بكى رجل لما رأى ابنه يجر ثياب الخيبة والخسارة فى اختبار الدنيا ، وعبر بوجهه عن أن ما رآه من فرح بنجاح ولده وفلاحه ، ورأى أن ابنه قد ساق إليه الخزى والندامه بتأخره فى اختبار الدنيا . وهو الذى اتفق عليه فى مأكله ومشربه ومسكنه ومركبه وحياله ما تيسر من ملذات الدنيا ومنع السوء أن يلحق جسمه أو رفعه بعد وقوعه . تألم قلبه من ذلك وهو يرى أبنه هذا وذاك قد رفعوا رايات الفلاح ، وعلامات الفوز فى اختبار الدنيا . فكل يحب أن يرى ولده متقدماً على غيره فيما يحمله ويزينه ويكره أن يرى ولده متخلفاً عن غيره فيما يحمله ويزينه ومن ذلك اختبار الدنيا فعاطفة الأبوة نحو الأبناء جياشة . ولا أمل على ذلك من حال الأبوين مع أولادهما إذا قربت الاختبارات . حرص وخوف حث وترغيب . توعد وترهيب . تواصل وتقارب رقابة ومتابعة . لم تكن هذه الحال موجودة أثناء التحصيل بل إنك لتشفق على بعض الآباء عندما ترى حرصه وجزعه وخوفه ، إذا قربت الاختبارات . خشية من فشل أبنه فيها وتأخره فيها عن أقرانه ، حتى أنه ليتمنى أن يدفع من ماله ما يدفع يحبو الفشل والتأخر بولده ، لأنه قد أمل فى ولده أن يكون غداُ فى مكان يرفع به رأسه ويعنى به شأنه ، ولإيلام على هذا عباد الله ، فإن الله – عز وجل – قال فى كتاب الكريم [ المال والبنون زينة الحياة الدنيا والباقيات الصالحات خير عند ربك ثواباً وخير أملاً . [ الكهف : 46 ] .
وقال سبحانه وتعالى : [ إنما أموالكم وأولادكم والله عنده أجر عظيم ] [التغابن : 15 ]
وقد ثبت فى صحيح البخارى – رحمه الله – عن عبد الله بن عمر – رضى الله عنهما أنه قال : قال رسول الله صلى الله عليه ' إن من الشجرة لا يسقط ورقها وإنها مثل المسلم فحدثوني ما هي؟ قوقع الناس في الشجر البوادي، قال ابن عمر فوقع في نفسي أنها النخلة فاسحيت، وإنما استحيا لأنه كان أصفر القوم فقالوا حدثنا ما هي يا رسول الله فقال النخلة، قال ابن عمر فحدثت أبي بما وقع في نفسي، قال: لأن تكون قلتها حب إلي من أن يكون لي كذا وكذا، وفي رواية أحب إلي من حمر النعم قال هذا عمر ـ رضي الله عنه ـ لما طبع الإنسان عليه من محبة الخير والرفعة والتقدم لولده، ولتظهر فضيلة الولد ومريته علي غيره ولا أجعل ولا أفضل من أن يجب الإنسان لولده أن يتقدم في أمور الدنيا وأمور الآخرة فيجمع بين الحسنيين يجمع بين حسنة الدنيا والآخرة وقد قال سبحانه وتعالي في ذكر دعاء عباده الصالحين {ومنهم من يقول ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار، أولئك لهم نصيب مما كسبوا واله سريع الحساب} [البقرة] قال أحدهم ما أحسن الدين والدينا إذا اجتمعا وأقبح الكفر والإفلاس بالرجل ولقد جمع السلف الصالح ـ رحمهم الله ـ لا ولادهم بين الرفع والتقدم في أمور الدنيا، مرتبة في العالم علي حصول لغة الرفعة والتقدم في أمور الدين فحصل الأولاد في زمانهم الخيرين والفضيلتين، وتفع الله بهم العباد والبلاد وأما في هذا الزمان زمن التقدم في الحضارة المادية، والتأخر في أمور الأخلاق وما يتعلق بأمور الآخرة فإننا نرى كثيرا من الناس