ناشدت لجنة العلماء المرجعية لتقديم النصح والمشورة، المسلمين بتقوى الله جل وعلا وتعظيم حرماته ، ودعت كل الخارجين عن الجماعة في أرض اليمن للعودة إلى جادة الحق والصواب .
وقالت في بيانها : " إن من أعظم الأشياء حرمة الدماء والأموال و الأعراض ، ومن أعظم الحرم استباحة الدماء و انتهاك الأعراض وسلب الأموال الخاصة والعامة و ما يترتب على ذلك من إخلال بالأمن و الاستقرار و حياة الناس الآمنين والمطمئنين في مساكنهم و معايشهم وغدوهم و رواحهم وتعطيل مرافق الحياة والإفضاء إلى ضعف البلاد وتوقف عجلة التنمية فيها مما يجعل أبناءها عرضة للضياع والتشرد و الشتات من قبل الخارجين على الدستور و القانون المستمدين من الشريعة الإسلامية ..

وفيما يلي نص البيان :

الحمد لله و الصلاة و السلام على رسول الله وعلى آله و صحبه و من اهتدى بهداه أما بعد :
فقد تدارس أعضاء لجنة علماء المرجعية لتقديم النصح و المشورة الحالة الراهنة التي تمر بها البلاد و انطلاقا من الواجب الديني على المسلمين في كل زمان ومكان من التواصي بالحق و التناصح و التعاون على البر والتقوى و الأمر بالمعروف و النهي عن المنكر بالحكمة و الموعظة الحسنة و الجدال بالتي هي أحسن كما قال الله سبحانه وتعالى : "وتعاونوا على البر و التقوى و لا تعاونوا على الإثم و العدوان و اتقوا الله إن الله شديد العقاب " وقال سبحانه : " و المؤمنون و والمؤمنات بعضهم أولياء بعض يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر ويقيمون الصلاة و يؤتون الزكاة و يطيعون الله ورسوله أولئك سيرحمهم الله ان الله عزيز حكيم " .
وقال النبي صلى الله عليه وآله و صحبه و سلم : " الدين النصيحة " قيل لمن يا رسول الله قال " لله ولكتابه ولرسوله و لائمة المسلمين وعامتهم " رواه مسلم ، و قال صلى الله عليه و آله و صحبه وسلم : "مثل المؤمنين في توادهم و تراحمهم و تعاطفهم مثل الجسد الواحد إذا اشتكى منه عضو تداعى له سائر الجسد بالسهر والحمى" .
لذا فقد رأت لجنة علماء المرجعية لتقديم النصح و المشورة توجيه النصيحة و المناشدة إلى أبناء اليمن كافة حكاما و محكومين في الأمور الآتية :
أولا : نصيحتنا لكل مسلم أن يتق الله جل وعلا و يعظم حرمات الله ، قال الله تعالى : " ذلك ومن يعظم حرمات الله فهو خير له عند ربه " (الحج 30) و إن من أعظم الأشياء حرمة الدماء و الأموال و الأعراض ، و من أعظم الحرم استباحة الدماء و انتهاك الأعراض وسلب الأموال الخاصة والعامة و ما يترتب على ذلك من إخلال بالأمن و الاستقرار و حياة الناس الآمنين والمطمئنين في مساكنهم و معايشهم وغدوهم و رواحهم وتعطيل مرافق الحياة والإفضاء إلى ضعف البلاد وتوقف عجلة التنمية فيها مما يجعل أبناءها عرضة للضياع والتشرد و الشتات من قبل الخارجين على الدستور و القانون المستمدين من الشريعة الإسلامية .
ومن نظر في نصوص الشرع علم علم اليقين ما جاء به الإسلام من حفظ لهذه الضروريات و الكليات و التشديد فيها فقد كان من آخر ما بلغ به النبي صلى الله عليه و آله وصحبه وسلم أمته فقال في خطبة الوداع : " إن دمائكم و أموالكم و أعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا في شهركم هذا في بلدكم هذا " ثم قال صلى الله عليه و آله وصحبه و سلم :
" ألا هل بلغت اللهم فاشهد " ، وقال صلى الله عليه و آله و صحبه وسلم " كل المسلم على المسلم حرام دمه و ماله و عرضه " .
وقد توعد الله سبحانه من قتل نفسا مؤمنة بأشد الوعيد فقال سبحانه : " و من يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم خالدا فيها وغضب الله عليه و لعنه و أعد له عذابا عظيما " (النساء 93) .
وقال سبحانه في حق الكافر الذي له ذمة في حكم القتل الخطأ : " و إن كان من قوم بينكم و بينهم ميثاق فدية مسلمة إلى أهله و تحرير رقبة مؤمنة " (النساء 92) ، فإذا كان الكافر الذي له أمان إذا قتل خطأ فيه الدية و الكفارة فكيف إذا قتل عمدا فان تحريمه يكون أعظم و الإثم يكون أكبر .
