بسمه تعالى........ابدا

بينما كان يجلس وحيداً .. بعد إن اضطرته الظروف أن يبتعد عـن أسرتـه .. تحـرك داخله إحساسٌ غريب .. منبعثٌ من أعماق النفس الحسية .. في لحظـة كـان المجـال لاقتراف الذنب وارتكاب الخطيئة مهيئاً .. أخذت أفكاره تجمح بـه إلـى عالـم خيالـي ساحر .. عالم اللذة والاستمتاع .. عالمٌ وردي وليالي حمراء .. أخذتـه أفكـاره حتـى تخيل أنه صار وسط هذا العالم الجميل .. فهاهو يبحر في بحره طولاً وعرضاً .. وهاهو يجني ما لذّ من ثماره .. ويغترف مما طاب من أنهاره .. وهاهـو يحلـق فـي سمائـه ويشاهد بعينيه ما لم يشاهده أبداً .. فهذا كل محظـور متـاح .. وهـذا كـل مرغـوب يسير .. عاش هذا الحلم الجميل في يقظته .. وعلى الرغم من أنه تمنـى لـو أنـه لـم ينتهي .. إلا أنها العادة .. فلكل شـيء نهايـة .. وهاهـي أفكـاره ترسـو بـه علـى شاطئ الخيار .. شاطئ اتخاذ القرار .. ومـا أن ألقـت بـه حتـى تخطفتـه أفكـار أخرى .. فهل اقترافه لهذه الخطيئة فرصـة للاستمتـاع عليـه أن لا يفوتهـا .. أم أن عليه أن يحافظ على السور الحصين الذي أحاط به نفسه منذ سنوات وسنـوات .. هـذا السور الذي أقامه على الاستقامـة .. وعلـى الالتـزام .. وعلـى التقـوى .. وعلـى الورع .. وعلى الشرف .. وعلـى المحافظـة علـى طاعـة الله وعبادتـه قبـل كـل شيء .. هذا السور الذي جعله لكل من يعرفه مثالاً يشار إليـه بكـل جميـل .. فهـل اقترافه لهذه الخطيئة سيكون خرقـاً بسيطـاً للقاعـدة .. وتفريغـاً لمشاعـر شهوانيـة عارضة .. وهل ستكون هي الأولى والأخيـرة .. أم أنـه سيكـون تكسيـراً يصعـب إصلاحه لسـوره الحصيـن .. وبدايـةُ السيـر للاستمتـاع بورديـة وجمـال البحـر المظلم .. تسائل قائلاً .. طالما أننـي لسـت معصومـاً فمـا المانـع أن أخطـئ ؟؟!! وعندها ... تحرك داخلـه إحسـاس ليـس بغريـب .. منبعـث مـن أعمـاق نفـس أخرى .. وسمع صوتاً داخله يقول .. إذا استطعت أن تجد مكانـاً لا يـراك فيـه أحـد في هذه الدنيا فاقترف ما شئت من الذنوب .. فأحس لحظتها أنه لـم يكـن مثلمـا كـان يعتقد وحيداً .. وأن هناك من ينظر إليه ومن يستحـق أن يستحـي منـه .. فاستجمـع أفكاره من جديد .. وحاول كبح جماحها من الاسترسال في تخيل متعـة اللحظـة التـي تدعوه إلى أن يعيشها .. وحاول إجبارها على التفكير فيما بعد هذه اللحظـة .. بعـد أن تذهب الشهوة وتتغير الأفكار وتتبدل ... تذكر القول ... رب شهـوة لحظـات أثـرت ندماً طويلاً .. بدأ بتخيل نفسه بعد ارتكاب فعلته .. كيف سأتقبل نظـرات والـديَّ التـي يملؤها الحب والثقة والافتخار .. كيف سأتقبـل نظـرات زوجتـي .. كيـف سأتقبـل نظرات أخواني وأخواتي .. كيف سأتقبل براءة النظـرات والضحكـات المتدفقـة مـن الأطفال .. ونظرات الإقتداء المنبعثة من الأكبر منهم سنـاً .. كيـف سأتقبـل نظـرات كل من ينظر إلي باحترام .. هل سأكون بعدما جنيت أهـلاً لكـل هـذا .. ألـن يكـون مظهري خادعاً لكل من يعرفنـي .. ألـن يكـون جوهـري علـى غيـر مـا يعتقـده الآخرون .. أليست هذه خيانة .. وقبل كل هـذا وذاك .. أيـن .. وكيـف .. سيكـون وقـوفـي بـيـن يــدي .. ربــي .... آآآآآه .... كــم سـأكـون حـقـيـراً .


أفكـارٌ .. فاختيـارٌ .. فقـرارٌ ... الله العالـم بعـد هـذا كلـه مــا سيـكـون ؟

تحياتي للجميع
أخوكم // ابوراكد