نشرت الحركة الاسلامية للاصلاح بيانا يؤكد اختطاف الامير سلطان بن تركي بن عبدالعزيز في سويسرا واليكم نص البيان



تفاصيل تنشر لأول مرة .. القصة الكاملة لاختطاف الأمير سلطان بن تركي بن عبد العزيز
في منتصف شهر يونيو الماضي اختفى الأمير سلطان بن تركي بن عبد العزيز من جنيف بعد أن شن حملة في انتقاد الفساد المالي والإداري في الدولة وبعد أن وعد بعقد ندوة خاصة عن الفساد في وزارة الدفاع. وأحيطت ظروف اختفاء الأمير بالسرية البالغة وسرت في البداية شائعات بأن الأمير تفاهم مع المسؤولين في العودة والقبول بعرض مالي مغري.

لكن الأخبار بدأت تتسرب فيما بعد عن عملية خطف معقدة شارك في التخطيط لها والمساهمة فيها عدد من الأمراء والمسؤولين وتبين بعد ذلك بأيام أن الأمير مرقد في قسم العناية المركزة في المستشفى التخصصي في حالة غيبوبة ثم توالت التسريبات حيث أفاق من الغيبوبة ثم تحسنت صحته نسبيا ثم نقل إلى منزله في إقامة جبرية وتحت حراسة مشددة.

وبعد أن استكملت الحركة جمع تفاصيل عملية الخطف من مصادر استخباراتية ودبلوماسية ومصادر داخل العائلة الحاكمة بالإضافة لعلاقات خاصة للشريف عبد العزيز الشنبري فقد رأت أن من حق الجمهور معرفة هذه التفاصيل والإطلاع عليها بالكامل. وها نحن نورد هذه التفاصيل مع تعليقنا عليها وتحليلها:


تتمة..
لماذا هذا التوقيت
ظن أبناء عبد العزيز وخاصة الأمراء سلطان ونايف أن تصريحات الأمير سلطان بن تركي الأولى التي بدأها قبل عام تقريبا مجرد طفرة أو حالة غضب سوف يمكن احتوائها بسهولة إما ماديا أو بوسائل التأثير الخاصة في الأسرة الحاكمة. لكن الأمير سلطان بن تركي واصل سلسلة التصريحات وبدأ يخطط لعمل بعيد المدى في فضح الفساد المالي والإداري وفوضى القرار في الأسرة الحاكمة، وبصفته من داخل الأسرة وكونه مقربا من بعض الكبار فإن لديه كثير من الأوراق التي تعينه في تحقيق ذلك. ولكن المعلومة التي هيجت أعمامه فعلا كانت محاولته الاتصال ببعض الفعاليات ذات المصداقية في العمل الإصلاحي والتي لها عمق شعبي كبير ثم حديثه في بعض الدوائر عن مطالبته بالمشاركة السياسية والمحاسبة والشفافية وإصلاح القضاء وهو تطور اعتبره أعمامه القاصمة لهم إن لم يقضوا عليه في مهده.

التوطئة باستغلال التسهيلات الدبلوماسية المؤقتة
رأى المخططون لعملية خطف الأمير سلطان أن التسهيلات الهائلة التي قدمت للحكومة السعودية في سويسرا بمناسبة زيارة الأمير عبد الله لحضور اجتماع دول الثمانية في شهر يونيو فرصة مثالية لتنفيذ عملية الخطف. وقامت السلطات السويسرية بتقديم تسهيلات للعائلة الحاكمة في إدخال وإخراج ماشاءت الحكومة السعودية من لوازم بما في ذلك السلاح والأدوية وكانت الطائرات الملكية تحط وتقلع في جنيف بانتظام ويغادر عليها عدد كبير من الاشخاص والممتلكات دون أي تدقيق من السلطات السويسرية التي قدمت لها الحكومة السعودية تعهدات بأن لا تسيئ استخدام هذه التسهيلات.

طائرات ضخمة تخصص للمهمة
ولتحقيق المهمة بشكل متقن فقد أرسلت طائرة إخلاء طبي تسمى إنديا فوكس وهي من طراز بوينج 747 لنقل الأمير بعد تخديره والتي وصلت لمطار جنيف قبل عميلة الخطف بأيام قليلة وكانت دائما في حالة جاهزية. كما اُرسلت طائرة أخرى خاصة لنقل أمتعة وأوراق وملفات ووثائق الأمير التي صودرت فيما بعد من الفندق ونقلت للرياض. من الجدير بالذكر أن هذه الطائرات سجلت رسميا في سويسرا بصفتها من ضمن الموكب الطائر للأمير عبد العزيز بن فهد الذي كان في زيارة لسويسرا وقتها.

صالح آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية يدشن مشروع الخطف
في يوم الخميس الخامس من يونيو 2003 الخامس من ربيع الثاني 1424 فوجيء الأمير سلطان بطلب زيارة من الشيخ صالح آل الشيخ وزير الشؤون الاسلامية والذي زاره فعلا وتحدث معه مطولا حول ضرورة رجوعه عما عمل وأن صالح آل الشيخ واسطة خير يأتيه بضمانات يتعهد بها إن عاد للبلد وترك ما يقوم به لن يصله سوء. ثم عاود الشيخ صالح وزير الشؤون الإسلامية الزيارة للأمير ولم يكن الهدف إقناعه بالتراجع بقدر ما كان كسب ود الأمير وثقته وذلك كله توطئة لما سيحصل بعد ذلك. وكان من ضمن مساعي الشيخ صالح إقناع الأمير سلطان بقبول زيارة من الأمير عبد العزيز بن فهد لمزيد من الترتيبات.

عبد العزيز بن فهد يُطمئن
نجح الشيخ صالح الشيخ في ترتيب الزيارة ووافق الأمير سلطان على استضافة الأمير عبد العزيز بن فهد حيث زاره مرتين الأولى في العاشر والثانية في الحادي عشر من يونيو. كانت الزيارتان لنفس الغرض ولتهدئة الأمير ومن ثم دعوته للقدوم إلى قصر الملك فهد في جنيف لاستكمال النقاش في قضية التصالح. وعرضت الدعوة لقصر الملك فهد كما لو كانت من باب تقدير الأمير سلطان وتم إفهامه أن هناك مدعوين غيره لإزالة الشك والريبة.

أعوان الأمير يُخترقون
في هذه الأثناء كانت المخابرات السعودية قد نجحت في اختراق عدد من المحيطين بالأمير من بينهم الخادم المقرب منه جدا ومأمور السنترال الخاص بجناح الأمير في فندق انتركوننتال ومسؤول الضيافة وربما مجموعة من حراسه. وكانت أهم نتيجة في هذا الاختراق هي تزويده بمادة مع الدواء تؤدي إلى التهور والثقة العارفة بالنفس وتشجعه على المخاطرة وربما كانت السبب في موافقته على الذهاب لقصر الملك فهد رغم نصائح المقربين بعدم المضي في ذلك. وكذلك نجح موظف السنترال في تشتيت المكالمات التي أتت من المتعاطفين لثني الأمير عن مغادرة الفندق.

