الثورة المنتصرة
بقلم/ صلاح مبارك
--------------------
الثورة اليمنية خالدة وعظيمة وشامخة بما حققته من مكاسب وإنجازات ملموسة في واقع الحياة.. وستظل كذلك متوهجة متجددة حاضرة في أفئدة ووجدان أبناء الشعب .. فكثيرة هي عطاءات الثورة وما أحدثته من تغيير حقيقي على مختلف جوانب الحياة والارتقاء بأوضاع الشعب وأحوالهم ثقافياً واجتماعياً وروحياً ومعيشياً.
وليس هناك مكاناً للمقارنة بين ذلك الماضي المتخلف والمظلم وبين ما جسدته الثورة من واقع جديد بفضاءاته الحضارية، وهذه بديهيات ثابتة غير قابلة للتأويل أو المفاضلة* غير أني لا أخفيكم سراً بأنني أعجب من البعض الذي لا يعجبهم العجب ولا الصيام في رجب الذين يحالون عبثاً توجيه سهامهم لطعن الحقيقة الساطعة ومحاولة النيل من طود الثورة الشامخ، والإمعان في إنكار الحقائق الثابتة والدامغة، وما صنعته الثورة المجيدة من أثر عظيم في حياة الإنسان، ومن تحول جذري على صعيد الواقع الحياتي والمعيشي والاقتصادي والثقافي والاجتماعي وهي محاولات يائسة في كل الأحوال، لا تعبر إلا عن حالات نفسية، ولوثة مرضية عقيمة التشخيص والعلاج أصابت الجهاز الدماغي لهؤلاء الجاحدين والمتجهمين لفضائل الثورة، فقيدت حركة واشتغال جهاز التفكير والتأمل والتبصر لديهم، حتى أنهم أصبحوا يحنون إلى عهود التسلط والاستبداد والعبودية والفردية، التي تخلص منها الوطن والمجتمع، وإلى الأبد بفضل هذه الثورة المجيدة، وما سطرته من تضحيات جسام عمدتها تلك الدماء الزكية، التي سالت، والأرواح الطاهرة التي قُدمت فداءً من أجل انتصارها .
وهذا المسلك الغريب والموقف المخزي الذي يقترفه أمثال هؤلاء الناعقين أشبه بمن يريد أن يمنع أشعة الشمس من ملامسة الأرض، ليرى الحقيقة، ويلمس حجم ما أحدثته هذه الثورة المباركة من تغيير شامل في مختلف جوانب الحياة، وعلى صعيد بناء الإنسان اليمني وطي صفحات المعاناة السحيقة والطويلة من الفقر والظلم والهيمنة والعزلة والجهل، الذي مارسه المتسلطون والطغاة والجبابرة من الأئمة، وعملاء الاستعمار من سلاطين وأمراء ومشائخ ردحاً من الزمن .
هذا هو اعتقادنا نحن جيل الثورة الذين عشنا ونعيش أياماً غير تلك الأيام المُرة، التي عاشها آباؤنا وأجدادنا، ولكن المفزع حقاً أن نسمع في بعض الأحيان جعجعة من ينسبون أنفسهم للمسيرة النضالية للثورة، وهم منها براء ليشكك في تاريخها في محاولة ليزلزل في كياننا ثقة الإيمان بالثوابت، التي أحدثتها الثورة ومساراتها، ويقلل من قيمتها وأهدافها النبيلة ويجحد فضائلها .
وكأن البعض ـ من هؤلاء - يربط انتماءه وولاءه للثورة بمقياس الربح والخسارة، ويدمغها بالارتهان لسيل العطايا والغنائم والمنافع والمناصب، فإن خسر إحداها أو مست مصالحه تجرد وانسلخ عن القيم والمبادىء التي كان يحملها ويبشر بها ويتباها علناً ليل نهار .
لاشك أننا نعلم حجم التحديات والأخطار والمؤامرات التي واجهت الثورة منذ انطلاقتها المباركة في يوم 26 سبتمبر المجيد من عام 1962 م وأعقبتها ثورة 14 أكتوبر البطلة في 1963م واللتان توجتا بالنصر العظيم المتمثل بالاستقلال الناجز وطرد المستعمر البريطاني الغاصب في 30 نوفمبر 1967م، وقد قدم من أجلها شعبنا قوافل من الشهداء الأبرار من خيرة أبنائه، ومسيرة حافلة بالتضحيات والملاحم البطولية الرائعة، في سبيل المجد والحرية، ومن أجل تثبيت هذا المنجز التاريخي والانتصار له.. لكن أشد هذه المخاطر إيلاماً ذلك النكران والجحود لفضائل الثورة وجمائلها ولتلك التضحيات والملاحم البطولية والنضالية الخالدة، التي سطرها المناضلون الحقيقيون الأوفياء والمخلصون ،ومع ذلك سار موكب الثورة متوجاً بالنصر وستمضي كذلك ثورة الشعب إلى ما شاء الله منتصرة للإنسان والوطن بأهدافها الستة العظيمة، محمية بقدرة الله وعونه وبإرادة الشعب الصلبة .
------------------
صحيفة الجمهورية
Bookmarks