واقع القدر اليمني .. (من وحي إبي القاسم الشابي )
إذا طمحت أمةٌ للحياة.. فلا تركنن لكثر البشرْ
ولكن بألباب من يطمحون.. تذل الصعاب ويرضى القدرْ
ومن كان في نومه هانئاً.. فلا يركبن أماني السهرْ
ومن ظن أن الوغى نزهةٌ.. فأجدى به العيش بين الحفرْ
فلا يستوي من تهز الرياح.. ومن يعشق المجد منذ الصغرْ
كذلك قالت لي الحادثات .. وحدثني أمرها المنتشر..
وقد كنت بين الورى واحداً.. وحولي زِحامٌ عديم الأثر
فلا قلب يقتحم المعجزات.. ولا لُب يلوي ذراع القدرْ
فما كل زهرٍ يفوح الطيوب.. وما كل طيبٍ بلون الزّهرْ
وناديت للمجد لما تعبت.. وقد أوشك الحلم أن ينكسرْ:
لمَ لا تلبي نداء الجموع.. ألست الذي قلت لي: أستمرْ
فرد بصوتٍ حنونٍ خفوت.. ولحن حزينٍ وقولٍ أغرْ:
بقدر المآسي تكون الخطوب.. وتظهر في كل شبرٍ حُفرْ
ومن كان يطمح للمستحيل.. يلاقي الخطوب ولا ينبهرْ
ستلقى عدواً بكل الجهات.. وتُسقى من الصحب كأساً أمرْ
فلا يخذلنك غدر الرفاق.. ولا يحزننك قصر النظرْ
تذوق معاني الأماني الكبار.. ومعنى المسير بعكس البشرْ.
وما المجد إلا الشراب العسير.. قُبيل الغد المرتجى المزدهرْ
فشعت بقلبي أماني الحياة.. وثارت بلُبي عظيم الفكرْ
وأصغيت للريح ماذا تزف.. فصبت بذهني الخفي المختصرْ:
"إذا ما عزمت إلى غايةٍ.. فحدد مكانك قبل السفرْ..
ومن كان يجهل تاريخهُ.. سيمضي ولا يدري مما المفرْ
فلا عجب! إن مات من ظهره.. وإن سار للماضي المحتقرْ
ولا يظهر النور إلا وقد.. تغربل واقعنا واعتصرْ
فيظهر كلٌ على وجههِ.. فهذا محقٌ وهذا أشرْ
لأن البناء الذي حولنا.. بناه النفاق وعيش الحذرْ
سنغرس في كل شبرٍ شهيد.. وتصبح أحزاننا كالشجرْ
ونعلم بعد النضال العصيب.. خفي الحياة وحلو العِبرْ
لأن الذي نحن نسعى إليه.. هو الخير والحق أنى ظهرْ..
ومن كان يصبو للب الحياة.. فلن يرهب اللهب المستعرْ
وأعلن فجر الطموح العنيد.. وأيده القادم المنتظر:
بأنا وإن طال درب النضال.. ورغم الجراح ورغم الضجرْ
ورغم العداء ورغم الخطوب.. بإذن الإله العلي المقتدرْ
سنحضن أحلامنا ذات يوم.. ونرسم للحب احلى الصورْ ..
فمهما تعملق فينا الظلام.. فلا بد للحق أن يتنصرْ
رياض الأحمدي - إب
أغسطس 2011
Bookmarks