وما ذاكَ إلا غيرة أنْ يَنالَها ××× سوى كفئها ، والربُّ بالخلقِ أعلَمُ
وإن حُجِبَتْ عنا بكلِّ كريهة ٍ ××× وحُفَّتْ بما يُؤذي النفوسَ ويُؤلِمُ
فلله ما في حشوها من مَسرة ٍ ××× وأصنافِ لذاتٍ بها يُتَنَعَّمُ
ولله بردُ العيشِ بينَ خِيامِها ××× وروضاتِها، والثغرُ في الروضِ يبسمُ
ولله واديها الذي هو موعدُ المز ××× يـَدِ لِوَفْدِ الحُبِّ لو كُنْتُ مِنْهُمُ
بذيَّالك الوادي يَهِيمُ صَبابة ً ××× مُحبٌ يرى أن الصَّبابةَ مَغْنَمُ
ولله أفراحُ المُحبينَ عِنْدما ××× يُخَاطِبُهم من فوقهم ، ويسلمُ
ولله أبصارٌ ترى الله جهرة ً ××× فلا الضيمُ يَغشاها ، ولا هيَ تَسأمُ
فيا نظرة ً أهدَت إلى الوجه نَضْرة ً ××× أمِنْ بعدِها يَسلو المحبُّ المُتَيَّمُ
ولله كم من خيرة ٍ إن تَبَسَّمتْ ××× أضاءَ لها نورٌ من الفجرِ أعظمُ
فَيا لذَّة الأبصارِ إن هي أقبلتْ ××× ويا لذة الأسماعِ حين تَكَلَّمُ
ويا خَجْلَةَ الغصن الرطيب إذا انثنتْ ××× ويا خجلة الفجرين حين تَبَسَّمُ
فإن كنت ذا قلبٍ عليل بحبها ××× فلم يَبْق إلا وَصلُها لكَ مَرهَمُ
ولا سيَّما في لثمِها عند ضمِها ××× وقد صارَ منها تحت جِيدِكَ معصمُ
تراهُ إذا أبدتْ له حُسْنَ وجهِها ××× يَلذ ُّ به قبل الوصالِ ، وينعمُ
تَفَكّه منها العينُ عند اجتلائها ××× فواكهَ شتى ، طلعُها ليس يُعْدَمُ
عناقيدُ من كرم ٍ ، وتفاح جنة ٍ ××× ورمانُ أغصانٍ به القلبُ مغرَمُ
ولِلوَردِ ما قد ألبَسته خدودُها ××× وللخمرِ ما قد ضمَّه الريقُ والفَمُ
تقسَّم منها الحُسْـنُ في جمع ٍ واحد ٍ ××× فَيا عجباً من واحد ٍ يَتقسَّمُ
لها فِرَقٌ شتَّى من الحُسنِ أجَمِعَتْ ××× بجُملَتِها ، إنَّ السُلوَّ مُحَرَّمُ
تَذكر بالرحمن مَنْ هُوَ ناظرٌ ××× فـينطقُ بالتسبيحِ لا يتلعثمُ
إذا قَابَلَتْ جيش الهُمومِ بوجِهها ××× تولَّى على أعقابهِ الجيشُ يُهْزَمُ
ولمَّا جرى ماءُ الشابِ بغُصنِها ××× تيقَّـنَ حقاً أنه ليسَ يَهرَمُ
فيا خاطبَ الحسناءِ إن كنتَ راغباً ××× فهذا زمانُ المَهرِ فهوَ المُقدَّمُ
وكن مُبغضاً للخائِناتِ لحبِّها ××× فتَحظى بها من دُونِهنَّ وَ تَنْعَمُ
وكن أيِّما ممَّن سواها فَإنها ××× لمثلِكَ في جناتِ عَدْن ٍ تأيَّمُ
وصُمْ يومَكَ الأدنى لعلَّكَ في غد ٍ ××× تَفوزُ بعيد الفطرِ ، والناس صومُ
وأقدمْ ولا تقنعْ بعيش ٍ مُنَغـَّص ٍ ××× فما فاز باللَّذاتِ من ليس يُقدِمُ
و إنْ ضاقَتِ الدنيا عـلَيك بأسرِها ××× ولم يَكُ فيها مَنْزلٌ لَكَ يُعْلَمُ
فحيَّ عَلى جناتِ عدن ٍ فإنَّها ××× منازلُكَ الأولى وفيها المُخيَّمُ
ولكنَّنا سبي العدوِّ فهل تَرى ××× نَعودُ إلى أوطانِنا ونسلَّمُ