وقد صح عن النبي صلى الله عليه و آله وصحبه وسلم أنه قال " من قتل معاهدا لم يرح راحة الجنة " رواه البخاري - هذا في حق الذمي فكيف بمن يقتل المسلم الذي له ذمة الله و ذمة رسوله صلى الله عليه و آله و صحبه وسلم أي عهد الله وعهد رسوله صلى الله عليه و آله وصحبه وسلم الملزم بتحقيق الأمن و الأمان له .
فإذا كان ما سبق في سياق الوعيد في من قتل نفسا فكيف بمن وجه عدوانه إلى كافة الأمة يقطع طريقها و يخيف سالكيها ويعتدي على حرماتها ويبث الرعب في جنباتها ، فقد جاء الوعيد الشديد في الدنيا و الآخرة لمرتكبي هذا الجرم العظيم .
ومن اجل ذلك فان اللجنة تدعوا جميع الخارجين على الجماعة شعبا وحكومة في أرض اليمن بالعودة إلى جادة الصواب و اللجنة على استعداد لسماع شكاواهم و مناقشة آرائهم على ضوء كتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وآله وصحبه وسلم .. مستعينة بعلماء اليمن ، وتعلن اللجنة أن لها حق الاتصال بجميع أطراف النزاع .
ثانياً : نناشد الحكومة وكافة مؤسسات الدولة أن تقوم بواجباتها نحو البلاد والعباد في حفظ دينها وأمنها واستقرارها ، وإقامة حدود الله فيها ، وضمان مقومات الحياة الكريمة لأبناء الشعب عملا بقولة تعالى : " الذين إن مكانهم في الأرض أقاموا الصلاة واتوا الزكاة وأمروا بالمعروف
ونهوا عن المنكر ولله عاقبة الأمور " (الحج 41) .
ثالثاً : نرفض كل تدخل أجنبي في شؤون اليمن الداخلية ، ونطلب من الحكومة سد كل الذرائع التي تتيح للطامعين التدخل في شؤوننا والنيل من سيادتنا على بلادنا .
يا أبناء اليمن جميعا شيوخا وشبابا حكاما ومحكومين : " إن كل مسلم يبرأ إلى الله تعالى من قتل النفس التي حرم الله ، ويبرأ من نهب الأموال الخاصة والعامة ، ومن قطع السبيل وإخافة سالكيه ، ويعد ذلك من أعظم الجرائم التي حرمها الله تعالى " .
وان لجنة العلماء المرجعية تناشد كل من لديه ذرة من إيمان أو وازع من ضمير أن يسعى إلى إخماد هذه الفتن التي أهلكت الحرث والنسل ، وليعلم كل فرد إن الله سائله ومحاسبة عن موقفة تجاه هذه الجرائم.. فيا أيها العلماء ويا أيها العقلاء - يا أبناء اليمن حكاما ومكومين : لا يسوغ لنا نحن أبناء هذه البلاد الطيبة المباركة أن نبقى متنازعين وان نرى بلادنا تتسارع خطاها نحو المجهول ولا نقوم بدور بناء وعاجل من أجلها ولأجيالنا القادمة ولمستقبلهم ، إن العمل من أجل البلاد هو إنقاذ لأنفسنا وللأجيال ، وإن تباطؤا نحو هذا الواجب ، ناهيك عن السعي في الاتجاه الخطأ تضييع للأمانة الملقاة على عواتقنا ولنأخذ العظة والعبرة من حال بلدان دب التنازع بين أبنائها فلم يتداركوا حتى حلت المآسي بهم والكوارث وتفرقوا شذر مذر فتشرد الشيوخ وترملت النساء وتيتم الأطفال وفني الرجال وتسلط الأعداء وعجز العقلاء عن حل أزماتهم واتسع الخرق على الراقع وبات من المتعذر أن يحولوا دون ما نزل بهم .
أما بالنسبة لنا فما زال في الوقت فسحة رغم تعدد الأزمات وتعقيدها فإذا صدقت النوايا وتجردت النفوس من حظوظها سمت المصالح العليا ، وأمكن تدارك الأخطاء وإرجاع الأمور إلى نصابها بإذن الله .
نسأل الله سبحانه بأسمائه الحسنى وصفاته العُلى أن يجمع كلمتنا على الحق وأن يوحد صفوفنا ، ويصلح أحوالنا ظاهرا وباطنا .. إنه ولي ذلك والقادر عليه .. وصلى الله وسلم على نبينا محمد وآله وصحبه .