خامساً: أخطاء في مناهج الإصلاح
بالرغم من هذا الواقع الاجتماعي والفكري والثقافي الجديد الذي تعيشه
أمتنا.. فإن هناك من يظن أو يعتقد أنه يستطيع تغيير هذا الواقع بمجموعة من
القوانين، يصدرها حاكم، أو زعيم ما.. أو كما يقولون: يمكن تغيير هذا الواقع
بجرة قلم وهذا بعيد جداً عن الصواب.. لأن الإسلام ليس امتثالاً لظاهر من
الأعمال فقط بل هو قبل ذلك.. إيمان يملأ القلب، ويجعل العمل الظاهري ثمرة
لذلك الإيمان القلبي والإيمان لا يفرض بقانون.
نعم.. الإيمان يحمي بقانون ونحن في الحقيقة نحتاج أولاً إلى وجود الحقيقة
الإيمانية في عامة الشعب أو جمهوره.. وذلك حتى يلاحق القانون الشواذ
والقلة، ولا يوضع القانون لملاحقة الكثرة والعامة، فإن القانون إذا لاحق الكثرة
استحال تطبيقه إلا عن طريق الإرهاب والإكراه.. وهذا بحد ذاته منفر من
الإيمان والإسلام.
وكذلك هناك من يظن أن التربية كالصناعة المادية حيث تصنع الخامة من
المعدن أو القطن أو الصوف في جانب من المصنع لتتلقاه سيارة وثلاجة
وقماشاً في الجانب الآخر.. وهذا خطأ كبير لأن التربية الإنسانية الفعلية
بطيئة بطء النمو الجسماني.. فتربية الأفكار والعقائد وآداب السلوك يحتاج من
الزمن ما يحتاجه النمو الجسماني.
ومثل المستعجلين في التربية.. كمثل من يريد جنيناً بشرياً في أقل من
تسعة أشهر، ومن يريد إخراج رجل كامل في أقل من السنين التي تستلزم
ذلك، والحال أننا نحتاج لنعيد الأمة إلى جادة الحق وصراط الله.. إلى عدد من
السنين يناسب الوقت الذي في مثله يتربى الجيل.
والخلاصة: أننا نحتاج أن نلقي البذرة وأن ننتظر النمو الطبيعي الفطري
لنباتها، ثم نتعهدها بالسقي والرعاية، وإبعاد الأذى والآفات عنها، حتى تشب
وتقوى، وتصبح شجرة باسقة تقوى على مقاومة الريح وهضم الآفات.. والبذرة
التي نزرعها هي الكلمة الطيبة.. فلنطرق بها كل أذن.. ولننتظر حتى تعمل
عملها في القلب والنفس.. ولنتعهدها حيث ألقيناها بدوام التذكير، ولنحميها
من الآفات والسموم، ولنصبر منها على الضعف الذي يعتريها حتى تصل إلى
الكمال الذي قدره الله لها.
وكذلك الأمر مع المجتمع والأمة.. نحتاج إلى غرس الفضيلة، ونشر الوعي،
والانتقال خطوة نحو الكمال والإصلاح
Bookmarks