافر لدي شخص لم يكتسب تدريبا خاصا في أي فرع بعينه من فروع العلم, كما يمكن أن يفتقر إليها أشخاص تتوافر لهم من المعارف العلمية حظ كبير , وأعترف بهم المجتمع بشهاداته الرسمية )).

هوب.