في قصر الملك فهد
في صبيحة يوم الخميس الثاني عشر من يونيو الموافق للثاني عشر من ربيع الثاني توجه الأمير سلطان إلى قصر الملك فهد ومعه حرسه وسائقه ومرافقون آخرون. وبعد وصوله قصر الملك دخل وكأن الأمر طبيعي جدا وسمح لحراسه بالدخول والبقاء في الاستراحة المخصصة لهم قرب موقف السيارات وهو إجراء روتيني مع كل من يدخل القصر. وزيادة في طمأنة الأمير سلطان فقد كانت الجلسة في صالة المسبح وهو مكان يستطيع الحراس أن يروا فيه المجتمعين عن بعد ويستمعوا لأي استغاثة.
كان في جلسة الإفطار الأمير عبد العزيز والشيخ صالح آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية ومجموعة من الأمراء والاخوياء ومجموعة من كبار موظفي الديوان الملكي ومجلس الوزراء ا والسفارة. كان واضحا أن إيجاد هذا العدد الكبير إنما كان لإشعار الأمير سلطان بأن الأمر طبيعي جدا واللقاء لقاء محبة ومصارحة وأخوة وحوار جاد لمناقشة مستقبل البلد. وكان الحديث فعلا عن هذه القضايا وضرورة إيقاف هدر المال العام والأخذ على يد المبذرين وضبط الفوضى المالية والإدارية الحاصلة ولم يقصر الأمير عبد العزيز في مجاملة الامير سلطان بن تركي بجديته في نقاش هذه المواضيع.

من جلسة المسبح إلى مكتب الملك فهد
بعد أن انتهى الإفطار وكانت قد مرت ساعة من الزمن شعر الأمير عبد العزيز بن فهد بأن الأمير سلطان بن تركي قد اطمأن للوضع ووثق به وبدعوته وبحجة أن المدعوين كثير وهم بحاجة لكلام خاص طلب منه الانتقال إلى داخل القصر لكلام أكثر جدية وخصوصية. لم يتردد الأمير سلطان لسببين أولا لأنه تحت تاثير الدواء الذي يزيد الثقة بالنفس وثانيا لأنه رأى الأمور طبيعية جدا ولا يوجد أي تصرف عدائي أو قرينة تدل على سوء نية. وكان مما قاله الأمير سلطان بعد ذلك لبعض زواره أنه ظن أن عبد العزيز بن فهد الذي يتحدث عن والده بتبجيل ويزعم أنه بارّ به يصعب أن يستخدم قصر والده في جريمة ضد أحد أبناء عمه. انتقل الثلاثة (عبد العزيز بن فهد وسلطان بن تركي وصالح آل الشيخ) لداخل القصر وتوجهوا لأحد الصالات ثم قال الأمير عبد العزيز بأن هذه الصالات كبيرة ومن الأفضل للشعور بالتقارب والتفاهم أن نتجه لمكتب الملك فهد المجهز لما يشبه الاجتماع الخاص. وانتقلوا فعلا هناك وبدأ النقاش يأخذ طابعا أكثر جدية ووقتها كان الأمير سلطان يشعر براحة واطمئنان خاصة أنه ذهب للحمام وعاد دون مشاكل.

الننجا في مكتب الملك
فجأة جاء من يبلغ الأمير عبد العزيز أنه مطلوب للهاتف فاعتذر بكل أدب للرد على الهاتف وخرج من المكتب. بعد ذلك بدقائق اعتذر الشيخ صالح آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية بأنه يرغب بالذهاب للحمام وخرج من المكتب كذلك. بقي الأمير سلطان لوحده في المكتب مطمئنا يحدث نفسه بما سيؤول إليه التفاهم مع هذين الشخصين الطيبين الجادين. وبينما هو مستغرق في حديثه لنفسه فتحت أبواب غير أبواب المكتب العادية ودخل منها خمسة أشخاص ملثمين على طريقة الننجا وبأجساد ضخمة وهجموا على الغرفة بطريقة مرعبة ضربوا فيها الطاولات التي أمام الأمير ثم هجم عليه الجميع وأمسكوا به من جميع أجزاء جسمه ووضعوا قطعة قماش كبيرة على وجهه وأنذروه بعدم محاولة المقاومة أوالاستغاثة. ثم شعر الأمير بضربة في مؤخرة رأسه لم يفق بعدها ألا وهو في مستشفى الملك فيصل التخصصي بعد أسابيع.

