..هل هم بشر كسائر البشر...؟..
أم هم أناس يعيشون على كوكب آخر..
ومن جنس غير جنس البشر ..؟
إن سكان القمم معاشر الأحبة.. أناس مثلنا ..قريبون منا ..يعيشون على هذه الأرض بأجسامهم.. لكن هممهم وعزائمهم تحلق في السماء..سكان القمم لا يرضون لأنفسهم من كل شيء إلا أحسنه ..ومن كل أمر إلا أتمه و أجمله ..
وقد قيل قديما : قدر الرجل على قدر همته.. فمن كان عالي الهمة .. كان عالي القدر..
فبادر يا أخي الحبيب ولا يقعد بك العجز عن المكرمات.. وتأمل سير السابقين.. فإنها للهدى منارات.. حاول أن تكون من سكان القمم..
وابذل في تحصيله كل غال ورخيص..
ولا تدخر في ذلك أي نفيس..
لكل مجد مكافأة تليق بمقامه.. فمن جد في العلم كوفىء باحتياج الناس إليه ..ومن جد في بذل المعروف كوفىء بثناء الناس عليه ..
ومن كان همه ما يأكله كان قيمته ما يخرجه ..
أين طلاب المعالي ؟..أين أصحاب الهمم العوالى ؟..
أين من يحب الله صنيعهم ويبارك مسيرهم ؟ ..
لا يسأل الكثير إلا من كان عقله يفكر بالكثير..
ولا يطلب العظيم إلا من كانت نفسه تسمو لكل عظيم..
إن حياتك مغامرة كبيرة ..
وان لحظات عمرك مباراة خطيرة ..
فإياك أن تخرج منها خاسرا..
قبل أن تبنى لك بيتا في الجنة
إن المكارم لا تحصل بالمنى *** لكن لها بالتضحيات سبيلا
وخذ المكارم لا تخف أعبائها *** عبء المكارم لا يكون ثقيل
سكان القمم
أبعد ما يكونون عن زخارف هذه الدنيا وبهرجها ..الهم الأكبر لسكان القمم هم الآخرة ..
أما الدنيا فقد استصغروا متاعها .. واحتقروا نتائجها .. وترفعوا عن الاستباق فيها .. فتحرروا من قيودها وهمومها
عن أنس رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال : ( من كانت الآخرة همه ..جعل الله غناه في قلبه .. وجمع له شمله.. وأتته الدنيا وهى راغمة ..ومن كانت الدنيا همه.. جعل الله فقره بين عينيه ..وفرق عليه شمله.. ولم يأته من الدنيا إلا ما قدر له
انه وعيد من الله جل جلاله لمن كانت الدنيا أكبر همه ..فهو مقبل عليها بكليته .. يجمع حطامها في نهم لا ينقضي .. منشغل بذلك عن الآخرة .. فمن كانت هذه حاله.. عوقب بشتات القلب ..فلا يزال لاهثا وراء المال والمناصب والشهوات .. يعب منها لكنه لا يشبع ولا يرتوي ولا يكتفي .. بل يظل في طلب المزيد ..
غافلا عن أنه لا يأتيه إلا ما كتب الله له من الرزق ..
وان حاله هذا هو عين الفقر ..حيث لا تنتهي حاجته.. ولا يحصل له الرضا بما جمع من المال..
وهذا معنى - جعل الله فقره بين عينيه
وفى المقابل حال الرجل الصالح الذي جعل الآخرة همه ..
فهو في سعى دائم لتحصيل الحسنات ..
والوصول إلى مرضاة رب الأرض والسماوات ..
مع حسن توكله على الله ..
فهذا يجمع الله له أمره..
ويرزقه القناعة.. والرضى .. وغنى النفس ..
ويبارك له في ماله.. وصحته وأولاده..
وهذا هو الغنى الحقيقي
Bookmarks