وقد زَعموا أنَّ الغريبَ إذا نَأى ××× وشَطَّتْ به أوطانُهُ فَهْوَ مُغرَمُ
وأيُّ اغتِراب ٍ فوقَ غُربَتنا التي ××× لها أضْحَتِ الأعداءُ فينا تَحكَّمُ
وحيَّ على روضاتها وخيامها ××× وحيَّ على عيش بها ليس يسأمُ
وحيَّ على السوقِ الذي فيه يلتقي المُحِـ ××× ـبون ذاكَ السوقُ للقوم مُعلمُ
فما شئتَ خُـــذْ منهُ بلا ثَمن ٍ له ××× فقد أسلَفَ التُّجارُ فيه وأسلَموا
وحيَّ على يوم المزيدِ الذي بهِ ××× زيارةُ ربِّ العرشِ ، فاليوم مَوسِمُ
وحيَّ على واد ٍ هنالِكَ أفْيَح ٍ ××× وتربَتهُ من أذْفَرِ المسكِ أعظَمُ
منابرُ من نور ٍ هناكَ وفضة ٍ ××× ومِنْ خالِصِ العقيانِ لا تتقصَّمُ
وكثبانُ مسك ٍ قد جُعِلْنَ مَقاعداً ××× لِمَنْ دونَ أصحابِ المنابر تُعلمُ
يرون به الرحمن - جل جلاله - ××× كرؤية بدر التمِّ ، لا يتوهمُ
وكالشمس صحواًَ من دون أفقها ××× سحابٌ ، ولا غيمٌ هناك يغيِّم
فبينا هُمُ في عيشِهم وسرورِهـم ××× وأرزاقـُهُم تجري عليهم وتُـقْسَمُ
إذا هُمُ بنور ٍ ساطع ٍ قد بدا لهم : ××× سلامٌ عـليكم : طبتمُ ، ونَعِمتمُ
سَلامٌ عليكُم يَسمعونَ جميعُهُمْ ××× بآذانِهم تَسْليمَه إذْ يُسَلِّمُ
يقولُ سَلوني ما اشْتَهَيْتُمْ فَـكُل ما ××× تُريدونَ عندي ، إنَّني أنا أرْحَمُ
فقالوا جميعاً : نحن نَسألُكَ الرِّضا ××× فأنتَ ، الذي تولي الجميلَ وترحَمُ
فَيعطِيهمُ هذا ، ويشهد جـمعُهمْ ××× عليهِ ، تعالى الله ، فالله أكرَمُ
ولكنَّما التوفيق بالله إنَّه ××× يخص به من شاء - فضلاً - وينْعمُ
فيا بائِعاً هَذا ببخس ٍ مُعجَّـل ٍ ××× كأنَّكَ لا تَدري ، بَلى سوفَ تَعْـلَمُ
فقـدِّمْ فدتكَ النَّفسُ نفسَكَ إنَّها ××× هي الثمنُ المبذولُ حين تسلَّمُ
وخض غمراتِ الموتِ وارقَ معارجَ الـ ××× ـمحبَّةِ في مرضاتهم تَتسنَّمُ
وسلِّم لهم ما عقدوك عليه إنْ ××× تُرد منهمو أنْ يَبذلوا ويُسلِّموا
فما ظَفِرت بالوصل نفـسٌ مهينةٌ ××× ولا فازَ عبدٌ بالبطالة ينعمُ
وإن تكُ قد عاقتك سُعدَي فقلبك الـ ××× ـمُعنَّي رهـينٌ في يديها مُسلَّمُ
وقد ساعَدت بالوصل غيرك فالهوى ××× لها منك والواشي بها يَتنعَّمُ
فدعها وسلِّ النفسَ عنها بجنَّةٍ ××× من العلم في روضاتها الحقُّ يَبسِمُ
وقد ذُلِّلت منها القطوفُ فمن يرد ××× جناها يَنله كيف شاء ويُطعمُ
وقـد فَتحتْ أبوابها وتزيَّنتْ ××× لخُطَّابها فالحُسنُ فيها مُقسَّمُ
وقد طاب منها نُزلُها ونَزيلُها ××× فطوبى لمن حلُّوا بها وتنعَّموا
أقام على أبوابها داعي الهُدى ××× هلمُّوا إلى دار السعادة تَغْنَمُوا
وقد غرسَ الرحمنُ فيها غراسهُ ××× من الناس والرحمنُ بالخلق أعلمُ
ومن يغرس الرحمنُ فيها فإنَّه ××× سعيدٌ وإلا فالشقاءُ مُحتَّمُ
Bookmarks