[أنواع الناس وأنواع الكلام]
قال العالم: فكم الناس ؟
قال الوافد: أربعة: واحد فيه خير وشر، والثاني شر بلا خير، والثالث خير بلا شر، والرابع لا خير فيه ولا شر.
قال العالم: فما هم بعد ذلك ؟
قال الوافد: نبل وسفل، فلا النبل لهم قدر عند السفل، ولا السفل لهم قدر عند النبل.
قال العالم: فكم الكلام ؟
قال الوافد: أربعة: خطاب، وجواب، وخطأ، وصواب.
[العجب من سبعة]
قال العالم: ففيم العجب ؟
قال الوافد: في سبعة.
قال العالم: من هم ؟
قال الوافد: عبد عرف الله فعصاه، وعرف الشيطان فأطاعه، وذكر الموت فطابت نفسه، وعرف الدنيا فجمع لها، وعرف الآخرة فبغضها، وعرف الجنة فلم يرغب إليها، وعرف النار فلم يرهبها.
[خير الأشياء والإيمان وشهوده]
قال العالم: فما خير الأشياء ؟
قال الوافد: خير الأشياء الإيمان بالله والملائكة والكتاب والنبيين.
قال العالم: كم شهود الإيمان ؟
قال الوافد: أربعة شهود: محكم الكتاب، ومحكم السنة، وحجة العقل، وإجماع الأمة.
قال العالم: وما هو ؟
قال الوافد: قول وعمل واعتقاد.
قال العالم: كيف ذلك ؟
قال الوافد: قول باللسان، وعمل بالأركان، واعتقاد بالجنان.
[الصدق والعمل والاعتقاد وأضدادها]
قال العالم: فما الصدق ؟
قال: ضده الكذب.
قال العالم: فما ضد العمل ؟
قال: ضده النفاق.
قال العالم: فما ضد الاعتقاد ؟
قال الوافد: ضده التشبيه.
[أعظم الأشياء]
قال العالم: فما أعظم الأشياء ؟
قال الوافد: معرفة الله على الحقيقة وهي توحيد، وتعديل، وتصديق، وذكر على كل حال في الليل والنهار.
[أفضل الأشياء]
قال العالم: فما أفضل الأشياء ؟
قال الوافد: أفضل الأشياء طلب العلم من العلماء، حتى يعرف الطالبُ الحقَّ فيعمل به، فمتى زهر مصباح الهدى في قلبه أخلص العمل والنية الصادقة، وأنطقه الله بالحكمة.
[أخبث الأشياء]
قال العالم: فما أخبث الأشياء ؟
قال الوافد: الجهل لأن الجهل الهلاك والعطب، والجاهل إذا أراد أن يصلح شيئاً أفسده بجهله وقلة علمه وهو يجلب جميع الآفات، ويتولد منه الكبر، والطمع، والحسد، والحرص، والشهوة، والبخل، والسخرية.
[أقبح الأشياء]
قال العالم: فما أقبح الأشياء ؟
قال الوافد: اللغو الضرر([1])، والغيبة والنميمة، والخيانة، والكذب، والزنا، والربا([2])، وحب المدح، وحب الفاسق، وصحبة المنافق، وسوء الظن.
[أدنس الأشياء]
قال العالم: فما أدنس الأشياء ؟
قال الوافد: سؤال الناس، ومقاربة الأنجاس، والثقة بخمل الناس([1])، ومفارقة الأكياس.
[أنفع الأشياء]
قال العالم: فما أنفع الأشياء ؟
قال الوافد: حسنة تكون بعشر أمثالها.
قال العالم: وما هي هذه الحسنة.
قال [الوافد]: هي أن تطعم أخاك المسلم من جوع، أوتكسوه من عُرْي، أو تقضي عنه ديناً، أو تفرج عنه غماً، أوتكشف عنه هماً، فمن فعل هذه لأخيه المسلم جاء يوم القيامة ولوجهه([1]) نور أيضأ([2]) مثل نور القمر، وتلقته الملائكة بالبشارة، ودخل الجنة آمناً، وأعطاه الله من الثواب ما لا يصفه واصف، ولا يحيط بمعرفته عارف.
[أمرُّ الأشياء]
قال العالم: فما أمر الأشياء ؟
قال الوافد: سيئة يتبعها سيئة، ولا يكون عليها ندامة، ولا يرجع عنها صاحبها إلى توبة.
أطيب الأشياء]
قال العالم: فما أطيب الأشياء ؟
قال الوافد: العافية مع المعرفة، ووضع الأشياء في مواضعها، ومجالسة العلماء، ومدارسة الحكماء، وحضور مجالس الذكر، والتفكر في الصنع، والمبادرة في أعمال البر، وصلاح ذات البين، والتجهز للرحلة، والاستعداد للموت.
[أهول الأشياء]
قال العالم: فما أهول الأشياء وأعظمها فزعاً ؟
قال الوافد: إذا نفخ في الصور، وبعثر من في القبور، واجتمع الخلائق، إلى الموقف المتضايق، فهنالك الفزع العظيم، والخطب الجسيم، وكل واحد منهم يقول: نفسي نفسي، لا يسأل في ذلك اليوم والد عن ولده، ولا ولد عن والده، ولا أخ عن أخيه {كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ رَهِينَةٌ}[المدثر:38].
قال: فلما انتهى الكلام بالعالم والوافد إلى هذا الحد عرف العالم أن الوافد حسن المعرفة، جيد الفطنة، رصين الدين، صحيح اليقين، متين الورع، كثير الفزع، أقبل عليه العالم بوجهه، وقال: أيها الوافد الصالح، والتاجر الرابح، والخليل الناصح: إسأل عما تحب يرحمك الله.
Bookmarks