في البدروم عيادة خاصة
لم يكن اختيار مكتب الملك عبثا والسبب هو أن هذا الجناح من القصر فيه ما يمكن أن يعتبر مستشفى مصغرا بكامل تجهيزات التخدير والعمليات وهو ما كان يحتاجه خاطفوا الأمير. نقل الأمير فورا بعد أن تعرض للضربة التي أفقدته الوعي لغرفة التخدير وقام بتخديره فريق خاص ريثما يصل لطائرة الإخلاء حيث قام على العناية به فريق آخر.

في الطائرة
نقل المخطوف بعد ذلك لطائرة الإخلاء الطبي (إنديا فوكس) حيث كان هناك فريق من المباحث ورجال المهمات الخاصة يديرون عملية نقله من قصر الملك فهد إلى الطائرة بعناية فائقة وذلك بصفته أحد نزلاء القصر تعرض لمشكلة صحية. في الطائرة كان في انتظاره فريق يديرهم الدكتور سليمان الحصيني مدير العناية المركزة في مستشفى الملك فيصل التخصصي والذي جيء به مباشرة من المستشفى التخصصي بتكليف شخصي من الأمير نايف ولم يخبر بشخصية المريض بل أخبر بأن أحد الأمراء مريض ويحتاج إلى نقل بطائرة الإخلاء الطبي وهو في حالة تخدير. وبينما كانت الطائرة في الجو تعرض الأمير لمضاعفات خطيرة وذلك لأنهم قاموا بتخديره تخديرا كاملا مباشرة بعد وجبة الإفطار مما أدى لعملية ارتجاع غذائي إلى الرئتين أدت إلى تلف معظم الرئتين وهو الأمر الذي بقيت آثاره إلى الآن حتى بعد أن استرجع الأمير وعيه. ومما زاد المضاعفات كون الأمير يعاني من زيادة كبيرة في الوزن وارتفاع كبير في ضغط الدم ومشاكل صحية أخرى.

السفير يصادر امتعة وملفات الأمير من الفندق
بعد أن تأكدت المجموعة الخاطفة من نجاح عملية الخطف توجه السفير ا لسعودي في سويسرة حبيب شاهين إلى فندق انتركوننتال وتحدث لإدارته زاعما أنه مكلف من الأمير سلطان بتسلم أمتعته وكل أوراقه ووثائقه وكافة ما ترك وتصفية حساباته مع الفندق وذلك لأنه تعب صحيا وقرر العودة للبلد. ولأن السفير جاء باسم الدولة لم يخطر ببال إدارة الفندق أن يكون السفير يمارس عملية نصب واحتيال وهناك من يقول بأن إدارة الفندق تعمدت تجاهل الموضوع لأنها حريصة على إرضاء الحكومة السعودية أكثر من المحافظة على أمانتها ومصداقيتها. وبعد مصادرة امتعة وملفات ووثائق الأمير نقلت للرياض في طائرة خاصة تحت إشراف المباحث ووضعت في حوزة الامير نايف شخصيا.

ضجة في العائلة خلال وجود الأمير في الطائرة
بعد حصول هذه المضاعفات تخوف الأمير عبد الله وسلطان ونايف وعبد العزيز بن فهد أن يحصل له مكروه فيتورطوا أمام والده وإخوانه ويطالبوا بثأره فبادروا بإبلاغ والده وإخوانه بقصة محرفة قبل أن يصل للرياض واعترفوا فيها بأنه مخدر وأنه في حالة غير مستقرة وقالوا أنه متوجه إلى مستشفى خاص ملحق بسجن الحائر. وهنا تدخل والده وأصر على أن ينقل إلى مستشفى الملك فيصل التخصصي في أفضل الأقسام هناك وإنه إن مات فسيحصل ويحصل. وفعلا تقرر نقل الأمير الى المستشفى التخصصي في وحدة العناية المركزة الملحقة بالجناح الملكي الخاص.

