إما الأمن وإما الفوضى!!
من المخجل والمؤسف أن يأتي الخروج على النظام والقانون ممن يفترض فيهم أن يكونوا القدوة في الالتزام بهما، إذْ كيف نتصور لقوى سياسية تضع نفسها ضمن مؤسسات المجتمع المدني أن تتورط في أعمال العنف والتخريب وتعمل على إثارة الفوضى، وتشجع عناصرها على قطع الطرق والاعتداء على الكهرباء، والتضييق على الناس في مأكلهم ومشربهم واحتياجاتهم من المشتقات النفطية والمواد الغذائية وغيرها من متطلبات حياتهم اليومية.
بل كيف نتصور لقوى سياسية وحزبية تنادي بالدولة المدنية أن تصبح لها مليشيات مسلحة يتم نشرها في المدن وأحيائها وشوارعها بهدف إقلاق الأمن والسكينة العامة وإشاعة الرعب بين أوساط الناس، وعمل الكمائن الغادرة ضد رجال الأمن والقوات المسلحة، ومواجهة سلطة الدولة، والاعتداء على المرافق والمؤسسات العامة والخاصة، وممارسة أعمال النهب والسلب في وضح النهار.
وإذا كانت مثل هذه التجاوزات والممارسات غير المألوفة هي موضع استهجان واستنكار جميع أبناء الشعب اليمني، فإن الشيء الذي لا يمكن أن يستسيغه أي عاقل أن تستغل أجواء الديمقراطية والتعددية السياسية من بعض القوى في العبث بالأسس الراسخة لأمننا واستقرارنا، والتطاول على ثوابتنا الوطنية، وأن تتجه هذه القوى إلى تصفية حساباتها مع الحزب الحاكم عن طريق الانتقام من الوطن وممارسة العقاب الجماعي على أبنائه عن طريق إشاعة الفوضى والانفلات والزج بالبلاد في أتون الفتن والصراعات، التي ما أصابت مجتمعاً إلاّ وأورثته الخراب والدمار والفرقة والتمزق.
والمؤلم أكثر أن يصل التمادي بهؤلاء درجة أنهم يسعون إلى تكريس هذه الممارسات والتجاوزات لتحل محل الدستور والنظام والقانون بل ومؤسسات الدولة والحياة المدنية المتحضرة عموماً، بعد أن شعر هؤلاء أنهم وفي ظل استتباب النظام وسيادة القانون، وتنامي مسارات الديمقراطية والتعددية السياسية والحزبية، يفقدون مصالحهم الأنانية ومراكز نفوذهم، وما جنوه من المنافع والأموال، ولذلك فإنهم يقاومون كل خطوة لفرض هيبة النظام والقانون واضطلاع مؤسسات الدولة بواجباتها تجاه المواطنين ومعالجة قضاياهم وتلبية احتياجاتهم وتطلعاتهم، وآخر الشواهد الدالة على ذلك أنهم لم يعودوا يكتفون بالاعتداء على خطوط الكهرباء بل تعدوا ذلك إلى الاعتداء على المهندسين والعمال الذين يقومون بإصلاح ما خربوه ويواصلون الليل بالنهار من أجل أداء واجبهم تجاه إخوانهم المواطنين، كما حصل يوم أمس حينما أقدمت مجموعة مسلحة تابعة لأحزاب اللقاء المشترك على الاعتداء ومنع المهندسين وعمال الكهرباء من إصلاح الخطوط التي تم استهدافها من قبل هؤلاء في منطقة نهم مما أدى إلى إخراج وحدات المحطة الغازية بمارب عن الخدمة وحرمان المواطنين في هذا الشهر الكريم من خدمات الكهرباء.
ومثل هذا التصرف الذي لا يقبله دين ولا ضمير ولا خلق صار مع الأسف الشديد إحدى وسائل الضغط التي تمارسها المعارضة ضد الحكومة والحزب الحاكم، رغم أنها لا تجهل أنها بذلك إنما تمارس عقاباً جماعياً على الشعب بملايينه الخمسة والعشرين.
ولأن الكيل قد طفح فقد آن الأوان لكي يشعر أولئك الذين ينتقمون من أبناء الشعب أن هناك حدوداً ينبغي على الجميع عدم تجاوزها، ومن ذلك الالتزام بالقانون كاملاً ومتكاملاً، وأنه لا نسبية ولا استثناء في تطبيق القانون فالكل أمامه سواء، وأنه قد حان الوقت لأن يعي أولئك المتطاولون أن التمادي في الممارسات الخاطئة لن يقابل بالتساهل بعد الآن، وأن الدولة معنية بحماية حقوق مواطنيها في الحصول على الأمن والسكينة العامة، وأنها من هذه المسؤولية مطالبة بالإسراع في وضع حد لمظاهر الانفلات والفوضى والممارسات العبثية، التي تتهدد مصالح الوطن العليا ووحدته وثوابته وأمنه واستقراره باعتبار أن الصمت على هذه الأفعال أو التغاضي عنها ستكون نتائجه كارثية ومدمرة على الجميع، خاصة وأننا أمام خيارين إمّا الأمن والاستقرار وإما الفوضى والخراب.
كلمة الثورة
Bookmarks