غضب تركيا و(تسامح) مصر!

http://fahmyhoweidy.blogspot.com/200...g-post_28.html

إسرائيل مذهولة من السياسة التركية فى ظل حكم حزب العدالة والتنمية، ولا تريد أن تصدق أن حكومة أنقرة منعتها من المشاركة فى المناورات العسكرية على أراضيها، ورغم أن تعليمات رئيس وزرائها دعت إلى التهدئة ومنعت كبار المسئولين من التعليق حول الموضوع، إلا أن الصحافة الإسرائيلية لم تتوقف عن إثارته.

فقد نشرت النسخة العبرية لموقع صحيفة يديعوت أحرونوت مقالا للبروفيسور درور زئيفى رئيس قسم دراسات الشرق الأوسط فى جامعة بن جوريون قال فيه إن قيام أنقرة بإلغاء المشاركة فى المناورات واتفاقها التاريخى مع أرمينيا يعبران عن رغبة دفينة فى التحول إلى قوة إقليمية فى المنطقة.

وأشار إلى أن تركيا شرعت فى إعادة استراتيجيتها الوطنية مستثمرة علاقاتها المميزة مع العالم العربى وعمقها فى منطقة القوقاز التى تتحدث التركية. وقد كان الغضب العارم الذى عم الشعب التركى بسبب العدوان الإسرائيلى على غزة ظرفا مواتيا لخفض مستوى العلاقات مع إسرائيل إلى أبعد حد، ومن ثم التقدم باتجاه إشهار قدوم «العثمانين الجدد».

أضاف فى هذا الصدد أن قيادة الجيش التركى لن تتنازل ببساطة عن العلاقات التاريخية الخاصة مع إسرائيل، إلا أنها بعد الحرب على غزة لا تستطيع أن تواجه الانتقادات الحادة والرفض الشعبى لطابع العلاقة الحالى بين تركيا وإسرائيل.

اتفق الكاتب إيلان باك مع زئيفى فى تأكيده أن الخطوة التركية ضد إسرائيل تأتى فى إطار رؤية استراتيجية شاملة. وأضاف فى مقال نشرته صحيفة «معاريف» قائلا إنه فى الأوقات التى تمد فيها تركيا يدها إلى أعدائها فى الماضى «يقصد أرمينيا» تتخذ الحكومة فى أنقرة خطا معاديا، آخذا فى التطرف، حيال الحليف الأكبر السابق ــ إسرائيل. وليس ذلك انفعالا لحظيا بما جرى فى غزة، ولكنه تعبير عن سياسة فك ارتباط مقصودة ترمى أيضا إلى المس بمكانة الجيش التركى، الخصم الأساسى لحكم أردوجان، «على حد تعبيره. وزعم باك أن أردوجان يحاول استغلال الحملة المناهضة لإسرائيل من أجل إيجاد ميزان ردع جديد فى مواجهة القوى العلمانية.

ودعا بلاده إلى شن حملة لإقناع دول أوروبا بعدم السماح بضم تركيا لدول الاتحاد الأوروبى.

من ناحية حذر رون بن يشاى المعلق العسكرى البارز فى صحيفة «يديعوت أحرونوت» من التداعيات الاستراتيجية الخطيرة التى تنطوى عليها توجهات تركيا الأخيرة إزاء إسرائيل وفى مقال نشرته النسخة العبرية للصحيفة، قال «أود أن أذكر بأن تركيا المسلمة كانت ولسنوات طويلة حليفة أمينة ووفية لنا ... إلا أن التعاون العلنى والسرى بين تركيا وإسرائيل تقلص فى أعقاب الحرب على القطاع.

منبها إلى أن الالتفاف الجماهيرى الواسع حول أردوجان سمح له بالمناورة أمام قيادة الجيش.

وتطرق بن يشاى إلى حجم الخسائر الاقتصادية الضخمة التى ستتكبدها تل أبيب جراء التدهور فى العلاقات مع أنقرة، منوها إلى أن تركيا تشترى كل عام معدات عسكرية من إسرائيل بمئات الملايين من الدولارات. وقد فضلت مؤخرا شراء قمر تجسس من إيطاليا، ورفضت شراء قمر من إسرائيل على الرغم من أن القمر الإسرائيلى أكثر تطورا وأقل تكلفة.

وذكر أن المسئولين الإسرائيليين فضلوا عدم التعليق على الخطوات التركية خشية أن يؤدى ذلك إلى استفزاز الأتراك

. وأضاف: «تركيا لم تعد شريكا استراتيجيا أمينا لنا، وهذا يضر بأمننا القومى لأنه يمس بقوة الردع الإسرائيلية أمام كل من سوريا وإيران».

أوضح بن يشاى أن الخسائر التى تتكبدها إسرائيل بسبب حربها الإجرامية على غزة لا تتوقف على ردة الفعل التركية، بل تتعداها إلى ردة فعل عالمية شاركت فيها دول كثيرة فى أوروبا وأمريكا الجنوبية وأفريقيا.

وحذر من السيناريو الذى تصبح إسرائيل بمقتضاه مطاردة من قبل العالم كما طورد نظام التفرقة العنصرية فى جنوب أفريقيا.

ودعا الحكومة الإسرائيلة إلى إنهاء ملف الجندى جلعاد شاليط المختطف لدى حركة حماس،مذكرا بأنه «بات واضحا أن الضرر الناجم عن مواصلة حصارنا لغزة كبير جدا، وهو أكبر من أى خطر أمنى ناجم عن إطلاق سراح مئات المعتقلين الفلسطينيين، من هنا يجب إنهاء هذا الملف حتى يتسنى رفع الحصار عن غزة ولا يكون مسوغا لمحاصرة إسرائيل»، على حد تعبيره.

ألا ترى مفارقة فى أن إسرائيل قلقة جدا من غضب تركيا، لكنها مطمئنة تماما إلى موقف مصر؟!

...........