حصريا : وهنئيا لكم يا أهل اليمن هذه المنفبة الفريدة !
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله القائل ((وَمَنْ أَحْسَنُ دِيناً مِمَّنْ أَسْلَمَ وَجْهَهُ لله )) ، والصلاة والسلام على نبيه القائل ((:(( إذا همّ _أراد_ أحدكم بالأمر فليركع ركعتين من غير الفريضة...))، وعلى آله وصحبه أجمعين .أما بعد.
السلام عليكم
الإمام الشافعي يُمْـتحَن في فراسته بعد أن تعلمها في اليمن
ليس من السهل على الإنسان العادي أن يرى جهده الطويل قد أصبح سراباً لا يغني ولا يسمن من جوع ، فكيف إذا كان ذلك الإنسان عالماً ربانياً من الذين يحرصون على الدقيقة قبل الساعة، ثم عند أول امتحان يجد أن ما تميز به وتفرد مخالف للحقيقة العلمية التي كان يظنها ويعتقدها ، فلا شك سيشعر حينها بندم كبير على ما فرط من وقته وبهم أكبر ماذا يفعل بالكتب التي جمعها، فأقل أحواله حينئذٍ سيحرقها.
ثم تصور كم ستكون فرحته عندما يعلم أنه اجتاز الامتحان بنجاح ، فالإمام الشافعي له قصة في هذا الشأن جمعت بين مرارة المعاناة وحلاوة النجاح.
قال الحميدي سمعت الشافعي يقـــــــــول:
خرجت إلى اليمن في طلب كتب الفراسة حتى كتبتها وجمعتها ثم لما حان انصرافي مررت على رجل في الطريق وهو محتب بفناء داره، أزرق العين ناتئ الجبهة سناط - أي ليس في لحيته شعر -.
فقلت له : هل من منـزل.
فقال: نعم.
قال الشافعي : وهذا النعت أخبث ما يكون في الفراسة، فأنزلني فرأيته أكرم ما يكون من رجل، بعث إليَّ بعشاء وطيب وعلف لدابتي وفراش ولحاف، فجعلت أتقلب الليل، أجمع ما أصنع بهذه الكتب، إذ رأيت النعت في هذا الرجل، فرأيت أكرم رجل، فقلت: أرمي بهذه الكتب.
فلما أصبحت قلت للغلام: أسرجْ فأسرجَ، فركبت ومررت عليه، رجاء له إذا قدمت مكة، ومررت بذي طوى فأسأل عن محمد بن إدريس الشافعي .
فقال لي الرجل أمولى لأبيك أنا ؟.
قال قلت : لا .
قال: فهل كانت لك عندي نعمة.
فقلت : لا .
فقال : أين ما تكلفته لك البارحة .
قلت : وما هو، قال: اشتريت لك طعاماً بدرهمين و إداماً بكذا وكذا وعطراً بثـلاثة دراهم وعلفاً لدابتك بدرهمين وكراء الفرش واللحاف درهمان.
قال قلت : يا غلام أعطه، فهل بقي من شيء، قال كراء البيت، فإني قد وسعت عليك وضيقت على نفسي.
قـال الشافعي : فغبطت بتلك الكتب فقلت له بعد ذلك هل بقي لك من شيء .
قــال: امضِ أخزاك الله فما رأيت قط شراً منك(1) . 1.هـ
وقفة تربوية وإيمانية للتأمــل :
1) تأمل صيغة غلظة سؤال الرجل (( أمولى لأبيك أنا ؟ )) ، ألا ترى فيه سؤالا تهكميا ؟.
2) ثم تأمل إجابة الإمام الشافعي ، ( لا) ، ألا ترى فيها : دقة ، تحديد ، اختصار ، وإفادة للمطلوب ؟ .
3) ثم تأمل كيف تكون ردة فعل أحدنا إذا حصل له مثل ذلك ؟.
وخير الختام السلام من السلام ، فالسلام عليكم ورحمة الله .
والحمد لله الذي بنعمته تتم الصالحات .
Reply With Quote
Bookmarks