[[ عبد الله البردوني((رحمـه الله وأسكنا و أيــاه فسيح جناته)) ]]
22رجب سنة 1379هـ .
كانت ليلة من ليالي الخريف * والظلام ممتد في كل جهة ... كأنه مقبرة معلقة في الهواء * وكان يعبر الطريق كالمقيد في الوحل * وما رفيقاه إلا ظلّه وأخته * فلم تسأله وأجاب : وسألها فأجابت ...
وكان التساؤل والجواب زاد الرحيل وهكذا أجاب . وهكذا سأل .
................. من أكثـــــــــــر القصائد التي أعجبتني ...................................
لا تسألي يا أخت أين مجالـــي ؟ *** أنا في التراب وفي السماء خيالي..!!
لا تسأليني أين أغلالي سلي *** صمتي وإطراقي عن الأغـــــــــــلال ؟
أشواق روحي في السماء وإنما *** قدماي في الأصفاد والأوحـــــــــــال
وتوهمي في كل أفقٍ سابـــــحٌ ***وأنا هنا في الصـــــــمت كالتمـــــثال
أشكو جراحاتي إلى ظلي كما *** يشكو الحزين إلى الخليّ السّــالي
***
والليل من حولي يضج وينطوي *** في صمته كالظالمِ المتعالـــــــــــي
يسري وفي طفراته ووقـــــــاره *** كسل الشيوخ وخفة الأطفــــــــــــال
وتخاله ينساقُ وهو مقيـــــــــدٌ *** فتحسه في الدرب كالزلــــــــــــــــزال
وأنا هنا أصغي وأسمع من هنا *** خفقات وأشباحٍ من الأهـــــــــــــــوال
ورؤىً كألسنةِ الأفاعي حـــــوّما *** ومخاوفا كعداوة الأنـــــــــــــــــــــــذال
وأحسُ قدّامي ضجيج مراقــــــدٍ *** وتثائُبَ الآبــــــــــــــــــــــــــــادِ والآزال
وتنهّدا قلقا كـــــــــــــــــأن وراءه *** صخب الحياة وضجة الأجيـــــــــــــال
والطيف يصغي للفراغ كــــــــأنه *** لصٌ يصيخُ إلى المكان الخـــــــالي
وكأنه " الأعشى " يناجي " ميّةً " *** ويلملم الذكرى من الأطـــــــلال
والشهب أغنية يرقرقها الدجى *** في أفقه طالجدول السلســـــــــال
والوهم يحدو الذكريات كمدلجٍ *** يحدو القوافل في بساطِ رمــــــــــال
والرعب يهوي مثلما تهوي على *** ساح القتال جماجمُ الأبطــــــــال
***
وهنا ترقبت انهياري مثلما *** يترقب الهدم الجدار البـــــــــــــــــــالي
وسألت جرحي هل ينام ضجيجه ؟ *** وأمرّ من ردّ الجواب سؤالــي !
وأشدّ مما خفت منه تخوّفي *** وأشقّ من وعر الطريق كلالــــــــي !
وأخسّ من ضعفي غروري بالمنى *** واليأس يضحك كالعجوز حيالي !
وأمضّ من يأسي شعوري أنني *** حيّ الشهية ؛ ميّت الآمـــــــــال
أسري كقافلة الظنون وأجتدي *** شبح الظلام وأهتدي بضلالـــــــي
وأسير في الدرب الملفّح بالدجى *** وكأنني أجتاز ساحَ قتـــــــــال
وأتيه والحمّى تولول في دمي *** وترتل الرعشات في أوصالـــــــي
***
لا تسأليني عن مجالي : في الثرى *** جسدي وروحي في الفضاء العالي
وسألتها : ما الأرض ؟ قالت إنها *** فلوات أوحاشٍ وروض صــــــــــــــــــلال
إن كنت محتالا قطفت ثمارها *** أولا : فانك فرصة المحتـــــــــــــــــــــــال
وأنا هنا أشقى وأجهل شقوتي *** وأبيع في سوق الفجور جمــــــــــــالي
***
والعمر مشكلة ونحن نزيدها *** بالحل إشكالا إلى إشكـــــــــــــــــــال
لا حر في الدنيا فذو السلطان في *** دنياه عبد المجد والأشغـــــــال
والكادح المحروم عبد حنينه *** فيها : وربّ المال عبد المــــــــــــــــال
والفارغ المكسال عبد فراغه *** والسفر عبد الحل والترحــــــــــــــال
واللص عبد الليل والدّجال في *** دنياه عبد نفاقه الدّجـــــــــــــــــال
لا حر في الدنيا ولا حريةٌ *** إن التحرر خدعة الأقـــــــــــــــــــــــــوال
الناس في الدنيا عبيد حياتهم *** أبدا عبيد الموت والآجـــــــــــــال
***
وسألتها ما الموت ؟ قالت : إنه *** شطّ الخضم الهائج الصّــــــــوّال
وسكونه الحاني مصير مصائرٍ *** وهدوؤه دعةٌ وعمق جــــــــــــــلال
مالي أحاذره وأخشى قوله *** وأنا أجرّ وراءه أذيالـــــــــــــــــــي ؟!
أنساق في عمري إليه مثلما *** تنساق أيّامي إلى الآصـــــــــال
***
وسألتها : فرنت وقالت : لا تسل * *** دعني من المفضول والمفضال !
أسكت ! فليس الموت سوقا عنده *** عمر بلا ثمنٍ * وعمر غالي !!
................................................ تحيتيـــ ......................................
Bookmarks