قام من نومه يبحث في صباحه عن نور الشمس ، لكنه لم يعثر عليه .. حاول فتح عينيه أكثر .. حدق في اللاشيء لعله يكسر ظلاماً أحاط بعينه..صرخ صرخة قوية .. نادى النور .. نادى أمه ...لم يأت النور .. لكن أمه أتت مهرولة إلى طفلها الصغير، وقد تسارعت دقات قلبها تنذرها بخطر ما قد حصل.
وصلت إليه ، فقال لها باكياً .. وهو يتلمس وجهها
- أمي أين نور الصباح..!! أين وجهك ؟
قالها وقد غرقت عيناه في نهر من دموع الألم والحسرة.
أجابته أمه وهي تحدق في عينيه ، وكلها دهشة وألم :
- ولدي ألا تراني .. ألا ترى النور .. كيف يختفي ، وهو مولود بعينيك؟
قالتها والخوف على وليدها قد جمد جسدها ، وحطم قلبها ..
ارتمى في حضن أمه لعله يغترف بعض من نور صدرها الذي طالما أنار أيامه . لكنه هذه المرة لم يعثر على النور ، فقد سيطر الظلام على عينيه!!
انتفض من حضن أمه ، وبدأ يتخبط في الغرفة ينادي النور . يضرب بكفيه الصغيرين نافذة غرفته ، ويصيح:
أيتها الشمس أين ذهبتِ ؟؟ أيتها العصافير إني أسمعكِ .. لماذا لا أراك!!؟
ضمته أمه بين ذراعيها باكية :
- ولدي لا تقول هذا الكلام .. بصرك موجود ، ونور عينيك لن يختفي أبداً .
وأخذت رأسه بين يديها .. واقتربت بوجهها نحو عينيه ، ودعت الله أن يكشف البلاء عن صغيرها ، وعن قلبها.. وتمنت في سرها أن تقتلع عينيها و تهباهما له .. لأنها لن تستطيع أبداً أن ترىالحياة وفلذة كبدها لا يرى.
هو طفلٌ لم تتعرف عيناه بعد على ألوان الحياة كاملة .. لم يرى إلا الشيء القليل ..كان يحب اللعب ..يحب الحياة ..كانت العصافير تنتظره كل صباح ، مثلما تنتظر الشمس.كان يخرج بكرته الصغيرة ليلعب أمام البيت الصغير، الذي يسكن فيه هو ، وأمه ، وأبوه الذي يعمل من الصباح الباكر وحتى الساعات الأخيرة من الليل .. حتى يؤمن لطفله الصغير وزوجته الشابة ما يحتاجون إليه.
كانوا سعداء بحياتهم رغم قسوة الأيام، وقلة المال..
حتى أصيب طفلهم الصغير بمرض في عينيه ، أحمرت عيناه فجأة بعد يوم طويل من اللعب.
فأخذوه إلى المستشفى ،، وهناك وضع له الطبيب الشارد .. قطرات في عينيه ، ليكون وجهه أخر شيء يراه...!!
بقلم (كمال شرف) هذيان قلم
Bookmarks