اليمن سيظل واقفاً!!
--------------------------------
ربما تستطيع بعض القنوات الفضائية أن تجعل من نفسها أكبر بوق إعلامي لفبركة الأخبار وصناعة الأحداث الوهمية، وأن تتفوق أيضاً على غيرها من القنوات في تلفيق الوقائع وتزييف الحقائق كما تفعل في تغطيتها للأحداث الجارية في اليمن، ولكن فإن من الصعب على هذه القنوات أن تحافظ على مصداقيتها وثقة المشاهدين والمتابعين الذين صاروا يكتشفون يوماً بعد يوم زيف هذه القنوات وأنها تجردت كلياً من المهنية والمسؤولية الإعلامية وتحللت نهائياً من أبسط القواعد والتقاليد التي تقتضي الأمانة في نقل الأخبار كما هي لا كما يُملى عليها أو كما يريد ممولوها الذين يتحركون ضمن أجندة رُسمت لهم وأدوار فُصلت لهم ويؤدونها كالكمبارس، تارةً في العلن وأخرى من تحت الطاولة!!.
وأمام ذلك فقد أصبح من السهل على أي متابع إدراك الأهداف الحقيقية لهذه القنوات ولماذا تسعى إلى تأجيج الأوضاع في اليمن وبعض الأقطار العربية تحديداً؟.. وإلى ماذا تهدف من وراء تلك الزوابع والإثارة التي تضفيها على تناولاتها الانتقائية، لتصبح هذه القنوات - دون أن تدرك- مرادفاً للقنوات الإباحية في احتراف صناعة الإثارة.. فالأولى تمارس بشكل مفضوح العهر السياسي والإغواء والتضليل وإثارة الفتن داخل المجتمعات العربية، والأخرى تسوق للعهر الجنسي والإغواء والإغراء للإيقاع بالمستهدفين في مستنقع الرذيلة!!.
صحيح أن اليمن يعيش أزمة سياسية منذ عدة أشهر وأن هذه الأزمة قد أفرزت العديد من التداعيات والانعكاسات السلبية التي ألقت بظلالها القاتمة على حياة المجتمع اليمني بوجه عام، وأن هذه الأزمة أيضاً صارت مثار اهتمام الأطراف الإقليمية والدولية بالنظر إلى خصوصية الموقع الاستراتيجي لليمن الذي يُشرف على أهم المضايق البحرية إلى جانب الأهمية الجيوسياسية التي يشكلها أمنه واستقراره لدول المنطقة بصورة خاصة وللأمن الإقليمي والدولي بوجه عام.
مع ذلك يبقى من الواضح أن هذه الأزمة ورغم تعقيداتها وتشابكاتها لم تصل إلى مرحلة الاستعصاء على الحلول ولا تبرر النحو بها باتجاه ذلك المنحى الذي تدفع إليه تلك القنوات الفضائية الموجهة سياسياً في محاولة مستميتة منها لإشعال الحرائق .. وتأكيداً لذلك هاهو فخامة الأخ الرئيس علي عبدالله صالح رئيس الجمهورية يشير مجدداً يوم أمس في حديثه مع أخيه العاهل البحريني حمد بن عيسى آل خليفة الذي اتصل بفخامته للاطمئنان على صحته إلى أن اليمن قادر على تجاوز الأزمة الراهنة وبما يحقق المصلحة العليا للشعب اليمني.
ونعتقد أن مثل هذه الرؤية تلتقي معها معظم القناعات الإقليمية والدولية التي تتفق على أن حفاظ مؤسسات الدولة اليمنية على ثباتها وتوازنها خلال هذه الأزمة قد عكس بالدليل القاطع قوة هذه المؤسسات ورسوخ أركانها وأن ما جرى في اليمن لا يعدو أكثر من كونه أزمة سياسية حلها ممكن عن طريق الحوار والاحتكام للدستور.
وما يجب أن يكون معلوماً أنه ما كان لهذه الأزمة أن تتفاقم وأن تصل إلى ما وصلت إليه من تداعيات لولا جنوح بعض القوى السياسية والحزبية نحو التأجيج عبر دفع قطاعاتها الشبابية والطلابية إلى محاكاة أحداث تونس ومصر وركوب موجة التقليد الأعمى، ظناً من هذه القوى أنها بهذا الأسلوب ستتمكن من الانقلاب على الشرعية الدستورية والعملية الديمقراطية، مُتدثرةً بشعارات "ثورة الشباب السلمية" من أجل القفز إلى كراسي الحكم.
وبصرف النظر عن غايات هذا الطرف أو ذاك، يظل الثابت والمؤكد أن هناك أخطاء قد أرتكبت من قبل تلك القوى السياسية التي حشدت كل طاقاتها وإمكانياتها من أجل إسقاط النظام القائم وذلك عندما لجأت لاستخدام وسائل غير ديمقراطية وغير دستورية وغير قانونية بما في ذلك التحريض على العنف والفوضى والتخريب وسفك الدماء والاعتداء على المنشآت والوزارات والمباني العامة كما حصل في حي الحصبة بالعاصمة صنعاء ومدينة تعز وغيرها، فضلاً عن إيعاز هذه القوى لبعض عناصرها القيام بقطع الطرق وضرب خطوط وأبراج الكهرباء وتفجير أنابيب النفط والتضييق على المواطنين من خلال منع وصول إمدادات الغاز والديزل والبنزين إليهم.
ومما لا جدال فيه أن مثل هذه التصرفات لم تخدم هذه القوى السياسية والحزبية بقدر ما أضرت بها وزادت من عزلتها وابتعاد الناس عنها.. مما يدعوها للمسارعة في ترميم ذلك التصدع الذي تسببت فيه داخل الحياة السياسية بفعل الأساليب الخاطئة التي عمدت إليها خلال الأشهر الأخيرة بهدف النيل من الحزب الحاكم والانتقام منه دون وعي منها بأنها بذلك لم تنتقم سوى من الوطن والشعب اليمني الذي يتعين على هذه القوى أن تطلب الصفح منه كونه من تحمل وعانى وكابد - وما يزال- أعباء الأزمة الراهنة التي وإن كانت قد افتعلتها تلك القوى السياسية والحزبية فإن هناك من تلقفها في الداخل والخارج لينفخ في كيرها عبر عدد من القنوات الفضائية التي تخصصت في صب الزيت على النار وإذكاء الفتن بين أبناء الوطن الواحد إلاّ أن كل هؤلاء قد خسروا الرهان حيث ظل اليمن واقفاً وصامداً كالطود في وجه كل العواصف والمؤامرات!!.
-----------------------
كلمة الثورة