قد قصروا اهتمامهم في أولادهم على الأمور المادية البحتة . على مال يجمعونه أو منصب يتولونه . وغرسوا فى عقول أولادهم أن الشأن كل الشأن فى هذه الحياة ، هو تحصيل الدنيا بجميع أنواعها وأحوالها وأوصافها . ومن ذلك أنهم غرسوا فى عقول أولادهم أن هذه الدراسة وسيلة إلى غاية مادية . إلا وهى شهادة دراسية يتبوأ به منصباً من مناصب الدولة . ولذا نجد أن أهل الثراء منهم يلحقون أولادهم بالمدارس التى يجدون فيها نوع ترفيه ويبذلون أموالاً طائلة فى سبيل ذلك . وما علموا أو علموا وتجاهلوا أن فى هذا ضرر على أولادهم وضرراً عليهم وعلى مجتمعهم ، فهل هذه الحياة فى نظرهم ، لا تقوم إلا على امور مادية ، ولا تقوم على أمور الدين عن طاعة الله عز وجل ، وطاعة رسوله عليه الصلاة والسلام ومن تربية على الأخلاق الفاضلة والمبادىء الحسنة ، والآداب الكريمة ، والمعاملة الحسنة ، أفلا ينظر هؤلاء إلى مجتمعات الكفر والضلالة ، كيف تقدمت فى أمور الدنيا على مجتمعات الإسلام والحق والهدى . وتأخرت فى أمور الدين من أخلاق فاضلة وآداب كريمة وترابط بين أفراد الأسرة الواحدة وبين أفراد المجتمع بعضم مع بعض ، ليس الطمع عباد الله فى الولد من إدخاله مدارس التعليم ودون التحصبل ،أن يكون ذا مال أو منصب أو غير ذلك من متاع الدنيا بعد أن يتجاوز مراحل التعليم وعقله سقيم عليل بعلة الشبهة والعقيدة المنحرفة ، وقلبه مريض بمرض الشهوة واللذة الدنيوية ، قد حرمه وليه من التربية الصحيحة السليمة ، وعلى الأخلاق الفاضلة الكريمة فتنشأ على تربية بهيمية حيوانية ، تربية أجسام لا تربية عقول وقلوب . إن هذا النشىء الذى يعيش بين أزوقة دور التعليم والتحصيل – هو الذى غداً سيتولى مهاماً فى الدولة . وهذه المهام تتعلق بمصالح المسلمين . فيجب الاعتناء بأخلاقه وعقيدته لربه عز وجل أولاً وقبل كل شئ ولا يكن هم الولى والمربى والمعلم منه هو جسمه وتنمية مهاراته العقلية ، والنشئ فى هذا الزمان بالذات مهدد فى عقيدته وأخلاقه وعلاقته بربه ودينه . من أطراف خارجية حسنت له العيش فى هذه الحياة حياة الترف والمتعة الجسمية والمتعة العقلية والمالية التى لا تعود عليه إلا بالضرر والأذى . ولتعلم أن من أسباب ضياع القيم والذمم وحصول الهلاك الحسى والمعنوى هو الاهتداء بما يجلب الترف الجنسى والعقلى والمالى والاهتمام به دون ما يجلب الصلاح الجسدى والعقلى والمالى ، تأملوا معى عباد الله قول الله سبحانه وتعالى: ب وإذا أردنا أن تهلك قرية أمريا مترفيهيها فاسقوا فيها نحن عليها القول فدمرناها تدميراً ] [ الإسراء : 16 ] ، يأمرهم سبحانه وتعالى امراً قدرياً فيفسقون فيها وبتلك شفياتهم فيهلكهم الله – عز وجل – تاملوا معنى عباد اللخه هذا الحديث الذى أخرجه البخارى فى صحيحة عن عمران بن حصين رضى الله عنه أن النبى صلى الله عليه وسلم قال : ' خيركم قولى ثم الذين يلونهم ' قال عمران لا أدرى أذكر بعد قرنين أو ثلاثة ، قال النبى صلى الله عليه وسلم ' وإن بعكم قوماً يخونون ولا يؤتمنون ويشهدون ولا يستشهدون '

ترا الموضوع منقوووووووول