في التخصصي
حطت الطائرة في قاعدة الرياض الجوية والتي كانت مزدحمة بعناصر المباحث ورجال المهمات الخاصة ونقل الأمير على وجه السرعة لوحدة العناية المركزة في الجناح الملكي في المستشفى التخصصي في الرياض. هناك كانت دائرة المشرفين على علاج الأمير محدودة جدا ويمنع دخول أي شخص غير مصرح له للجناح. والجناح الملكي على كل حال تحت حراسة مشددة دائما.

بعد الوصول
ازدادت المضاعفات الصحية بعد وصول الأمير وتبين بوضوح تلف الرئتين وهبوط في وظائف الأعضاء وتسمم دموي عام وواجه الأطباء صعوبة بالغة في السيطرة عليه بسبب وضعه السيء صحيا من قبل وبسبب زيادة الوزن المفرطة. ولهذه الأسباب لم يتمكن الأطباء من إيقاف جهاز التنفس الآلي وبقي الأمير في حالة غيبوبة لمدة عشرة أيام، كان في الخمس الأولى منها في حالة حرجة جدا. وبعد أن أفاق من الغيبوبة واستغنى عن جهاز التنفس بقي غير قادر على الحركة ولا الكلام ومضطرب الوعي لعدة أيام، واحتاج إلى أكثر من شهر من أجل أن يستعيد الذاكرة والوعي والقدرة على الحركة. وخلال هذه الفترة لم يكن يسمح لأحد بزيارته إلا الأمراء سلمان وأحمد أبناء عبد العزيز بحجة أنهما لم يتورطا في عملية الخطف بالإضافة لإخوانه من أبناء تركي بن عبد العزيز. وبعد مرور شهر تقريبا على إفاقته من الغيبوبة أي قرابة الشهرين بعد وصوله كان وضعه يسمح له بالخروج خارج المستشفى.

إقامة جبرية وحصار
بعد أن تحسنت حالته بما يسمح له بالخروج من المستشفى نقل الأمير سلطان إلى منزل له في حي المروج في الرياض يقع قرب مجمع ليكسس. هناك كان تحت حراسة مشددة ولم يكن يسمح لأحد بالدخول له سوى إخوانه من آل تركي ويتم تفتيش كل داخل له حتى لا يتمكن من استخدام أي أداة اتصال. إضافة لذلك فلم يكن في المنزل أي خدمة هاتفية وقتها وكان أشبه ما يكون في سجن. خلال هذه الفترة كان الأمير يعاني من انتكاسات صحية وارتفاع متكرر في درجة الحرارة ومزيد من الزيادة في الوزن بسبب كمية الكورتيزون الهائلة التي حقن فيها. كما أنه بقي مشوش الذهن مضطرب الذاكرة ولم يسترجع قدراته الذهنية كاملة إلا في نهاية رمضان.

من هو صاحب القرار
الشخص الأكثر حماسا لقرار الخطف كان الأمير سلطان بن عبد العزيز لأن الحملة الرئيسية للأمير المخطوف كانت ضده شخصيا بسبب مشروع الخزن الاستراتيجي لكن الأمراء عبد الله ونايف كانوا قد وافقوا على الجريمة وكان الأمير نايف هو الذي يدير العملية بتفاصيلها بالتنسيق مع المخابرات. الأمير عبد العزيز بن فهد كان من ضمن المهتمين جدا بنجاح عملية الخطف بل وساهم شخصيا في تنفيذها واستفاد من علاقته مع الشيخ صالح آل الشيخ وزير الشؤون الإسلامية ليستخدمه في خداع الأمير المخطوف بصفته شيخ ومحسوب على أهل الدين.

