إن المتأمل في وضع اليمن هذه الأيام يتضح له جلياً أن الوضع اليمني الداخلي غير مستقر إطلاقاً .. سواءً أكان إستقرار أمني أو إستقرار مجتمعي معيشي يطمح له أي مواطن يعيش على أرض السعيدة .
ولكن السؤال الذي يطرح نفسه ماهي الأسباب التي قادتنا إلى هذه المعمعة وهل الحلول المقدمة من الحزب الحاكم أو من الأحزاب المعارضة (المشترك) هي كفيلة بأن تصحح أوضاعنا كيمنيين .. وأي من الدول المجاورة من الممكن أن نستفيد من تجربتها في الإصلاح الإقتصادي والمدني .. وكم هي المدة المتوقعة لكي نخرج من عنق الزجاجة الذي أعتقد أنه لم يعد عنقاً فقط لأنه لو كان كذلك لتكسر من طول بقاءنا كيمنيين في هذا العنق الضيق
أسئلةٌ كثيرة تطرح نفسها ومع كل أسف لا نجد إجابات لأغلبها إن لم نقل لم نفكر في الإجابة .. أعتقد أن الإصلاح المجتمعي في اليمن مرهون بنا نحن كيمنيين .. ومع كل أسف توجد نظرة لدى الكثيرين إن إصلاح اليمن يقع على عاتق الرئيس علي عبدالله صالح فقط .. وأن الإصلاح لا يمكن أن يأتي إلا من القصر الجمهوري فقط .
لم نفكر في إصلاح أنفسنا أولاً .. لم نراجع قواعد بياناتنا .. هل ما نمارسه في حياتنا اليومية صحيح .. لا أعتقد ذلك .. هناك قاعدة تقول إن إصلاح المجتمع يبدأ من إصلاح الفرد .. وغالبيتنا يعرف هذه القاعدة ولكن لم نفكر في تطبيقها يوماً ما .
نعم هنالك أخطاء عديدة إن لم نقل لا تحصى لعدد من المسؤولين .. هنالك فساد مشترك ينخر في عظم هذا الوطن .. هنالك أيدي عابثة تمتد إلى المال العام ولا تبقي للشعب سوى الفتات الذي يقاسمونا أيضاً فيه .
ولكن لم نفكر من هم هؤلاء المسؤولين ؟ أعتقد أننا سنجيب سريعاً هم من أبناء جلدتنا * إنهم كانوا يوماً من أفراد الشعب .. إذاً لو بدأنا بإصلاح أنفسنا سنستطيع أن ننجب مسؤولين مصلحين للمستقبل .
على المدى القريب أعتقد أن الوضع في اليمن متدهور جداً بل ويتجه إلى الهاوية .. فحتى الرئيس علي عبدالله صالح نفسه مُهاجم من ثلاثة قوى .. وكل قوة في نظري كفيلة بأن تصارع حتى الرمق الأخير .
الحوثيين ..أحزاب اللقاء المشترك .. الإنفصاليين ...
مع إختلاف إتجاهات ووسائل جميع هذه الأطراف
نعم إنها ثلاثة عناصر وكل عنصر أقوى من الآخر .. وللأسف جميعها في مواجهة شخص واحد .. فلنلتمس له العذر أحياناً إن أخفق في سياسته خصوصاً وأنه يصارع على عدة جبهات .
أعتقد أن بركان الحوثيين لم يخمد بعد فهو يهيج من وقت لآخر وهنا تكمن خطورته .. فلو كانت مسألة الحوثيين هائجة لوقت طويل لقضي عليها منذ زمن .
وها نحن نسمع حديثاً عودة الوساطة القطرية من جديد إلى دائرة الصراع علها تجدي نفعاً .. بغض النظر عن مصلحة قطر في الدخول في هذه الوساطة ولكن على ما يبدو للجميع أن النويا جيدة جداً بل وفي تحسن دائم ... نتمنى أن تُحل هذه المشكلة قريباً لأنها تهدد اليمن وأبناؤه وأيما تهديد .
فقد الجيش اليمني الآلاف من جنوده في مواجهة الحوثيين .. وأعتقد أنه من الحكمة تعويض أبناء الشهداء وتغطية إحتياجاتهم بالشكل المناسب .. وأن لايكونوا ضحية أطماعنا ورغباتنا فقط .
في نظري أن خطر الحوثيين هو من أكبر العوائق التي تقف في طريق اليمن المستقبلي ولابد من إيجاد حلول جذرية وأزلية لهذه المعضلة.
عنصر المفاجأة الآخر ألا وهو أحزاب اللقاء المشترك ... كيف إستطاعت هذه الأحزاب أن تتحد ضد الحزب الحاكم وكيف إستطاعت أن تترك جانباً الخلافات التي كانت بين هذه الأحزاب ومنها ما هو خلاف ديني لم نكن نتوقع أن نجد له حلاً في يوم ما ... ولكن هاهم يتحدون ويثبتون للجميع أن الإصلاح في اليمن لابد أن نتحد فيه جميعاً .
حزب الإصلاح والحزب الإشتراكي .. هما الحزبين البارزين في المشترك وعلى عاتقهما يضع الكثيرين من أبناء الشعب اليمني مسؤولية التغيير .. ولكن ما فائدة كليهما من هذا اللقاء المشترك ؟
من المؤكد أن الخصم واحد .. إذا فكما قلت لنلتمس له بعض العذر في أخطاءه .. أعتقد أن المشترك قوة تستطيع أن تغير الحراك السياسي في اليمن في أقرب وقت .. والأيام حُبلى وإن غداً لناظره لقريب .
الإنفصاليون : وهنا يكمن الخطر .. بل إن كل شيء من الممكن حله في نظر الجميع إلا مسألة الإنفصال فهذه كارثة لا يوجد لها حل عند الكثيرين ..
وأعتقد أنه لو فكر الحزب الحاكم في معالجة هذه القضية منذ البداية عندما كانت قضية الإنفصال مجرد يرقة لم تنمو ولم تتضح معالم خلقها بعد لما آلت الأمور إلى ما هي عليه الآن ولو نزلوا من برجهم العاجي قليلاً وفكروا في الحوار لما إستعصت المعضلة كما هي الآن ..
مع كل أسف الحزب الحاكم لم يعطي هذه القضية حقها .. بل كان يكابر ويكابر .. ويعتقد في قرارة نفسه أن هؤلاء ليسوا إلا شرذمة خارجون عن الطاعة وأنهم لا يمثلون أي تهديد ...
ولكن توسع النطاق وكثُرت الأصوات المطالبة بالإنفصال والجميع يشاهد ولكن دونما أي حراك .. أعتقد أن الحزب الحاكم تنبه أخيراً لخطورة الوضع ... وبدأ بلغة الحوار والتي جاءت متأخرة نوعاً ما بعد أن شربت كل أرضِ ماءها .. ولكن لا بأس بالمحاولة .. ولا بأس بتلبية إحتياجات الناس .. فنحن لن نتغير أبداً .. لا نلبي مطالب الناس إلا بعد أن نرى منهم بأساً عظيما .
والمحصلة واضحة للجميع دونما أي شك .. هاهي اليمن المسكينة المغلوب على أمرها.. وهاهي أوضاعها المأساوية واضحة للعيان .. وها نحن نقف مكتوفي الأيدي لا نستطيع حتى أن نغير أنفسنا والذي هو لب الحديث .
دمتم بود
Bookmarks