آداب المشي إلى الصلاة
فضيلة الشيخ صالح الفوزان عضو هيئة كبار العلماء
أيها المسلم ! إنك بحاجة ماسة إلى معرفة الآداب المشروعة التي تسبق الصلاة ; استعدادا لها ; لأن الصلاة عبادة عظيمة ينبغي أن يسبقها استعداد وتهيؤ مناسب ; ليدخل المسلم في هذه العبادة على أحسن الهيئات : فإذا مشيت إلى المسجد لتؤدي الصلاة مع جماعة المسلمين ; فليكن ذلك بسكينة ووقار * والسكينة : هي الطمأنينة والتأني في المشي * والوقار : الرزانة والحلم وغض البصر وخفض الصوت وقلة الالتفات .
وقد ورد في " الصحيحين " عن النبي صلى الله عليه وسلم ; قال : إذا أتيتم الصلاة ( وفي لفظ : إذا سمعتم الإقامة ) ; فامشوا وعليكم السكينة * فما أدركتم ; فصلوا * وما فاتكم ; فأتموا وروى الإمام مسلم ; قال : إن أحدكم إذا كان يعمد إلى الصلاة ; فهو في صلاة وليكن خروجك أيها المسلم إلى المسجد مبكرا ; لتدرك تكبيرة الإحرام * وتحضر الصلاة مع الجماعة من أولها * وقارب بين خطاك في مشيك إلى الصلاة ; لتكثر حسناتك ; ففي " الصحيحين " عن النبي صلى الله عليه وسلم * أنه قال : إذا توضأ أحدكم فأحسن الوضوء * ثم خرج إلى المسجد * لم يخط خطوة ; إلا رفعت له بها درجة * وحطت عنه بها خطيئة فإذا وصلت باب المسجد ; فقدم رجلك اليمنى عند الدخول * وقل : بسم الله * أعوذ بالله العظيم وبوجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم * اللهم صل على محمد * اللهم اغفر لي ذنوبي * وافتح لي أبواب رحمتك . وإذا أردت الخروج ; قدم رجلك اليسرى * وقل الدعاء الذي قلته عند الدخول * وتقول بدل : " وافتح لي أبواب رحمتك " : " وافتح لي أبواب فضلك " * وذلك لأن المسجد محل الرحلة * وخارج المسجد محل الرزق * وهو فضل من الله . فإذا دخلت المسجد ; فلا تجلس حتى تصلي ركعتين تحية المسجد ; لقوله صلى الله عليه وسلم : إذا دخل المسجد * فلا يجلس حتى يصلي ركعتين .
ثم تجلس تنتظر الصلاة * ولتكن حال جلوسك في المسجد لانتظار الصلاة مشتغلا بذكر الله وتلاوة القرآن * وتجنب العبث ; كتشبيك الأصابع وغيره ; فقد ورد النهي عنه في حق منتظر الصلاة * قال صلى الله عليه وسلم : إذا كان أحدكم في المسجد ; فلا يشبكن ; فإن التشبيك من الشيطان أما من كان في المسجد لغير انتظار الصلاة ; فلا يمنع من تشبيك الأصابع * فقد ثبت أن النبي صلى الله عليه وسلم شبك أصابعه في المسجد بعد ما سلم من الصلاة .
وفي حال انتظارك الصلاة في المسجد ; لا تخض في أحاديث الدنيا ; وقد ورد في الحديث أن العبد في صلاة ما دام ينتظر الصلاة * والملائكة تستغفر له ; فلا تفرط أيها المسلم في هذا الثواب وتضيعه بالعبث والاشتغال بالقيل والقال .
وإذا أقيمت الصلاة ; فقم إليها عند قول المؤذن . : " قد قامت الصلاة " * لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعل ذلك * وإن قمت عند بدء الإقامة ; فلا بأس بذلك * هذا إذا كان المأموم يرى الإمام * فإن كان لا يراه حال الإقامة ; فالأفضل أن لا يقوم حتى يراه .
أيها المسلم ! احرص أن تكون في الصف الأول ; فقد قال النبي صلى الله عليه وسلم : لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول * ثم لا يجدون إلا أن يستهموا عليه ; لاستهموا متفق عليه * وقال صلى الله عليه وسلم : خير صفوف الرجال أولها واحرص على -88- القرب من الإمام ; فقد قال صلى الله عليه وسلم : ليلني منكم أولو الأحلام والنهى هذا بالنسبة للرجل * وأما بالنسبة للمرأة * فالصف الأخير من صفوف النساء أفضل لها ; لقوله صلى الله عليه وسلم : وخير صفوف النساء آخرها لأن ذلك أبعد لها عن رؤية الرجال .
ويتأكد في حق الإمام والمصلين الاهتمام بتسوية الصفوف * قال صلى الله عليه وسلم : سووا صفوفكم ; فإن تسوية الصفوف من تمام الصلاة متفق عليه * وفي الحديث الآخر : لتسوون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم وتسوية الصفوف هي تعديلها بمحاذاة المناكب والأكعب .
ويتأكد في حق المصلين سد الفرج والتراص في الصفوف ; لقوله صلى الله عليه وسلم : سووا صفوفكم وتراصوا رواه البخاري * ومعناه : لاصقوا الصفوف حتى لا يكون بينكم فرج * فالمراصة : التصاق بعض المأمومين ببعض ; ليتصل ما بينهم * وينسد الخلل ; فلا تبقى فرجات للشيطان .
وقد كان النبي صلى الله عليه وسلم يهتم بتسوية الصفوف بتراص المأمومين فيها اهتماما بالغا * مما يدل على أهمية ذلك وفائدته * وليس معنى رص الصفوف ما يفعله بعض الجهال اليوم من فحج رجليه حتى يضايق من بجانبه ; لأن هذا العمل يوجد فرجا في الصفوف * ويؤذي المصلين * ولا أصل له في الشرع ; فينبغي للمسلمين الاهتمام بذلك * والحرص عليه * اقتداء بنبيهم * وإتماما لصلاتهم * وفق الله الجميع لما يحبه ويرضاه .
اللهم انفعنا بما تعلمنا واحفظنا من كل شر
اللهم أمين
منقول
Bookmarks