هناك خلط كبير بين مفهومي الجهاد والإرهاب ، فليس كل مجاهد في سبيل الله إرهابي ، وليس بالضرورة كل إرهابي هو مجاهد ، ومن هذا المنطلق نجد بأن هناك الكثير يقومون بالخلط بين هذين المفهومين إما بقصد أو بغير قصد ، ولكن ما سبب هذا الخلط ، فكلاً منهما له مفهوم واضح وغير قابل للتداخل إطلاقاً مع الآخر .

فالجهاد هو القتال في سبيل الله ، وقد قال تعالى ( كُتِبَ عَلَيْكُمُ القِتَالُ ) ، وقوله تعالى ( وَقَاتِلُوا المُشْرِكِينَ كَافَّةً كَمَا يُقَاتِلُونَكُمْ كَافَّةً وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ مَعَ المُتَّقِينَ ).

فالجهاد حكمه واجب على المسلم وله حالتان وهما إما أن يكون الجهاد فرض كفاية ، وإما أن يكون الجهاد فرض عين ، فقد يكون الجهاد فرض كفاية على البلاد المسلمة البعيدة عن البلاد المحتلة عندما يحتل العدو بلد من بلاد المسلمين ، ويكون الجهاد فرض عين على المقيمين بالبلد المحتلة وعلى البلاد القريبة منها عندما يحتل العدو بلد مسلمة من بلاد المسلمين.

في حين إن الإرهاب هو القتال في سبيل الشيطان وقتل الأبرياء وهذا هو تعريفي ، في حين عرفته بعض المنظمات الدولية بأنه كافة الأفعال الإجرامية ضد دولة من الدول التي من شأنها بحكم طبيعتها أو هدفها إثارة الرعب في نفوس شخصيات معينة أو جماعات من الأشخاص أو في نفوس العامة ، وفي تعريف آخر هو الإستخدام المدروس للعنف أو التهديد بإستخدامه لإشاعة الخوف بغرض إجبار أو إكراه الحكومات أو المجتمعات على تحقيق أهداف سياسية أو دينية أو إيديولوجية .

فكل ما نراه اليوم من أحداث إرهابية في العالم ، قد عملت على إخراج مفهوم الجهاد من مضمونه وجعلته ينحى منحنى آخر ، فقد أصبح قتل البشر جهاداً ، وتدمير إمكانيات العرب والمسلمين يسمى جهاداً ، ويطلق على القائمين بتلك الأعمال مجاهدين وشهداء ، وهم أبعد ما يكونون عن ذلك .

وما حدث مؤخراً في محافظة صعدة ليس ببعيد عن ذلك ، والتي قام مجموعة مارقة من الإرهابيين بتفجير مسجد في هذه المحافظة وقتل عدد من المصلين ويسمى بعد ذلك جهاداً ، وما حدث قبلها في العاصمة صنعاء من إستهداف للمجمع الذي يقطنه أجانب هل يسمى جهاداً . وكذلك ما حدث ويحدث في أغلب البلاد العربية والإسلامية كالعراق والأردن وتونس والمغرب والجزائر وكل البلاد العربية والإسلامية وبدون إستثناء ، والتي كلها لا تستهدف إلا الأبرياء ولم تستهدف مستعمرين ، فحتى الأجانب الذين يتم إستهدافهم في البلاد العربية والإسلامية ليسوا مستعمرين بل هم سواح أو موظفين ذو خبرات في مجالات معينة يأتون إلينا للإستفادة من خبراتهم .

وإذا ما رأينا كل هذه الأحداث التي تحدث لها ، وإن إختلفت المسميات فلها رأس واحد وهو تنظيم القاعدة ، فهذا التنظيم بدأ جهادياً في أول الأمر ، فقد قاتل القوات السوفيتية في أفغانستان ، كما قاتل القوات الروسية في الشيشان من خلال مجاميع من الجهادين العرب والمسلمين ، لكن تحول مع مرور الوقت إلى تنظيم إرهابي ويضرب بعصاه في كل بلد عربي وإسلامي ، حتى بدا لنا بأنه تنظيم صهيوني حيث يقوم بعملياته ضد كل عربي ومسلم في أي مكان ، وما الأعمال التي يقومون بها لخير دليل على ذلك ، فكم من أبرياء قتلوا على أيديهم .

فهل رأينا هؤلاء الجهاديون – مع تحفظي الشديد على هذه الكلمة – متواجدون في أماكن كان المفترض فيهم التواجد فيها ، أوليس إسرائيل هي كيان غاصب للأراضي العربية ، لماذا لم نسمع منهم إقامة عمليات إستشهادية في إسرائيل ، لماذا كل عملياتهم في الوطن العربي والإسلامي ، ولماذا تستهدف العرب والمسلمين ؟

هذه أسئلة حائرة لم أجد لها إجابة