سلطان يقول عبد الله هو الذي أمر
من خلال تتبع الطريقة التي أوصل فيها خبر خطف الأمير للأمير تركي وأبنائه تبين أن كلا جناحي الأسرة يريدان استغلال خطف الأمير لضرب الجناح الآخر إضافة إلى مطلب التخلص من الحرج الذي صنعه لهم نشاط الأمير. الأمير سلطان ونايف وعبد العزيز بن فهد وبقية ما يسمى بآل فهد (السديرييين) أوحوا إلى أبناء تركي أن المسؤول عن الخطف هو الأمير عبد الله وأن الأمير عبد الله تضايق جدا من نشاط الأمير سلطان حين ربطه برفيق الحريري وتلاعب رفيق الحريري وحين تعمد الحديث عن التبرع للبنان بعد جولة عبد الله في الأحياء الفقيرة فحرق على الأمير عبد الله خطوته. وكان قصد الأمير سلطان ونايف أن يسعى آل تركي للثأر لأخيهم من خلال الأمير عبد الله مثلما عمل فيصل بن مساعد مع الملك فيصل ثأرا لأخيه خالد.

وعبد الله يقول إنها جريمة سلطان
أما الامير عبد الله فقد أوصل لآل تركي بشكل واضح أنه لم يعلم وأن التصرف مبادرة شخصية من سلطان ونايف وأنه غير راضي ولكنه لم يشأ يتدخل خوفا من الفتنة. وكان قصد عبد الله أن يقنع آل تركي أن ينتقموا من هؤلاء الاثنين وكان يتمنى لو يموت سلطان بن تركي حتى يتحرك تركي وعياله ضد سلطان ونايف وأن يطالبوا بدم عبد العزيز بن فهد بصفته الذي باشر العمل الذي أدى لقتل ابنه تركي.

موقف السلطات السويسرية
ربما لم تعلم السلطات السويسرية مقدما وربما لم يتم التواطؤ معها لكنها بالتأكيد علمت بالتفاصيل بعد تنفيذ الخطف ومع ذلك غضت الطرف وكأن شيئا لم يحصل بسبب المصالح الهائلة التي تجنيها من نشاط آل سعود في سويسرة. وتسربت بعض تفاصيل هذه القضية للأحزاب المعارضة ويقال بانها تجمع بقية التفاصيل حتى تجعلها من أسباب انتقاد الحكومة الحالية. وكان بعض الصحفيين السويسريين قد اتصلوا بالحركة قبل استكمال هذه المعلومات يستفسرون عن حقيقة ما حصل ولم يكن وقتها قد توفر لدى الحركة مثل هذه التفاصيل.

أمريكا غاضبة
تبين كذلك من خلال مصادر مطلعة في الأسرة الحاكمة أن الأسرة تعرضت لتوبيخ شديد من قبل الأمريكان الذين اعتبروا هذه العملية شكلا من أشكال الإرهاب وصارحوا الحكومة السعودية بأن من حسن حظهم أن العملية تمت بسرية بالغة وإلا فإن الحكومة الأمريكية كانت ستتخذ موقفا علنيا في اعتبار العملية جريمة إرهابية وتتعرض لحرج بالغ في تعاونها الوثيق مع الحكومة السعودية في حرب الإرهاب. ويعتقد أن الحكومة الأمريكية حققت بعض المكاسب بابتزاز الحكومة السعودية في هذا الجانب.

التجربة تفشل مع الدكتور سعد الفقيه
شعر النظام عموما والأمير عبد العزيز بن فهد خصوصا بالثقة بالنفس بعد نجاح العملية واعتقد آل سعود أنهم يستطيعون تكرار العملية مع الدكتور سعد الفقيه في لندن فتوجه الأمير عبد العزيز بطائراته ومرتزقته إلى لندن بعد تنسيق كامل مع الأمير نايف وسلطان والمخابرات. وتم تعديل الخطة في لندن بسبب اختلاف الظروف والتسهيلات عن جنيف بحيث يستفاد من مغادرة عبد العزيز بن فهد نفسه ويحضر الفقيه على كرسي متحرك شبه فاقد للوعي كما لو كان أحد المرافقين الثملين بسبب شرب الخمر وما أكثرهم خاصة وأن الموظفين في مطار هيثرو قد تعودوا منظرهم. لكن من سوء حظ عبد العزيز وأعمامه فقد فشلت المحاولة في بداياتها وآتت مفعولا معاكسا والحمد لله.

