اَلْحَمْدُ لِلهِ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى رَسُولِ اللهِ وَعَلَى اَزْوَاجِهِ وَذُرِّيَّتِهِ وَآَلِهِ وَاَصْحَابِهِ وَمَنْ وَالَاهُمْ وَبَعْدُ: اَللَّهُمَّ عَلِّمْنَا مَايَنْفَعُنَا وَانْفَعْنَا بِمَا عَلَّمْتَنَا: وَزِدْنَا عِلْماً وَعَمَلاً صَالِحاً مُتَقَبَّلاً لَدَيْكَ، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: قَالَ الْمُصَنِّفُ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: وَمِنَ السُّنَّةِ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَنْزِلُ رَبُّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى كُلَّ لَيْلَةٍ اِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا، وَقَوْلُهُ: يَعْجَبُ رَبُّكَ مِنَ الشَّابِّ لَيْسَتْ لَهُ صَبْوَة، وَقَوْلُهُ: يَضْحَكُ اللهُ اِلَى رَجُلَيْنِ قَتَلَ اَحَدُهُمَا الْآَخَرَ ثُمَّ يَدْخُلَانِ الْجَنَّةَ، فَهَذَا وَمَااَشْبَهَهُ مِمَّا صَحَّ سَنَدُهُ وَعُدِّلَتْ رُوَاتُهُ: نُؤْمِنُ بِهِ: وَلَانَرُدُّهُ: وَلَانَجْهَلُهُ: وَلَانَتَاَوَّلُهُ بِتَاْوِيلٍ يُخَالِفُ ظَاهِرَهُ: وَلَانُشَبِّهُهُ بِاتِّفَاقِ الْمَخْلُوقِينَ: وَلَا بِسِمَاتِ الْمُحْدَثِينَ: وَنَعْلَمُ اَنَّ اللهَ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى: لَاشَبِيهَ لَهُ وَلَانَظِيرَ: لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ: وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ: وَكُلُّ مَاتُخِيِّلَ فِي الذِّهْنِ اَوْ خَطَرَ فِي الْبَالِ: فَاِنَّ اللهَ تَعَالَى بِخِلَافِهِ: وَمِنْ ذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: اَلرَّحْمَنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوَى، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: لَمَّا ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ ابْنُ قُدَامَةَ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى: اَنَّ الْاَصْلَ الْجَامِعَ لِمَذْهَبِ اَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي الْاَسْمَاءِ وَالصِّفَاتِ: اَنَّهُمْ يُمِرُّونَهَا كَمَا جَاءَتْ فِي اِثْبَاتِ ذَلِكَ لَفْظاً وَمَعْنىً: وَالْاِيمَانِ بِمَا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ: لَايَتَجَاوَزُونَ الْقُرْآَنَ وَالْحَدِيثَ، بَدَاَ بِتَفْصِيلِ الْكَلَامِ عَلَى بَعْضِ الصِّفَاتِ: فَذَكَرَ بَعْضَ الْاَدِلَّةِ مِنَ التَّنْزِيلِ مِنَ الْقُرْآًنِ: عَلَى بَعْضِ الصِّفَاتِ كَمَا مَرَّ مَعَنَا، ثُمَّ ذَكَرَ مَاهُوَ مِنَ الْاَحَادِيثِ فِي الصِّفَاتِ، فَذَكَرَ حَدِيثَ النُّزُولِ: وَهُوَ قَوْلُ النَّبِيِّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: يَنْزِلُ رَبُّنَا كُلَّ آَخِرِ لَيْلَةٍ: وَفِي لَفْظٍ آَخَرَ: يَنْزِلُ رَبُّنَا فِي الثُّلُثِ الْاَخِيرِ مِنْ كُلِّ لَيْلَةٍ: وَفِي بَعْضِ الرِّوَايَاتِ: فِي النِّصْفِ الْاَخِيرِ مِنْ كُلِّ لَيْلَةٍ: فَيُنَادِي عِبَادَهُ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَاُعْطِيَهُ! هَلْ مِنْ دَاعٍ فَاَسْتَجِيبَ لَهُ! هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَاَغْفِرَ لَهُ! وَهَذَا نُزُولٌ خَاصٌّ يَلِيقُ بِجَلَالِ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَعَظَمَتِهِ: وَلَيْسَ هُوَ كَنُزُولِ الْمَخْلُوقِينَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ نُزُولِهِمْ: وَاِنَّمَا هُوَ نُزُولٌ خَاصٌّ بِاللهِ تَعَالَى كَسَائِرِ صِفَاتِهِ: نُثْبِتُ الْمَعْنَى فِي وَصْفِهِ: وَنَنْفِي الْعِلْمَ بِالْكَيْفِيَّةِ؟ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى لَاتَتَمَثَّلُهُ الْعُقُولُ بِالتَّفْكِيرِ: وَلَاتَتَخَيَّلُهُ الْقُلُوبُ بِالتَّصْوِير:ِ لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ: وَهُوَ السَّمِيعُ الْبَصِير، نَعَمْ اَخِي: فَالنُّزُولُ يَثْبُتُ لِلهِ تَعَالَى عَلَى مُعْتَقَدِ اَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ، وَاَمَّا الْمُبْتَدِعَةُ مِنَ الْكُلَّابِيَّةِ وَالْاَشَاعِرَةِ وَالْمَاتُرِيدِيَّةِ وَمَنْ قَبْلَهُمْ مِنَ الْمُعْتَزِلَةِ وَنَحْوِهِمْ: فَيَتَاَوَّلُونَ هَذِهِ الْاَحَادِيثَ اِذَا اَثْبَتُوهَا: بِاَنَّ مَعْنَى النُّزُولِ: هُوَ نُزُولُ رَحْمَتِهِ سُبْحَانَهُ!!! وَالْجَوَابُ عَلَى هَذَا التَّاْوِيلِ: بِاَنَّهُ خِلَافُ الْاَصْلِ: وَاللهُ جَلَّ وَعَلَا اَوْجَبَ عَلَيْنَا اَنْ نُؤْمِنَ بِظَاهِرِ الْآَيَاتِ وَالْاَحَادِيثِ: وَبِالتَّالِي فَاِنَّ رَحْمَتَهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى لَازِمَةٌ اَلْزَمَ بِهَا نَفْسَهُ سُبْحَانَهُ عَلَى الْعِبَادِ فِي كُلِّ شَيْءٍ: فَتَخْصِيصُ الثُّلُثِ الْاَخِيرِ مِنَ اللَّيْلِ بِنُزُولِ الرَّحْمَةِ: لَامَعْنَى لَهُ؟ لِاَنَّ رَحْمَةَ اللهِ تَعَالَى لَازِمَةٌ فِي كُلِّ حِينٍ وَاَوَانٍ: بَلِ الْعِبَادُ لَايَخْلُونَ مِنْ رَحْمَةِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ: وَلَوْ اُخْلُوا مِنْ رَحْمَةِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا: لَفَسَدَتْ مَعَايِشُهُمْ: وَلَهَلَكَتْ اَنْفُسُهُمْ، فَهَذَا تَاْوِيلٌ بَاطِلٌ مِنْهُمْ: وَهُوَ اَنْ يَتَاَوَّلُوا النُّزُولَ بِنُزُولِ الرَّحْمَةِ؟ لِاَنَّ الرَّحْمَةَ الَّتِي وَسِعَتْ كُلَّ شَيْءٍ: مَوْجُودَةٌ اَصْلاً: وَلَيْسَتْ بِحَاجَةٍ اِلَى اَنْ تَصْعَدَ: وَلَا اِلَى اَنْ تَنْزِلَ: بَلْ هُوَ نُزُولُ الرَّبِّ جَلَّ وَعَلَا كَمَا وَصَفَهُ بِذَلِكَ نَبِيُّهُ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام: وَمِنَ الْمَعْلُومِ لَدَيْكَ اَخِي: اَنَّهُ لَايَصِفُ اللهَ جَلَّ وَعَلَا اَحَدٌ مِنَ الْخَلْقِ اَعْلَمُ مِنْ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: وَلَا اَكْثَرُ تَنْزِيهاً وَتَعْظِيماً مِنْ رَسُولِ اللهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ، نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ ذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ الصِّفَةَ الثَّانِيَةَ: اَلَا وَهِيَ صِفَةُ الْعَجَبِ: فَذَكَرَ الْحَدِيثَ الْمَشْهُورَ الْمَعْرُوفَ الَّذِي رَوَاهُ الْاِمَامُ اَحْمَدُ وَغَيْرُهُ: اَنَّ النَّبِيَّ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَال: عَجِبَ رَبُّنَا مِنْ شَابٍّ لَيْسَتْ لَهُ صَبْوَةٌ: أَيْ لَيْسَ لَهُ مَيْلٌ اَوْ جُنُوحٌ اِلَى مَايَهْتَمُّ بِهِ الشَّبَابُ مِنَ الشَّهَوَاتِ وَنَحْوِ ذَلِكَ: فَقَالَ عَجِبَ رَبُّنَا، نَعَمْ اَخِي: وَهَذَا الْحَدِيثُ: مِنْ جِنْسِ اَحَادِيثِ الصِّفَاتِ: فِيهِ ذِكْرُ صِفَةِ الْعَجَبِ: وَاَنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا يَعْجَبُ، نَعَمْ اَخِي: وَهَذِهِ الصِّفَةُ صِفَةُ الْعَجَبِ: ذُكِرَتْ فِي الْقُرْآَن ِفي قَوْلِ اللهِ تَعَالَى فِي سُورَةِ الصَّافَّاتِ {بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُون، وَاِذَا ذُكِّرُوا لَايَذْكُرُون(عَلَى الْقِرَاءَةِ السَّبْعِيَّةِ الثَّانِيَةِ: اِذْ فِي الْآَيَةِ قِرَاءَتَان: اَلْقِرَاءَةُ الْاُولَى: بَلْ عَجِبْتَ وَيَسْخَرُون، وَالْقِرَاءَةُ السَّبْعِيَّةُ الْمُتَوَاتِرَةُ الثَّانِيَةُ: بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُون، نَعَمْ اَخِي: فَهَذِهِ الصِّفَةُ وَهِيَ صِفَةُ الْعَجَبِ: دَلَّ عَلَيْهَا الْقُرْآَنُ وَالسُّنَّةُ: وَيُوصَفُ اللهُ جَلَّ وَعَلَا بِالْعَجَبِ كَمَا وَصَفَ بِهِ نَفْسَهُ: وَلَيْسَ وَصْفُ اللهِ الْخَالِقِ جَلَّ وَعَلَا بِالْعَجَبِ مِمَّا يَعْمَلُهُ الْعَبْدُ الْمَخْلُوقُ مِنَ الْعَجَبِ: لَيْسَ هَذَا نَاتِجاً عَنْ عَدَمِ الْعِلْمِ: بَلْ هُوَ مِنْ كَمَالِهِ وَكَمَالِ عِلْمِهِ جَلَّ وَعَلَا: اِذِ الْعَجَبُ تَارَةً يَكُونُ عَنْ عَدَمِ عِلْمٍ: وَهَذَا خَاصٌّ بِالْمَخْلُوقِ وَلَيْسَ بِالْخَالِقِ سُبْحَانَهُ، نَعَمْ اَخِي: وَتَارَةً يَكُونُ الْعَجَبُ عَنْ عِلْمٍ: وَالْعَجَبُ يَقْتَضِي رَفْعَ مَنْزِلَةِ الْمُتَعَجَّبِ مِنْهُ وَهُوَ الْقُرْآَنُ الَّذِي يَسْخَرُونَ مِنْهُ: وَهَذَا يَثْبُتُ لِلهِ تَعَالَى: كَما قَالَ عَزَّوَجَلَّ{بَلْ عَجِبْتُ وَيَسْخَرُونَ، وَاِذَا ذُكِّرُوا لَايَذْكُرُونَ( اَوْ كَمَا جَاءَ فِي الْاَحَادِيثِ الَّتِي فِيهَا اِثْبَاتُ صِفَةِ الْعَجَبِ مِنْ مِثْلِ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام: عَجِبَ رَبُّكُمْ مِنْ قُنُوطِ عِبَادِهِ وَقُرْبِ غِيَرِهِ يَنْظُرُ اِلَيْكُمْ حَزِنِينَ قَانِطِينَ يَعْلَمُ اَنَّ فَرَجَكُمْ قَرِيبٌ: وَغَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْاَحَادِيث، نَعَمْ اَخِي: هَذِهِ الْاَحَادِيثُ وَاَمْثَالُهَا مِمَّا صَحَّ اِسْنَادُهُ وَعُدِّلَ نَقَلَتُهُ (أَيْ اَنَّ النَّقَلَة لِهَذَا الْحَدِيثِ عُدُولٌ غَيْرُ مُتَّهَمِينَ( نُثْبِتُ مَاجَاءَ فِيهَا عَلَى الْقَاعِدَةِ الْمُقَرَّرَةِ: مِنْ اَنَّهُ اِثْبَاتٌ بِلَاتَكْيِيفٍ وَلَاتَمْثِيلٍ وَلَاتَشْبِيه، نَعَمْ اَخِي: وَفِي هَذَا الصَّدَدِ قَالَ الْمُؤَلِّفُ رَحِمَهُ اللهُ كَلِمَةً مُهِمَّةً: وَكُلُّ مَاخَطَرَ بِبَالِكَ: فَاِنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا بِخِلَافِ ذَلِك، فَاِذَا خَطَرَ بِبَالِكَ اَخِي: اَنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا فِي اتِّصَافِهِ بِالصِّفَةِ يَكُونُ عَلَى النَّحْوِ الَّذِي خَطَرَ بِبَالِكَ اَوْ تَخَيَّلْتَ صُورَةً مَا: فَعَلَيْكَ اَنْ تَجْزِمَ اَخِي: اَنَّ اللهَ تَعَالَى دَائِماً بِخِلَافِ مَاتَخَيَّلْتَهُ؟ لِاَنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا: لَمْ يُرَ حَتَّى تَتَخَيَّلَهُ الْقُلُوبُ بِالتَّصْوِيرِ: وَلَمْ يُرَ مِثْلُهُ: وَلَمْ يُرَ جِنْسُهُ: كَذَلِكَ لَمْ يُوصَفْ وَصْفَ كَيْفِيَّةٍ: وَلِهَذَا كُلُّ مَاخَطَرَ بِعَقْلِكَ اَوْ تَصَوَّرَهُ قَلْبُكَ: فَلْتَجْزِمْ اَنَّ اللهَ تَعَالَى بِخِلَافِ ذَلِكَ، نَعَمْ اَخِي: وَهَذِهِ الْقَاعِدَةُ عَظِيمَةٌ مِنْ اَجْلِ تَحْقِيقِ كَمَالِ التَّوْحِيدِ؟ لِاَنَّ الشَّيْطَانَ يَاْتِي لِلْمُؤْمِنِ فَيَجْعَلُهُ يَتَصَوَّرُ وَيُصَوِّرُ لَهُ رَبَّهُ عَلَى نَحْوٍ مِنَ الصُّوَرِ؟ وَهَذَا مِنْ اَجْلِ اَنْ يُشْغِلَ الْعَبْدَ عَنْ تَنْزِيهِ اللهِ جَلَّ وَعَلَا وَعَنْ اِثْبَاتِ الصِّفَاتِ لَهُ سُبْحَانَهُ بِمَا يَجِبُ لَهُ مِنْ هَذِهِ الصِّفَاتِ؟ وَلِيُدْخِلَهُ فِي نَوْعٍ مِنَ الضَّلَالَاتِ: مِنْ تَجْسِيمٍ: اَوْ تَشْبِيهٍ: اَوْ تَمْثِيلٍ: وَنَحْوِ ذَلِكَ، فَذَكَرَ الْمُؤَلِّفُ قَاعِدَةً عَظِيمَةً فِي هَذَا: وَهُوَ كُلُّ مَاخَطَرَ بِبَالِكَ اَوْ تَصَوَّرَهُ قَلْبُكَ: فَاعْلَمْ اَنَّ اللهَ جَلَّ وَعَلَا بِخِلَافِهِ، وَنَبْدَاُ بِالْمُشَارَكَةِ عَلَى بَرَكَةِ الله، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: هَذَا اَهَمُّ شَيْءٍ: اَنْ يَعْلَمَ الْمُؤْمِنُ: وَاَنْ يَعْمَلَ بِمَا عَلِمَ: وَاَنْ يَزْدَادَ عِلْماً: بِمَعْنَى اَنَّهُ دَائِماً يَشْغَلُ فَرَاغَهُ بِطَلَبِ الْعِلْمِ؟ ابْتِغَاءَ وَجْهِ اللهِ عَزَّ وَجَلَّ؟ لِيَعِيشَ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا عَلَى بَصِيرَةٍ مِنْ اَمْرِهِ، وَكَذَلِكَ؟ لِيَكُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنَ الْفَائِزِين، نَعَمْ اَخِي: وَنُتَابِعُ مَابَدَاْنَاهُ مِنْ تَفْسِيرِ الْآَيَاتِ فِي مُشَارَكَةِ سَابِقَةِ: وَقَدْ وَصَلْنَا اِلَى قَوْلِهِ تَعَالَى{اِنَّمَا اَمْوَالُكُمْ وَاَوْلَادُكُمْ فِتْنَةٌ، وَاللهُ عِنْدَهُ اَجْرٌ عَظِيمٌ، فَاتَّقُوا اللهَ مَااسْتَطَعْتُمْ وَاسْمَعُوا وَاَطِيعُوا وَاَنْفِقُوا خَيْراً لِاَنْفُسِكُمْ، وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ: فَاُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُون(نَعَمْ اَخِي: قُلْنَا اَنَّ الْفِتْنَةَ بِمَعْنَى الِاخْتِبَارِ وَالِابْتِلَاءِ، نَعَمْ اَخِي: اَلْاِيمَانُ لَهُ مَوَازِين، وَقَدْ ذَكَرْنَا بَعْضَ الْمَوَازِينِ، وَهُنَا لَدَيْنَا اَيْضاً فِي هَذِهِ الْمُشَارَكَةِ مِيزَانٌ جَدِيدٌ يَنْبَغِي اَنْ تَزِنَ اِيمَانَكَ بِهِ الْآَن، نَعَمْ اَخِي: حِينَمَا يُخْطِىءُ وَلَدُكَ، وَيُخْطِىءُ غَيْرُ وَلَدِكَ، هَلْ تَنْظُرُ اِلَى الِاثْنَيْنِ نَظْرَةً وَاحِدَةً؟ اَمْ اَنَّ الْعَاطِفَةَ تَاْخُذُكَ نَحْوَ وَلَدِكَ فَلَا تَرَى عَيْبَهُ وَتَرَى عَيْبَ وَلَدِ الْآَخَرِين! نَعَمْ اَخِي: اِذَا كُنْتَ مِنَ الصِّنْفِ الْاَوَّلِ: فَاِنَّكَ تَنْظُرُ اِلَيْهِمَا نَظْرَةً وَاحِدَةً تَمْقُتُ بِهَا فِعْلَهُمَا: فَاِيمَانُكَ هُنَا اَخِي اِذاً ثَابِت، اَمَّا اِذَا مِلْتَ بِعَاطِفَتِكَ نَحْوَ وَلَدِكَ: فَاِيمَانُكَ فِيهِ خَلَل، نَعَمْ اَخِي: وَقَدْ رَاسَلِنِي اَحَدُهُمْ عَبْرَ الْوُوتْسْ آبْ قَائِلاً: جَارِي اَوْلَادُهُ كَذَا وَكَذَا وَكَذَا مِنَ الصِّفَاتِ الذَّمِيمَةِ وَهُمْ لَايُصَلُّونَ! فَقُلْتُ لَهُ: اَنْتَ تَطْعَنُ بِفُلَانٍ مِنَ النَّاسِ مِنْ جِيرَانِكَ؟ لِاَنَّ اَوْلَادَهُ لَايُصَلُّونَ: فَهَلْ اَوْلَادُكَ يُصَلُّون؟ فَاِذَا بِهِ يُشِيحُ بِوَجْهِهِ عَنِّي صُورَةً وَصَوْتاً!! طَيِّبْ اَخِي: اَوْلَادُكَ فِيهِمْ نَفْسُ الْعَادَةِ الذَّمِيمَةِ: وَهِيَ تَرْكُ الصَّلَاةِ الَّتِي تَنْهَى عَنْ هَذِهِ الْعَادَاتِ الذَّمِيمَةِ: فَلِمَاذَا تَتَحَدَّثُ عَنْ عَيْبِ اَوْلَادِ غَيْرِكَ وَتَنْسَى عُيُوبَ اَوْلَادِكَ وَاَهْلِ بَيْتِكَ!! فَاَنْتَ اَخِي هُنَا اِيمَانُكَ فِيهِ اضْطِّرَابٌ: وَكَذَلِكَ غَيْرَتُكَ لَيْسَتْ لِلهِ: وَلَوْ كَانَتْ غَيْرَتُكَ لِلهِ: فَحَرِيٌّ بِكَ اَنْ تَنْظُرَ اِلَى عَيْبِ وَلَدِكَ قَبْلَ عَيْبِ غَيْرِكَ؟ لِاَنَّ الْوَلَدَ جُزْءٌ مِنَ الْاِنْسَانِ: وَالْمُؤْمِنُ مَطْلُوبٌ مِنْهُ اَنْ يَرَى عَيْبَهُ قَبْلَ اَنْ يَرَى عَيْبَ غَيْرِهِ: وَهَذَا هُوَ مِنْظَارُ الْاِيمَانِ، وَاَمَّا مِنْظَارُ الْعَاطِفَةِ الْجَامِحَةِ وَالْغَيْرَةِ الْمَزْعُومَةِ عَلَى الدِّينِ بِاسْمِ الدِّينِ مُلْبِساً ذَلِكَ كُلَّهُ ثَوْبَ الْغَيْرَةِ: فَكُلُّ هَذَا لَايَرْقَى عِنْدَ اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى؟ بِاِيمَانٍ مُضْطَّرِبٍ عِنْدَ اَمْثَالِ هَؤُلَاءِ الْغَيُورِينَ، نَعَمْ اَخِي: اَحْيَاناً كَذَلِكَ الْوَالِدَانِ لَايَنْصَحَانِ اَوْلَادَهُمَا: فَحِينَمَا تَاْتِي اَخِي اِلَى اَحَدِهِمْ لِتَقُولَ لَهُ اِبْنُكَ فِيهِ كَذَا وَكَذَا مِنَ الْفَوَاحِشِ وَالْاَخْلَاقِ الذَّمِيمَةِ: فَاِنَّهُ يَقُولُ لَكَ بِوَقَاحَةٍ لَامَثِيلَ لَهَا عِنْدَ الله(خَلِّي يْشُوفْ شَبَابُو: اِنَّهُ الْآَنَ فِي فَوْرَةِ الشَّبَابِ: وَلَاحَرَجَ عَلَيْهِ وَلَاجُنَاحَ اَنْ يَرْتَكِبَ الْمَعَاصِيَ الَّتِي يُمَتِّعُ بِهَا شَبَابَهُ: وَحِينَمَا يَكْبَرُ يَتُوبُ اِلَى اللهِ(وَكَاَنَّكَ اَيُّهَا الْوَغْدُ الْحَقِيرُ تَضْمَنُ لِوَلَدِكَ اَنْ يَعِيشَ حَتَّى يَكْبُرَ وَيَتُوبَ اِلَى اللهِ عَزَّ وَجَلَّ!!! وَمَامَعْنَى خَلِّي يْشُوفْ شَبَابُو!! هَلْ تُرِيدُ مِنْهُ اَيُّهَا الْوَغْدُ اَنْ يَسْتَعْبِدَ النَّاسَ بِاَعْضَائِهِ التَّنَاسُلِيَّة!! نَعَمْ اَخِي: فَهَذَا الْاِنْسَانُ الْوَغْدُ عَاطِفَتُهُ نَحْوَ وَلَدِهِ: هِيَ الَّتِي جَعَلَتْهُ يَقُولُ مِثْلَ هَذَا الْكَلَامِ؟ لِاَنَّهَا عَاطِفَةٌ غَيْرُ مُنْضَبِطَةٍ بِدِينٍ: وَلَابِاَخْلَاقٍ: وَلَابِمَنْطِقٍ، وَلِذَلِكَ جَاءَ قَوْلُهُ تَعَالَى{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا اَنْفُسَكُمْ وَاَهْلِيكُمْ نَاراً(نَعَمْ اَخِي: لَايَكْفِيكَ اَبَداً اَنْ تَمْشِيَ عَلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ تَارِكاً اَوْلَادَكَ مِنْ دُونِ نَصِيحَةٍ وَمِنْ دُونِ اِرْشَادٍ وَلَاتَهْتَمُّ بِشَاْنِهِمْ: وَلَا هَمَّ لَكَ اِلَّا اَنْ تُقَدِّمَ لَهُمُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَاللِّبَاسَ وَالرَّفَاهِيَةَ: فَهَذِهِ لَيْسَتْ عَاطِفَةً تُنْجِيكَ وَتُنْجِي وَلَدَكَ وَلِذَلِكَ{يَااَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا قُوا اَنْفُسَكُمْ وَاَهْلِيكُمْ نَاراً(نَعَمْ اَخِي: اَنْتَ هُنَا مَاْمُورٌ بِشَيْئَيْنِ: اَنْ تَحْمِيَ نَفْسَكَ مِنْ نَارِ جَهَنَّمَ: وَاَنْ تَحْمِيَ اَهْلَكَ وَاَوْلَادَكَ وَكُلَّ مَنْ هُمْ تَحْتَ رِعَايَتِكَ، اَمَّا اَنْ تَنْصَحَهُمْ وَلَايَسْتَجِيبُونَ: فَاَنْتَ اَخِي هُنَا عَلَيْكَ اَنْ تَسْتَمِرَّ فِي نَصِيحَتِهِمْ وَلَوْ دُونَ جَدْوَى: وَاَنْ تُرْشِدَهُمْ بِاسْتِمْرَارٍ: فَاِنْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ بِاسْتِمْرَارٍ: فَلَسْتَ اَفْضَلَ مِنْ نُوحٍ عَلَيْهِ السَّلًامُ الَّذِي ظَلَّ يَنْصَحُ وَلَدَهُ طَوَالَ حَيَاتِهِ اَلْفَ سَنَةٍ اِلَّا خَمْسِينَ عَاماً دُونَ جَدْوَى: وَمَعَ ذَلِكَ لَمْ يَتَخَلَّ عَنْ نُصْحِ وَلَدِهِ حَتَّى بَعْدَ مَوْتِهِ غَرَقاً: بَلْ نَصَحَ خَالِقَهُ مِنْ اَجْلِ وَلَدِهِ رَاجِياً بِنَصِيحَةٍ غَيْرِ مُوَفَّقَةٍ وَدُونَ جَدْوَى اَيْضاً كَمَا تَعَوَّدَ ذَلِكَ فِي حَيَاتِهِ مَعَ وَلَدِهِ: وَلَكِنَّهُ لَمْ يَيْاَسْ مِنَ النَّصِيحَةِ لِوَلَدِهِ وَلخَالِقِهِمَا وَلَوْ كَانَتْ هَذِهِ النَّصِيحَةُ غَيْرَ مُوَفَّقَةِ وَدُونَ جَدْوَى: فَقَالَ{رَبِّ اِنَّ ابْنِي مِنْ اَهْلِي(فَاِيَّاكَ اَخِي اَنْ تَقُولَ مَلَلْتُ مِنْ نَصِيحَةِ اَوْلَادِي: بَلْ عَلَيْكَ دَائِماً اَلَّا تَمَلَّ مِنْ نُصْحِهِمْ: كَمَا اَنَّكَ تُقَدِّمُ لَهُمُ الطَّعَامَ وَالشَّرَابَ وَالْكِسَاءَ وَمَايَحْتَاجُونَهُ دُونَ كَلَلٍ وَلَا مَلَلٍ: بَلْ بِرَحَابَةِ صَدْرٍ: بَلْ اَنْتَ عَلَى اسْتِعْدَادٍ اَنْ تُخْرِجَ الطَّعَامَ مِنْ فَمِكَ وَاَنْتَ تَمْضَغُهُ قَبْلَ اَنْ تَبْتَلِعَهُ؟ لِتُطْعِمَهُ لِاَوْلَادِكَ دُونَ كَلَلٍ وَلَا مَلَلٍ كَمَا يَفْعَلُ الطَّيْرُ مَعَ فِرَاخِهِ الصِّغَارِ: فَكَذَلِكَ عَلَيْكَ اَلَّا تَمَلَّ مِنْ نُصْحِهِمْ: وَلِذَلِكَ يَقُولُ اللهُ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى{وَاْمُرْ اَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ(هَلْ قَالَ سُبْحَانَهُ هُنَا وَاصْبِرْ عَلَيْهَا؟ اَمْ{وَاصْطَبِرْ( نَعَمْ اَخِي: وَهَذِهِ الطَّاءُ فِي كَلِمَةِ اصْطَبِرْ: تُفِيدُ التَّفْخِيمَ: وَتُفِيدُ تَعْظِيمَ الصَّبْرِ الْمَطْلُوبِ فِي هَذِهِ الْآَيَةِ: اَنْ يَكُونَ بِاسْتِمْرَار: وَالْمَعْنَى: لَاتَقُلْ نَفَدَ صَبْرِي وَلَا اُرِيدُ اَنْ اَنْصَحَ اَوْلَادِي وَخَاصَّةً فِي قَضِيَّةِ الصَّلَاةِ: بَلْ{ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا(نَعَمْ اَخِي: وَالْمَعْنَى فِي كَلِمَةِ اصْطَبِرْ: اَيْ دَاوِمْ بِاسْتِمْرَارِ وَعَلَى الدَّوَامِ وَدَائِماً كُنْ صَبُوراً حَتَّى يَسْتَجِيبَ لَكَ اَوْلَادُكَ اَوْ لَايَسْتَجِيبُونَ: وَاَمْرُهُمْ يَكُونُ اِلَى اللهِ سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى، نَعَمْ اَخِي: وَحَتَّى وَلَوْ لَمْ يَسْتَجِيبُوا لَكَ: فَلَا تَخْلُو نَصِيحَتُكَ لَهُمْ مِنَ الْفَائِدَةِ وَالْبَرَكَةِ: فَاِنْ لَمْ تَجْعَلْهُمْ يُقْلِعُونَ نِهَائِيّاً عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ: فَاِنَّهَا رُبَّمَا تُخَفِّفُ عَنْهُمْ مِنْ خَطَرِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ: وَتَجْعَلُهُمْ يَضْرِبُونَ اَخْمَاساً بِاَسْدَاسٍ خَوْفاً مِنَ اللهِ قَبْلَ اَنْ يَتَوَرَّطُوا فِي الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ: فَاِنْ اَبَوْا اِلَّا اَنْ يَتَوَرَّطُوا: فَعَلَيْكَ اَخِي اَنْ تَنْصَحَهُمْ اَيْضاً بِقَوْلِكَ لَهُمْ: يَااَبْنَائِي: اِنَّ الَّذِينَ يَفْعَلُونَ الْفَاحِشَةَ عِنْدَ اللهِ نَوْعَانِ: نَوْعٌ{اِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً اَوْ ظَلَمُوا اَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللهَ: فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ: وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَافَعَلُوا: وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ اِلَّا الله( وَالنَّوْعُ الْآَخَرُ هُوَ{الَّذِينَ اِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً اَوْ ظَلَمُوا اَنْفُسَهُمْ{نَسُوا اللهَ(أَيْ نَسُوا عِبَادَةَ اللهِ مِنَ الصَّلَاةِ مَثَلاً بِاِقَامَةٍ وَخُشُوعٍ وَمِنْ غَيْرِهَا مِنْ بَقِيَّةِ اَرْكَانِ الْاِسْلَامِ وَالْاِيمَانِ{ فَاَنْسَاهُمْ اَنْفُسَهُمْ: اُولَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون( وَالْفَاسِقُونَ اَيْضاً نَوْعَانِ: نَوْعٌ مَازَالُوا مُسْلِمِينَ: وَنَوْعٌ آَخَرُ خَرَجُوا عَنْ دِينِ الْاِسْلَامِ: وَاَنَا لَا اَخْشَى عَلَيْكُمْ يَااَبْنَائِي اَنْ يَخْتِمَ اللهُ لَكُمْ بِخَاتِمَةِ السُّوءِ عَلَى دِينِ الْاِسْلَامِ بِقَدْرِ مَا اَخْشَى اَنْ يَخْتِمَهَا لَكُمْ عَلَى غَيْرِ دِينِ الْاِسْلَامِ اِذَا بَقِيتُمْ عَلَى هَذِهِ الْحَالِ الْمُخْزِيَةِ مِنِ انْتِهَاكِكُمْ لِمَحَارِمِ اللهِ عَلَناً اَمَامَ النَّاسِ اَوْ سِرّاً اِذَا خَلَوْتُمْ بِهَا بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ اَنْفُسِكُمْ بَعِيدِينَ عَنْ اَعْيُنِ النَّاسِ وَلَا رَقِيبَ وَلَاحَسِيبَ عَلَيْكُمْ اِلَّا الله: فَاِلَى مَتَى سَتَبْقَوْنَ مُسْتَهِينِينَ وَمُسْتَخِفِّينَ وَغَيْرَ مُبَالِينَ بِنَظَرِ اللهِ اِلَيْكُمْ دُونَ خَجَلٍ وَلَاحَيَاءٍ مِنْهُ تَعَالَى وَاَنْتُمْ تَفْعَلُونَ هَذِهِ الْفَوَاحِشَ عَلَناً اَوْ سِرّاً: وَهَذَا هُوَ الَّذِي سَيَجْلِبُ لَكُمْ خَاتِمَةَ السُّوءِ: وَهُوَ اسْتِخْفَافُكُمْ بِنَظَرِ اللهِ اِلَيْكُمْ دُونَ خَجَلٍ وَلَاحَيَاءٍ مِنْ عَظَمَتِهِ وَجَلَالِهِ وَقَدْرِهِ سُبْحَانَهُ: وَمَتَى اَيُّهَا الْمُرَائِي تَحْسُبُ حِسَاباً لِلهِ الَّذِي يَرَى اَعْمَالَكَ غَيْرَ خَالِصَةٍ لِوَجْهِهِ الْكَرِيمِ وَلَوْ كَانَتْ حَسَنَةً فِي اَعْيُنِ النَّاسِ فِيمَا يَظْهَرُ لِلنَّاسِ مِنْ ظَاهِرِهَا وَلَايَطَّلِعُ عَلَى بَاطِنِهَا وَنَوَايَاهَا اِلَّا اللهُ: وَهَذَا هُوَ الَّذِي سَيَجْلِبُ لَكَ خَاتِمَةَ السُّوءِ اَيْضاً وَلَوْ بَقِيتَ تَعْمَلُ بِاَعْمَالِ اَهْلِ الْجَنَّةِ: بَلْ وَلَوْ لَمْ يَبْقَ بَيْنَكَ وَبَيْنَ دُخُولِ الْجَنَّةِ اِلَّا شِبْرٌ اَوْ ذِرَاع، نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَةُ الْآَبَاء: عَلَيْكُمْ اَنْ تَكُونُوا عَلَى حَذَرٍ شَدِيدٍ جِدّاً مِنَ الشَّيْطَانِ الَّذِي يَدْخُلُ اِلَى قُلُوبِكُمْ وَيُثَبِّطُ الْهِمَمَ مِنْ جِهَةِ الْاَوْلَادِ فِي تَرْبِيَتِهِمْ اِسْلَامِيّاً وَنَصِيحَتِهِمْ: نَعَمْ يَابُنَيَّ: اَلَمْ تَسْمَعْ اِلَى مَا وَرَدَ فِي الْبُخَارِيِّ رَحِمَهُ اللهُ تَعَالَى عَنْ اَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قَال: يَقْعُدُ الشَّيْطَانُ لِابْنِ آَدَمَ فِي طَرِيقِ الْاِيمَانِ وَيَقُولُ لَهُ: اَتَتْرُكُ دِينَكَ وَدِينَ آَبَائِكَ: فَخَالَفَهُ فَآَمَنَ، ثُمَّ يَقْعُدُ لِابْنِ آَدَمَ عَلَى طَرِيقِ الْهِجْرَةِ فَيَقُولُ لَهُ: اَتُهَاجِرُ وَتَتْرُكُ مَالَكَ وَاَهْلَكَ: فَخَالَفَهُ وَهَاجَرَ، ثُمَ يَقْعُدُ لَهُ عَلَى طَرِيقِ الْجِهَادِ فَيَقُولُ لَهُ: اَتُجَاهِدُ وَتُقْتَلُ فَيُقْسَمُ مَالُكَ وَيُنْكَحُ اَزْوَاجُكَ: فَخَالَفَهُ فَجَاهَدَ فَقُتِلَ: فَحَقٌّ عَلَى اللهِ اَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّة، اَللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى رَسُولِ الله، نَعَمْ اَخِي: وَهَذَا الْحَدِيثُ يَتَّفِقُ مَعَ قَوْلِهِ تَعَالَى عَلَى لِسَانِ مَخْلُوقِهِ الشَّيْطَانِ{قَالَ فَبِمَا اَغْوَيْتَنِي لَاَقْعُدَنَّ لَهُمْ صِرَاطَكَ الْمُسْتَقِيمَ: ثُمَّ لَآَتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ اَيْدِيهِمْ: وَمِنْ خَلْفِهِمْ: وَعَنْ اَيْمَانِهِمْ: وَعَنْ شَمَائِلِهِمْ: وَلَاتَجِدُ اَكْثَرَهُمْ شَاكِرِين(نَعَمْ اَيُّهَا الْاِخْوَة: اَلشَّيْطَانُ يَتَرَصَّدُ ابْنَ آَدَمَ: وَيَتَرَصَّدُ اَوْلَادَهُ مِنَ الْجِنِّ الْمُؤْمِنِينَ اَيْضاً، نَعَمْ اَخِي: فَاَيُّ غَفْلَةٍ مِنْكَ: فَاِنَّكَ تَجْعَلُ بِهَا سَبِيلاً لِلشَّيْطَانِ لِيَدْخُلَ اِلَيْكَ بِوَسْوَسَتِهِ، نَعَمْ اَخِي: فَاَوَّلُ مَايَقْعُدُ الشَّيْطَانُ فِي طَرِيقِ اِيمَانِكَ، نَعَمْ اَخِي: وَلِمَاذَا قَالَ فِي طَرِيقِ الْاِيمَانِ؟ وَلَمْ يَقُلْ عَلَى طَرِيقِ الْاِيمَانِ كَمَا قَالَهَا عَلَى طَرِيقِ الْهِجْرَةِ وَالْجِهَادِ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: بِمَعْنَى اَنَّ الشَّيْطَانَ يُرِيدُ اَنْ يَتَمَكَّنَ مِنْكَ؟ لِيُزَعْزِعَ اِيمَانَكَ، نَعَمْ اَخِي: وَكَلِمَةُ فِي: تُفِيدُ الظَّرْفِيَّةَ فِي اللُّغَةِ الْعَرَبِيَّةِ: نَقُولُ مَثَلاً: اَلْمَاءُ فِي الْكُوبِ: بِمَعْنَى اَنَّ الْكُوبَ ظَرْفٌ لِلْمَاءِ: وَلِذَلِكَ الشَّيْطَانُ يَقْعُدُ فِي طَرِيقِ ابْنِ آَدَمَ مِنْ نَاحِيَةِ الْاِيمَانِ: بِمَعْنَى اَنَّهُ يُرِيدُ اَنْ يَتَمَكَّنَ مِنَ الْقُعُودِ؟ مِنْ اَجْلِ اِضْلَالِهِ: فَيَقُولُ لَهُ: اَلَيْسَ مِنَ الْمُعِيبِ عَلَيْكَ اَنْ تَتْرُكَ دِينَ آَبَائِكَ وَاَجْدَادِكَ وَتُؤْمِنَ بِهَذَا النَّبِيِّ اَوْ بِغَيْرِهِ مِنَ الرُّسُل ِ،نَعَمْ اَخِي: فَخَالَفَهُ هَذَا الْمُؤْمِنُ وَلَمْ يَلْتَفِتْ اِلَى وَسْوَسَتِهِ وَآَمَنَ، نَعَمْ اَخِي: لَكِنْ هَلْ بِمُجَرَّدِ اَنْ تُخَالِفَهُ وَتُؤْمِنَ يَتْرُكُكَ؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: اِيَّاكَ اَنْ تَرْكَنَ اِلَى الشَّيْطَانِ وَتَطْمَئِنَّ اِلَيْهِ فِي جَمِيعِ اَحْوَالِكَ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الشَّيْطَانَ عِنْدَهُ شَبَكَةٌ عَنْكَبُوتِيَّةٌ مِنَ الصَّيْدِ كَبِيرَةٌ جِدّاً: يُحَاوِلُ دَائِماً مِنْ خِلَالِهَا اَنْ يَصْطَادَكَ اَوْ يَصْطَادَ اِيمَانَكَ اَوْ هِجْرَتَكَ اَوْ جِهَادَك: فَاِذَا نَجَوْتَ مِنْ حَبْلٍ ضَعِيفٍ مِنْ حَبَائِلِهِ: فَاِنَّهُ يَرْمِي اِلَيْكَ حَبْلاً آَخَرَ رُبَّمَا يَكُونُ اَضْعَفَ مِنْ سَابِقِهِ: وَلَكِنَّهُ غَالِباً يُفْلِحُ فِي الصَّيْدِ بِهِ عِنْدَ اَصْحَابِ الْقُلُوبِ الْمَرِيضَةِ وَالنُّفُوسِ الضَّعِيفَةِ بِاِيمَانِهَا؟ لِاَنَّهُ يُحَاوِلُ اَنْ يَصْطَادَ بِهِ قَاعِداً عَلَى نِقَاطِ ضَعْفِكَ، وَلِذَلِكَ قَالَ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام: ثُمَّ قَعَدَ لَهُ عَلَى طَرِيقِ الْهِجْرَةِ وَقَالَ لَهُ: اَيْنَ ذَهَبَ عَقْلُكَ اَيُّهَا الْاَحْمَقُ الْغَبِيُّ الْمَعْتُوهُ؟ هَلْ تُرِيدُ اَنْ تَتْرُكَ بَلَدَكَ فِي مَكَّةَ لِتُهَاجِرَ اِلَى الْمَدِينَةِ تَارِكاً اَهْلَكَ وَمَالَكَ لِلشَّقَاءِ وَالضَّيَاعِ وَالْفَقْرِ وَالْعَوَزِ؟ هَلْ تَاْمَنُ عَلَى عِرْضِكَ وَشَرَفِكَ اَنْ يُهَانَ اَمَامَ اَوْلَادِكَ فِي غِيَابِكَ وَلَوْ تَرَكْتَ لَهُمْ مِنَ الْاَمْوَالِ الْكَثِيرَةِ مَا يَكْفِيهِمْ؟ نَعَمْ اَخِي: فَخَالَفَهُ فَهَاجَر، نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ قَعَدَ الشَّيْطَانُ عَلَى طَرِيقِ ابْن ِآَدَمَ بِالنِّسْبَةِ لِلْجِهَادِ: فَقَالَ لَهُ: هَلْ اَنْتَ مَجْنُونٌ لِتُجَاهِدَ وَتُخَاطِرَ بِنَفْسِكَ وَبِاَهْلِكَ وَاَوْلَادِكَ وَاَمْوَالِكَ: فَرُبَّمَا تُقْتَلُ: فَاِذَا قُتِلْتَ: فَاِنَّ زَوْجَاتِكَ تُنْكَحُ مِنْ بَعْدِكَ وَتُزَوَّجُ: وَمَالُكَ يُقْسَمُ! نَعَمْ اَخِي: فَخَالَفَهُ فَجَاهَدَ، فَكَانَ حَقّاً عَلَى اللهِ تَعَالَى اَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّة، نَعَمْ اَخِي: وَالْخُلَاصَةُ مِنْ هَذَا الْحَدِيثِ: اَنَّ الشَّيْطَانَ يَاْتِيكَ عَلَى دَرَجَاتٍ: خُطْوَة: خُطْوَة: خطوة: خطوة: خطوة: خطوة؟ حَتَّى يُرْسِلَ صَاحِبَهُ اِلَى النَّار، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ اَحْيَاناً تَرَى اِنْسَاناً مَا يَعْصِي اللهَ عَزَّ وَجَلَّ: فَاِذَا زَجَرْتَهُ قَالَ لَكَ وَهُوَ يَتَاَلَّمُ مِنْ هَذِهِ الْمَعْصِيَةِ: اَنْ تَدْعُوَ اللهَ لَهُ لِيَهْدِيَهُ، نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ تَاْتِي فَتْرَةٌ عَلَى هَذَا الْاِنْسَانِ: فَاِذَا زَجَرْتَهُ يَقُولُ لَكَ: وَمَاذَا يَعِيبُنِي وَلَوْ عَصَيْتُ اللهَ: فَاِنَّ اللهَ غَفُورٌ رَحِيم، نَعَمْ اَخِي: ثُمَّ تَاْتِي فَتْرَةٌ اُخْرَى يَقُولُ فِيهَا هَذَا الْاِنْسَانُ لِمَنْ يَزْجُرُهُ اَوْ يَرْدَعُهُ: مَنْ قَالَ لَكَ اَنَّ هَذِهِ الْمَعْصِيَةَ حَرَام!! اِنَّهَا الْحَلَالُ بِحَدِّ ذَاتِهِ!!! نَعَمْ اَخِي: فَيُحِلُّ مَا حَرَّمَهُ اللهُ وَالْعَيَاذُ بِالله، نَعَمْ اَخِي: فَاِذَا اَحَلَّ مَاحَرَّمَهُ اللهُ: فَاِنَّهُ يُكَذِّبُ اللهَ الَّذِي حَرَّمَهُ: فَاِذَا كَذَّبَ اللهَ الَّذِي حَرَّمَهُ: وَقَعَ فِي الْكُفْرِ، نَعَمْ اَخِي: وَعِنْدَ ذَلِكَ يَكُونُ الصَّيْدُ بِالنِّسْبَةِ لِلشَّيْطَانِ صَيْداً ثَمِيناً، وَلِذَلِكَ عَلَيْكَ اَخِي الْمُؤْمِنُ اِذاً: اَنْ تَكُونَ دَائِماً عَلَى حَذَرٍ مِنْ فَخِّ الشَّيْطَانِ الْاَكْبَرِ الَّذِي يُرِيدُ اَنْ يُوقِعَكَ فِيهِ: وَهُوَ خُرُوجُكَ عَنْ دِينِ الْاِسْلَام، نَعَمْ اَخِي: وَالْمَعْنَى مِنْ قُعُودِ الشَّيْطَانِ فِي هَذَا الْحَدِيثِ: هُوَ وَسْوَسَتُهُ لِلْاِنْسَانِ وَتَرَصُّدُهُ لَهُ: بَلْ حَتَّى وَلَوْ دَخَلَ اِلَى الْمَسْجِدِ لَايَتْرُكُهُ، نَعَمْ اَخِي: فَاِذَا قَالَ لَكَ صَاحِبُكَ: سَوِّ الصَّفَّ: فَاِنَّ الشَّيْطَانَ يَتَدَخَّلُ فَوْراً بَيْنَكَ وَبَيْنَهُ لِتَجِدَ فِي نَفْسِكَ عَلَيْهِ زَعْلَاناً مِنْهُ وَحَاقِداً عَلَيْهِ قَائِلاً لَكَ: وَمَنْ هَذَا حَتَّى يُعَلِّمَكَ تَسْوِيَةَ الصُّفُوف: هَلْ وَصَلَتْ بِكَ الْمَوَاصِيلُ الْمُخْزِيَةُ اِلَى مَنْ هُوَ اَصْغَرُ مِنْكَ لِتَتَعَلَّمَ مِنْهُ، نَعَمْ اَخِي: وَكَذَا مِنْ هَذَا الْكَلَامِ الشَّيْطَانِيِّ الَّذِي يُلْقِيهِ الشَّيْطَانُ فِي خَاطِرِ هَذَا الْمَغْرُورِ لِيَزِيدَهُ غُرُوراً وَتَعَجْرُفاً وَتَكَبُّراً اَمَامَ اللهِ الْمُتَكَبِّرِ لِيَتَكَبَّرَ عَلَى اَخِيهِ الَّذِي يَقِفُ بِجَانِبِهِ فِي الصَّلَاةِ وَعَلَى رَبِّهِ اَيْضاً؟ لِيُنَازِعَهُ اَوْ يُنَافِسَهُ فِي كِبْرِيَائِهِ سُبْحَانَهُ وَعَظَمَتِهِ؟ تَغَطْرُساً وَاِعْجَاباً بِنَفْسِهِ، نَعَمْ اَخِي: اَلْمِسْكِينُ جَاءَ اِلَى الْمَسْجِدِ: وَتَعِبَ مِنْ عَمَلِهِ: وَتَعِبَ فِي مَجِيئِهِ اَيْضاً: وَلَكِنَّهُ تَحَمَّلَ تَعَبَهُ: وَتَوَضَّاَ: وَتَحَمَّلَ الْبَرْدَ اَوِ الْحَرَّ وَمَا اِلَى هُنَالِكَ: وَلَكِنْ مَعَ الْاَسَفِ: فَاِنَّ هَفْوَةً شَيْطَانِيَّةً نَفَخَتْ فِي رَاْسِهِ: اَضَاعَتْ لَهُ ثَوَابَهُ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ اللهَ تَعَالَى قَبِلَ النَّصِيحَةِ: بِدَلِيلِ النَّصِيحَةِ الَّتِي لَاتَكُونُ اِلَّا لِلهِ وَلِرَسُولِهِ وَلِاَئِمَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَعَامَّتِهِمْ: فَمَنْ اَنْتَ اَخِي حَتَّى لَاتَقْبَلَ النَّصِيحَةَ فِي تَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ اَوْ غَيْرِ ذَلِكَ: هَلْ اَنْتَ فَوْقَ الله! هَلْ اَنْتَ اَعْلَى مَرْتَبَةً اَوْ دَرَجَةً مِنَ اللهِ الَّذِي يَلِيقُ بِجَلَالِهِ وَعَظَمَتِهِ اَنْ يَقْبَلَ النَّصِيحَةَ وَاَمَّا اَنْتَ فَلَا!! اَمَا عَلِمْتَ اَخِي اَنَّكَ فِي مِيزَانِ اللهِ اَحْقَرُ مِنَ الْبَعُوضَةِ وَالصَّرْصَارِ لَوْلَا اَنَّكَ تَقْبَلُ النَّصِيحَة، اَمَا عَلِمْتَ اَنَّ الْمُتَكَبِّرِينَ يُحْشَرُونَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَكُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمْ يَكُونُ بِحَجْمِ الذَّرَّةِ الصَّغِيرَةِ يُوطَؤُونَ بِاَقْدَامِ النَّاسِ كَمَا وَرَدَ ذَلِكَ فِي حَدِيثٍ صَحِيحٍ عَنْ رَسُولِ الله، نَعَمْ وَكَذَلِكَ اَنْتَ اَخِي الَّذِي تَنْصَحُهُ بِتَسْوِيَةِ الصُّفُوفِ: يَنْبَغِي عَلَيْكَ اَيْضاً اَنْ يَكُونَ اُسْلُوبُكَ فِي النَّصِيحَةِ مُتَاَدِّباً مَعَ قَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَام:[لِينُوا بِاَيْدِي اِخْوَانِكُمْ( بِمَعْنَى: اَنْ تُمْسِكَ اَخَاكَ بِلُطْفٍ: وَتَجْذُبَهُ بِلُطْفٍ اَيْضاً: وَتُكَلِّمَهُ بِكَلَامٍ لَيِّنٍ لَطِيفٍ لِيُسَوِّيَ الصَّفَّ لِمَاذَا؟ لِاَنَّ الشَّيْطَانَ فَوْراً يَحْضُرُ، وَدَائِماً اَيُّهَا الْاِخْوَةُ: طَبِيبُ الْاَرْوَاحِ الَّذِي يَنْصَحُ مَرْضَاهُ مِنْ اَجْلِ صِحَّةِ اَرْوَاحِهِمْ وَنُفُوسِهِمْ وَقُلُوبِهِمْ: يَحْضُرُهُ الشَّيْطَانُ لِيُقَبِّحَهُ فِي اَعْيُنِ النَّاسِ وَقُلُوبِهِمْ: اَكْثَرَ مِنْ حُضُورِهِ اِلَى طَبِيبِ الْاَجْسَادِ الَّذِي يَنْصَحُ مَرْضَاهُ مِنْ اَجْلِ صِحَّةِ اَجْسَادِهِمْ، نَعَمْ اَخِي: لَوْ ذَهَبْتَ اِلَى الطَّبِيبِ وَفَحَصَكَ: فَاِنَّهُ رُبَّمَا يَقُولُ لَكَ امْتَنِعْ عَنِ التَّدْخِينِ: فَاِذَا قَدِمْتَ لِزِيَارَتِهِ مَرَّةً اُخْرَى: فَاِنَّهُ يَسْاَلُكَ: هَلْ مَازِلْتَ تُدَخِّنُ؟ فَاِذَا قُلْتَ لَهُ نَعَمْ: فَاِنَّهُ يَقُولُ لَكَ فَوْراً: اِذَا اَرَدْتَّ الِاسْتِمْرَارَ فِي التَّدْخِينِ: فَلَا تَاْتِ لِزِيَارَتِي مَرَّةً اُخْرَى، وَمَعَ ذَلِكَ فَاِنَّكَ اَخِي: تَرْجُو طَبِيبَ الْاَجْسَادِ بِقَوْلِكَ: دَخِيلَكْ يَادُكْتُورْ: دَخِيلَكْ كَذَا: وَاَرْجُوكَ وَاَتَوَسَّلُ اِلَيْكَ اَنْ تُتَابِعَ حَالَتِي وَعِلَاجِي مَهْمَا حَصَلَ مِنِّي مِنَ الْهَفَوَات، نَعَمْ اَخِي: وَاَمَّا حِينَمَا يَقُولُ لَكَ عَالِمُ الدِّينِ وَهُوَ طَبِيبُ الْاَرْوَاحِ: هَذَا الشَّيْءُ حَرَامٌ سَوَاءٌ كَانَ تَدْخِيناً اَوْ غَيْرَ تَدْخِينٍ: فَاِنَّكَ اَخِي هُنَا تَزْعَلُ اِلَّا مَنْ رَحِمَ رَبِّي: وَرُبَّمَا تَغْضَبُ عَلَى عَالِمِ الدِّينِ: بَلْ رُبَّمَا يَكِيلُ لَهُ الْبَعْضُ مِنَ السِّبَابِ وَالشَّتَائِمِ وَالْعَيَاذُ بِاللهِ مُتَجَاهِلِينَ لِقَوْلِهِ تَعَالَى فِي الْحَدِيثِ الْقُدْسِيِّ[مَنْ عَادَى لِي وَلِيّاً(أَيْ عَالِماً[فَقَدْ آذَنْتُهُ بِالْحَرْبِ( أَيْ اَعْلَنْتُ عَلَيْهِ الْحَرْبَ، طَيِّبْ اَخِي: لِمَاذَا حِينَمَا الْعَالِمُ اَرْشَدَكَ اِلَى الْحَقِّ؟ لِيُنَجِّيَكَ لَا مِنْ مَرَضِ الدُّنْيَا فَحَسْبُ: بَلْ كَذَلِكَ مِنْ عَذَابِ اللهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ فِي الْآَخِرَةِ: فَلِمَاذَا هُنَا زَعِلْتَ: وَهُنَاكَ لَمْ تَزْعَلْ: مَاهُوَ السَّبَب؟ وَاَقُولُ لَكَ اَخِي: اِنَّهُ الشَّيْطَانُ الْحَاضِرُ بِقُوَّةٍ مَعَ طَبِيبِ الْاَرْوَاحِ: وَبِاَشَدَّ مِنْ قُوَّتِهِ وَحُضُورِهِ مَعَ طَبِيبِ الْاَجْسَادِ: وَلِذَلِكَ نَرَى كَثِيراً مِنْ هَذِهِ النُّفُوسِ اللَّئِيمَةِ الْحَقِيرَةِ وَالْعَيَاذُ بِاللِه وَالَّتِي لَاتَقْبَلُ النَّصِيحَةَ، نَعَمْ اَخِي: وَلِذَلِكَ يَقُولُون: اَلنَّصِيحَةُ مُرَّةٌ: فَاجْعَلْهَا اَخِي فِي بِرْشَامَةٍ: كَالدَّوَاءِ الْمُرِّ الَّذِي يَجْعَلُونَهُ فِي بِرْشَامَةٍ عِنْدَ تَصْنِيعِهِ فِي مَعَامِلِ الدَّوَاءِ؟ مِنْ اَجْلِ اَلَّا يَشْعُرَ بِمَرَارَتِهِ الْمَرِيضُ حِينَمَا يَبْتَلِعُهُ: وَكَذَلِكَ النَّصِيحَةُ؟ مِنْ اَجْلِ اَلَّا يَشْعُرَ بِمَرَارَةِ كَلِمَتِهَا الْحَقِّ الْمَرِيضُ فِي اِيمَانِهِ الضَّعِيفِ الَّذِي لَايَخْلُو مِنَ الْخَلَل، نَعَمْ اَخِي: اِنَّهُ الشَّيْطَانُ الَّذِي يَتَرَصَّدُ ابْنَ آَدَمَ: فَيَقْعُدُ لَهُ: بِمَعْنَى اَنَّهُ لَايُغَادِرُهُ، نَعَمْ اَخِي: حَتَّى فِي اللَّيْلِ حِينَمَا تُرِيدُ اَنْ تَنَامَ لَايَتْرُكُكَ الشَّيْطَانُ اَيْضاً اَبَداً: فَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ مَايَلِي:
Bookmarks