ضرب من الخيال
أرجو أن تتسع له صدوركم
جلس يتأمل البحر وعيناه تغرورقان بالدموع تأثرا بالمنظر الجميل* كان يأمل أن تكتمل بهجته برؤية حورية البحر* قادمة من الأفق* ولكن وعده كان مع سمكة تأخذ الأبصار بألوانها* فرك عينيه فإذا بالسمكة تقترب من الشاطئ* نظر إليها فاغراً فاه* فنظرت إليه بعبوس وقالت في نفسها: " يا ربي الوحدة ما تعرفش تتمشي في البحر ايش ذا اللي عيونه تندب فيهم رصاصة"* فأخذت حجراً قريبة ورمته بها،ثم وقبل أن ترى ردة فعله*ولت مبتعدة عائدة إلى قلب البحر. وقف الرومانسي على قدميه وقد بدأ بالنحيب *القريب إلى النعيب* *و أجهش في البكاء* الذي تطور بعده إلى عويل* فمر به صياد لئيم وقال له : "شوف* أنا عارف إن موقفك منيِّل بستين نيلة وإنك جالس تقول لنفسك الآن:"(يا أرض انشقي وسوالو مي")بس ذي مش نهاية العالم* أنا شفت كل حاجة* وأوعدك إني باصطاد لك سمكة أحسن منه * بس لا تنساش حلاوتي*و.."!!* قاطعه الفتى الذي كان يلتقط أنفاسه المتقطعة بصعوبة وقال : "أنا مابكيش عشان كرامتي* أنا ابكي لأنها كسرت موبايلي المعلق من رقبتي"!! قال ذلك وهو يشير إلى صدره مكان الموبايل المخبأ في جيب قميصه. لمع بريق في عيني الصياد اللئيم * ولكن خفي معناه عن بصيرة الفتى الغاضب* فقال له الصياد اللئيم: "كسرت موبايلك* وبا تسكت لِه؟!!"* فمد الفتى بصره للأفق * وقد عزم بغضب قائلاً: "ولا با خلي سمكة عايشة في البحر هذا*أنا باسممه بيدي و با خرِّج حق الموبايل من أرواحهم كلهم"* فدق الصياد اللئيم صدره وقال: "ما حد با يجيب لك السم غيري".عاد الصياد ومعه براميل من السم* ووقف الفتى قابضاً بيده على موبايله المكسور * و قابضاً باليد الأخرى على أحد البراميل *وهو يقدحُ شراراً. أفرغ بعدها كل البراميل في البحر حتى وصل السم إلى منتصف البحر وماتت نصف الأسماك* ثم صرخ الفتى في الصياد قائلاً:" الشق الثاني من البحر ما وصللوش السم* جيب لي بفباآآآآآآآآآف"!!* أسرع الصياد ليلبي طلب الفتى ولكن للأمانة لم يجد بفبافاً فأحضر في عجل علب كثيرة من"ريد" وبدأ الشاب يرش سم "ريد" في الهواء ليصل إلى الشق الثاني من البحر* ولكن الريح أعادت السم إلى عينيه فأصيب بالعمى* وقال له الصياد : " اصبر لما يتغير مسار الريح *ما با تغيبش الشمس إلا وكل السمك اتسممت* ما بتبقاش سمكة وحدة إلا على جثتك*قصدي إلا على جثتي." * وحين تغير مسار الريح* أكمل الفتى رش السم في الهواء- وهو ضرير العين والبصيرة- * إلى أن وصل السم كافة أرجاء البحر فتسممت جميع الأسماك في البحر وماتت* إلا سمكة واحدة كانت تضع أكسجيناً خلف ظهرها وكمامات شفط الأكسجين على خياشيمها وأهم من ذلك كانت تضع نظارة على عينيها* نجت بأعجوبة وقد ألم بها ما أصاب الأسماك* فذهبت إلى وزير الثروة السمكية وقالت له: "سيدي الوزير* تشتيني ادلكم على المجرم المسؤول عن تلويث مياه البحر في المنطقة والمسؤول الأول عن الكساد الاقتصادي في الثروة السمكية؟!"*فتثائب الوزير وقال:"زي بعضه" كشرت السمكة عن أسنانها ضاحكة فمصاب إخوتها الجلل لم يمنعها من الشعور بالسعادة لأنها تكلم وزيراً!!فقادتهم إلى الشاب الذي كان واقفاً وقد أفرغ آخر علبة "ريد" في يده* ولما علم بهم حاول أن يرش السم في وجوههم ولكن العلبة كانت فارغة وحين علم ألا مفر من "الكلبشات"* برك على ركبتيه وغرف غرفة من ماء البحر المسموم بيديه مفكراً أن عليه أن يموت " بشرف"!!!* رَشَفَ رشفة مما سممته يداه* نظر بعدها إلى السماء وأفلت الموبايل المكسور من يده* ولحق بعدها بالأسماك..
"أنا الآن با بيعهم في السوق بالجملة...وبأغللللى الأثماااان. . " * كان ذلك هو ما قاله الصياد اللئيم ضاحكاً بعد أن غادر "البوليس"* وكان يقصد بذلك الأسماك المسمومة التي طفت على البحر وجرفتها الأمواج إلى الشاطئ.
Bookmarks