تذوق الموت قبل أن تذوقه
قال أبو ضرار الغنوي :
رأيت مية المنقرية و إذا معها بنون لها فقلت : صفها لي ، قال : مسنونة الوجه طويلة الخد شماء الأنف ، عليها وسم جمال
قلت : أكانت تنشدك شيئأ مما قال فيها ذو الرمة ؟
قال : نعم
و مكثت مية زمانا تسمع شعر ذي الرمة و لا تراه ، فجعلت لله تعالى عليها ان تنحر بدنة يوم تراه ، فلما رأته رأت رجلا دميما أسود ، و كانت من أهل الجمال ،
فقالت : و اسوأتاه ، و بؤساه ، فقال ذو الرمة :
على وجه مي مسحة من ملاحة و تحت الثياب العار لو كان باديا
ألم تر ان الماء يخبث طعمه و إن كان لون الماء أبيض صافيا
فواضيعة الشعر الذي لج فانقضى بمي و لم املك ضلال فؤاديا
و يروي ان ذا الرمة لم ير مية قط إلا في برقع ، فأحب أن ينظر إلى وجهها فقال:
جزى الله البراقع من ثياب عن الفتيان شرا ما بقينا
يوارين الملاح فلا نراها و يخفين القباح فيزدهينا
فنزعت البرقع عن وجهها ، و كانت باهرة الحسن ، فلما راها مسفرة قال:
على وجه مي مسحة من ملاحة و تحت الثياب العار لو كان باديا
فنزعت ثيابها و قامت عريانة ، فقال :
ألم تر ان الماء يخبث طعمه و إن كان لون الماء أبيض صافيا
فقالت له : اتحب ان تذوق طعمه ؟
قال : إي و الله
فقالت له : تذوق الموت قبل ان تذوقه .
Bookmarks