بريطانيا تتابع في البداية وتحتج في النهاية
بريطانيا تابعت القضية بحذر بالغ وعبرت للحكومة السعودية عن قلقها لكنها لا تملك القدرة والنفوذ الذي توبخ به الحكومة السعودية مثل الأمريكان. لكن بعد فشل محاولة خطف الدكتور الفقيه واكتشاف البريطانيين أن أعضاء في العائلة الحاكمة خلف هذه العملية أدى لأن تتخذ بريطانيا موقفا أكثر حزما في هذه القضية وتم إفهام الحكومة السعودية أنه مهما بلغ حجم العلاقات مع الحكومة السعودية وحجم التبادل التجاري فإن بريطانيا لا تتسامح أبدا مع ممارسة العنف السياسي على أراضيها.


الاستنتاجات من هذه العملية

أولا: أن آل سعود يمكن أن يخرج منهم من يرفض الوضع الحالي السيء إلى درجة أن يضع نفسه في خطر يكاد يخسر من أجله حياته بل إنه خسر فعلا صحته ومستقبله.

ثانيا: على خلاف ما قيل عن الأمير سلطان بن تركي فإن مواجهته لأعمامه كانت حقيقية ولم تكن تمثيلية أو بالتفاهم معهم.

ثالثا: أن الأمير سلطان بن تركي لم يتفق مع جناح ضد جناح بل إن كل الأجنحة فاسدة ولذلك فكلها مستفيدة من عملية خطفه والتخلص من خطره.

رابعا: الحكام لا يهمهم الحديث والتصريحات بقدر ما يهمهم العمل الاستراتيجي ذو الأثر الجماهيري وهو ما يفسر لماذا سكت آل سعود عن الأمير سلطان بن تركي في المرحلة الأولى ثم جازفوا في جريمة دولية بعد أن تبين أنه توجه جماهيريا.

خامسا: أن آل سعود لا يتورعون عن ارتكاب جريمة دولية إذا أحسوا بالخطر على حكمهم وأنهم لا يراعون قوانين دولية ولا احترام اعراف دبلوماسية . وهذا يتفق مع عملية التشويش التي مارسوها مع قناة الإصلاح والتي تعتبر جريمة حسب القانون الدولي.

سادسا: أن حكامنا مبتلون بالنذالة حيث لم يخجلوا من إساءة استخدام التسهيلات التي تمنح لهم من بعض الدول والتي منحت على أساس الثقة بهم واعتقاد أنه يرعون الأعراف الدبلوماسية فوضعوا الثقة في غير محلها.

سابعا: أنهم لا يتورعون عن استخدام الغش باسم الدولة وذلك حين زعم السفير أنه مفوض من قبل الأمير سلطان باستلام أمتعته واوراقه وتصفية حساباته في الفندق.

ثامنا: أن أجنحة الحكم زيادة على ما بينها من خلاف فإنها تكيد لبعضها كيدا خطيرا وهي على استعداد لأن تدفع حياة أحد أبناء الأسرة ثمنا لهذا الكيد.

تاسعا: أن الأمريكان مستعدون للتكتم على جرائم حكامنا حتى لو كانت تصنف إرهابا دوليا ما دام ذلك يحقق مزيدا من الابتزاز لهم.

عاشرا: أن المصنفين عند الناس مشايخ من أمثال الشيخ صالح آل الشيخ تبين أنهم يمارسون مهمة قريبة جدا من مهنة رجال المافيا.

حادي عشر: أن ما يزعمه الحكام من الحرب علىالإرهاب زعم باطل لأن هذه العملية التي نفذوها على أرض أوربية مستخدمين فيها التسهيلات الدبلوماسية هي عين الإرهاب.

ثاني عشر: إذا كان آل سعود يقدمون على هذا التصرف مع واحد من أبنائهم وبني جلدتهم فماذا بالله يفعلون بعامة الشعب أذا خالفوهم أو انتقدوهم؟